كتب الدكتور رودريك نوفل
هكذا هي!
نعم هذه حال حزب الإحتلال الإيراني الذي يسمّي نفسه “حزب الله” و هو لا يملك رخصة حزب و لا يمُتّ إلى الله عزّ و جلّ بأية صفة.
هو هكذا مع أمينه العام الذي إكتسب لقباً وإسماً جديداً في الشارع المعارض الذي يضم الثورة و المعارضين و السياديين الذين أصبحوا عملة نادرة، تسميات إكتسبها يوم ٨/٨/٢٠٢٠ بعد ٤ أيّام على تفجير المرفأ و دمار نصف العاصمة و مقتل خيرة اللبنانيين، ويومها تم تعليق مشانق تحمل مُجَسّمه.
هو ذلك الإحتلال الذي أوهم البعض أنّه يتحكّم بالبلد ويأتي برؤساء كما قال نوّاف الموسوي يوماً قبل أن يخالف الأخير القانون و يهجم على أحد المخافر و يطلق النار ويذهب بلا عقاب.
هو نفسه الإحتلال الذي يخرج منه وفيق صفا ليدخل إلى العدلية و يهدد القضاء والقضاة و يمضي من دون محاسبة.
هو نفسه الذي هدّد الإسرائيلي أنه إذا أتى عمودياً سيذهب حتماً أفقياً، في حين أنً الذي أقرّ به “نصرالله” يوم أطلّ عبر التلفزيون في أيلول ٢٠٢٢ هو أنه يسير بمفاوضات معه أي مع إسرائيل.
طبعاً سيعملون على إخفاء التاريخ من خلال محو الفيديو أو هذا الجزء منه كما فعلوا سابقاً مع فيديو متلفز خلال حرب ٢٠٠٦ في شهر آب، حين ظهر نصر الله ليقول و يطلب من كل الذين يريدون مساعدته وحزبه أن يأتوا لهم بـ”وقف إطلاق النّار”. صحيح أنّه ممكن لأيّ كان محو أي معلومة مدوّنة أو مسجّلة لكن لا يمكن لأحد أن يمحي ذاكرة جماعيّة.
نفس الغش استعمله بعد ذلك الوقف لإطلاق النار ليظهر ويعلن نصراً واهماً من دون تحقيق أي خسارة فعلية عند العدو، فالخسائر تكبّدناها نحن ولبنان بشرياً و مادياً و معنوياً فقط لأنّنا نأويه.
و يروي شهود عيان رافقوا المرحلة أن الوسيط حينها بين هذا الحزب وبين رئيس حكومة لبنان حينها فؤاد السنيورة كان الشهيد الذين إغتالوه لاحقاً “وسام الحسن”، والذي كان يربط بين وفيق صفا ممثلاً جماعته و بين السنيورة. وبالحرف الواحد قال وقتها بعد ما شكروه على مساعيه “طب خففوا قواص علَيّ” ليتعرض للاغتيال في شهر تشرين الأوّل ٢٠١٢ بنفس الطريقة التي اغتيل فيها الرئيس الشهيد رفيق الحريري في شباط ٢٠٠٥، وقتلة الحريري وكل ثورة الأرز معروفون حسب أعلى مرجع دوَلي في العالم و هو المحكمة الدوَليّة في لاهاي.
هو الاحتلال الذي حمل شعار “نحمي و نبني” موهماً الجميع بأنّهُ يحمي بيئته التي تئن فقراً وجوعاً وعوزاً، كما كل اللبنايين.
هو بالفعل يحمي نظام الكيماوي في سوريا و نظام خامنئي القمعي في بلاد الفرس التي أُخضعت لولاية الفقيه.
إيران ولبنان هما بلدان يتمنيان أن يعود بهما الزمن خمسين عاماً إلى الوراء… لبنان المحتل من حزب الاحتلال الإيراني وإيران المحتلّة من ولاية الفقيه و التي ترزح تحت الطغيان!
