كتب عضو "الجبهة السياديّة من أجل لبنان" الدكتور شربل عازار تحت عنوان "في خلاصة الأسبوع"،
كانت لافتة عظة البطريرك الراعي يوم الأحد الماضي حيث تمنّى "أن تفرز الانتخابات النيابيّة نوّاباً احراراً لاختيار وجهة لبنان المقبلة. فالمجلس النيابي المنتخب هو من سينتخب رئيس الجمهورية الجديد.وإن المطلوب منع الالتفاف على هذا الاستحقاق آمِلاً نجاح القوى المناضلة الرافضة للأمر الواقع والهيمنة والانحياز والإساءة الى الدول الشقيقة والصديقة والمطالبة بتنفيذ القرارات الدولية".يعني يتمنّى غبطته وصول الفكر السيادي والسياديّين الى الندوة النيابية لتغيير مسار الأمور.
وعلى النقيض، وكعادة قيادات الحزب، كان هناك خطاب تهويلي طويل لنائب أمين عام حزب الله هاجم فيه بشكل عنيف جدّاً القوات اللبنانيّة.طبعاً لا يهاجمون القوات إلّا عن فترة الحرب التي انتهت منذ اثني وثلاثين سنة والكلّ يعرف أنّ للحرب أسبابها وظروفها وقوانينها وأدواتها ولا يجوز اسقاط فترة الحرب على أيام السلم، هذا بالأساس، وبالمناسبة أعجب ممّن يُعيّرون القوات بالحرب وهم من رموزها !!من الأجدى أن تتمّ محاسبة جميع وزراء ونواب القوات على ادائهم بعد انتهاء الحرب واندماجهم بالدولة لنعرف من منهم سرق أو هدر أو التزم مشاريع أو استفاد من موقعه أو خالف الدستور والقوانين لكي نحاكمه ونعاقبه. إذا وجدتم دلّونا عليه.إنّ العودة الى نبش قبور الحرب والماضي هي دليل افلاس ناكئي الجراح في الحاضر والمستقبل.
وكذلك هاجم نائب أمين عام حزب الله كل من يخالفه الرأي متهماً جميع معارضيه بأنّهم عملاء للسفارة الامريكية وأذناب إسرائيل. وكانت جملة سياسيّة واحدة واضحة قالها عضو "الجبهة السياديّة من أجل لبنان" الأستاذ شارل جبّور، كانت كافية لتستدعي حرباً إعلاميّة عليه من أتباع المحور أستعملت فيها كل مفردات التكفير والخيانة والتخوين والعمالة إضافة الى التهديد والوعيد والترهيب وصولاً الى هدر الدم.من إيجابيات "المآسي" التي نعيشها بسبب هيمنة الحلف الثنائي أي حزب الله والتيّار "الوطني" الحرّ على مفاصل الدولة ومقدّرات الوطن، أنّ الأمور أصبحت واضحة للعيان وحتى للعميان (المقصود أعمى البصيرة لا البصر).
مشروعان متناقضان يتصارعان على مستقبل لبنان
مشروع محور اقليمي تقوده إيران بطموحات امبراطوريّة فارسيّة توسّعيّة للسيطرة التامّة على ما استطاعت من دول وشعوب المنطقة،
مشروعٌ سَخَّرَت له إيران في لبنان احد أبرز جيوشها الخارجية الذي تفتخر به أي حزب الله، الذي بدوره وجد في لبنان متسوّلين للسلطة بأيّ ثمن، فكان الاتفاق المُضمَر بينهما في كنيسة مار مخايل وقوامه،
تعطونا الدولة والقرار، ونعطيكم المراكز الصورية الفارغة من أيّ معنى، وهذا ما كان.(الردّ على المبادرة الكويتية الخليجية العربية الدولية التي حملها وزير خارجية الكويت مؤخرّاً الى لبنان خير دليل على عجز الرئاسات والوزارات والتيارات المنضوية تحت راية المحور عن مقاربة أيّ موضوع أساسي كالقرار ١٥٥٩، فالأمر لِوَليّ الأمر).
من الطبيعي أن يسعى طرفا مار مخايل، وهما صادقين الى أقصى الحدود في حلفهما، الى التجديد والتمديد لإتفاقهما الى ما لا نهاية، غير آبهين بوصول اللبنانيّين الى أبواب جهنّم، وهذا طبيعي لأن أجندة أحدهم غير لبنانيّة وغير عربيّة وأجندة الثاني سلطوية نَيْرونيّة (نسبة الى نَيْرون) حتى لو إضطرَّهُ الأمر الى استجداء السلطة من دمشق، وبالمناسبة أصبح واضحاً أنّ التيّار "الوطني" الحرّ سيتحالف مع غريمه حركة أمل في الانتخابات النيابية المقبلة، وكل ما ساقه بحقّها سابقاً كان على سبيل الدَلَع.
المشروع الآخر هو مشروع اللبنانيّين السياديّين المتمسّكين بوطنهم الحاضن لجميع أبنائه في ظلّ دولة حياديّة قويّة قادرة بقواها الذاتية الشرعيّة على حماية حدودها وأمنها، دولة يتساوى فيها الجميع ويخضعون للدستور والقوانين والقضاء،دولة ملتزمة الشرعيّتين العربية والدولية وملتزمة بتنفيذ قرارتها دون تحايل أو تذاكي.
الانتخابات النيابية المقبلة هي فرصة استثنائية لتقرير مصير هذا الوطن.
فإمّا نقترع لذات المنظومة الحاكمة والمتحكمة والمحكومة من المحور الخارجي وبالتالي، لن تقف الامور على باب جهنّم بل سنغوص الى قعر القعر وسنَتَرَحَّم على الكوارث التي نعيشها اليوم،وإمّا أن نَتَّحد كلبنانيّين سياديّين من كل المناطق والطوائف والمذاهب لنقول بالصوت العالي والرأس المرفوع،نُريد استرجاع وطننا من فَمِ تنّين الصراعات والحروب الاقليمية التي لا ناقة لنا بها ولا جمل،لأنّنا اشتقنا الى لبنان الحضارة والثقافة والعلم والفنّ والمسرح والمدرسة والجامعة والمستشفى والسياحة والصناعة والتجارة والكهرباء والماء والخدمات،
لبنان الذي كان في الطليعة قبل حكمكم وتحكمكم، أتيتم، فحلبتموه واستنزفتموه وعصرتموه ورميتموه في أسفل درك وتُكملون دون أن يرفّ لكم جفناً.يوم الحساب قريب،لن يسامحكم اللبنانيّون،هل يسامحكم الله؟