خمسون سنة مضت كان البلدان ينعمان خلالها بأعلى مستويات التقدّم و التطوّر في المنطقة، فكانا بلدا الحريات والمؤتمرات و السياحة والانفتاح و العلم و اللغات والحضارات الأقدم و الطبابة الأكثر تطوّراً و ميّزات عدّة يفتقر إليها شعبهما القابع تحت الاحتلال بدءاً من أدنى حقوق الإنسان من مأكل و مشرب و طبابة وحق التعليم و شبكات الأمان الإجتماعي إلى أسماها و هي الحريات، والشاهد الأكبر هو قمع الاحتجاجات و ازدياد الاغتيالات.
هذا الاحتلال يطالب اليوم برئيس يحميه بعد أن أوهمنا أن توازن الرعب هو في مسيّراته التي رسّمت الحدود، وفي تهديداته التي أربكت العدو، وفي صواريخه التي يدّعي أنها تهدد العدو ويخشاها الأخير يومياً.
هو نفسه يخاف من رئيس ينفذ الدستور و الشرعيات العربيّة و الدولية و يطالب بتطبيق فوري لقرارات الأمم المتحدة!
هو يعترف اليوم بضعف بعد أن تباهى بقوّة قبل أيّامٍ قليلة.
كان قوياً عندما وقّع لبنان الترسيم في ٢٩ تشرين الأوّل، وفي منتصف تشرين الثاني صار يريد حمايةً لظهره.
حتماً إنّه الدجل السياسي الهوليوودي في أوضح تجليّاتهِ!!!
اليوم يريد حزب الاحتلال الإيراني فرض رئيس للبلاد ويقولها للوطنيين بلغة “تعالوا إلى التسوية” على مبدأ: “مَن يفيدني يفيدك ومَن يفيدك لا يفيدني”. بكلام آخر، هو يريد رئيساً على قياسه و دميةً يحركها بيده كما الأسبق.
هو يعرف أن عامل الوقت يؤذينا فلا يعاني منه و لا يجعله أولويّة حقيقية مع أنه يُطلق أشعاراً و بيانات تجعلنا لوهلة نصدّق أنّه في سباق مع الزمن.
يترقّب و ينتظر اللحظة المناسبة بعد أن ينازع منافسوه لينقضّ على البلد بالسياسة و الضغوطات كما فعل سنة ٢٠١٦، أو إذا اقتضى الأمر ببعض الاغتيالات ليسرّع وتيرة الوقت لصالحه إذا ارتأى أنّ موازين الظروف الإقليمية بدأت تميل للجهة المقابلة، فيرغم الآخرين بمبدأ “اليوم مع أي رئيس أفضل من “الغد من دون رئيس”، وتحت ضغط التصفيات الجسديّة.
موازين القوى و تقلّبات المنطقة اليوم و خاصةً في إيران ليست لمصلحته مع ما يحدث من ثورات على الإحتلال الداخلي المتمثل بولاية الفقيه.
إن مَن يحمي و يبني فعلياً يحمي الحاضر المشرق بنسمات تفاؤل و يبني المستقبل المليء بالآمال، كيف بالحري إذا كان هذا الحاضر مأساوياً و جهنمياً والمستقبل مسروقاً كما أحلامنا و مسدود الأفق كرؤية مسؤولينا المولَجين بالبلد.
الحزب اليوم انتقل من مرحلة “نحمي و نبني” إلى مرحلة “نبكي و نهوي”، فهو يبكي على سقوط قناع الوهم الذي لطالما باعه لجمهوره و يهوي رويداً رويداً مع إيران المتهاوية خلف حجاب “مهسا أميني ورفاقها” و وراء عمامات الطغاة المتطايرة.
لا يبقى على اللبنانيين إلّا التشبّه بالشعب الإيراني الثائر و المنتفض على إحتلال الفقيه لبلاده، فواقع “الإحتلال الإيراني” ليس عنواناً فضفاضاً بل مفصلاً تاريخياً يفرز الوطنيين الذين أختاروا أن يموتوا واقفين و أصحاب المصالح السياسيين الذين إختاروا العيش زاحفين.