تعيش المنطقة حالة تأهّب قصوى، فإسرائيل تنتظر الرد الإيراني من الشرق ورد “حزب الله” من الشمال، في حين يلعب الأخيران لعبة الحرب النفسية، فيؤخران الرد لكن في الوقت نفسه يحضّران له ويسوّقان له عبر العالم الافتراضي، وهذه الإجراءات جزء من المعركة العسكرية الكبيرة.
تكثر التوقعات حول موعد الرد وشكله، لكن ثمّة إجماع على أن الردود حتمية، ومن المفترض أن تحصل في الساعات أو الأيام المقبلة، على اعتبار أن مراسم العزاء برئيس المكتب السياسي لـ”حماس” اسماعيل هنية والقيادي في “حزب الله” فؤاد شُكر انتهت، والوقت حان للرد.
ما يُعزّز من توقعات اقتراب موعد الرد التحذيرات الدولية من خطر الوضع الأمني في لبنان، ودعوة دول عدّة، على رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا التي سحبت عائلات طاقمها في لبنان، بالإضافة إلى السعودية والأردن وغيرها من الدول، الرعايا لمغادرة لبنان فوراً وبأي بطاقة سفر متاحة.
في السياق، تتعاظم المخاوف من اندلاع الحرب الشاملة في حال كان رد إيران و”حزب الله” قاسياً إلى درجة لا تتحمّله إسرائيل فترد بقسوة أكثر، لكن بعض المراقبين يخشون من أن تكون إسرائيل تنتظر رداً إيرانياً قاسياً لجر المنطقة إلى الحرب الشاملة.
مصادر متابعة تُشير إلى أن إسرائيل “لا تُريد انتهاء الحرب، والدليل على ذلك اغتيال هنية وتطيير مساعي وقف إطلاق النار، والخوف يكمن في احتمال مُحاولتها توسيع الاشتباك من خلال استفزاز المحور الإيراني عبر اغتيال هنية وشُكر، وذلك بعدما عاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من الولايات المتحدة حاشداً دعماً شبه مفتوح لبلاده”.
وفي حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، تلفت المصادر إلى أن “المنطقة ستبقى على حافة الهاوية حتى موعد الانتخابات الأميركية، فنتنياهو يستغل واقع أن الإدارة الأميركية الحالية تعيش آخر أيامها، وبالتالي فإن لا ضغوط أميركية قادرة على ثنيه عن أي مغامرات، ونتنياهو قد يستغل أي رد إيراني لإشعال فتيل حرب واسعة يجر خلالها الولايات المتحدة إلى الميدان”.
الأميركيون أكّدوا عدم رغبتهم في توسيع الصراع لا بل إنهائه، وأشاروا إلى أن كل القطع البحرية والجوية التي انتقلت إلى منطقة الشرق الأوسط في الأيام الأخيرة هدفها الدفاع والردع، لكن في الآن عينه فإن الخوف من جرّ إسرائيل الولايات المتحدة إلى اشتباك واسع دون أفق مع إيران، وذلك بعد الرد الإيراني المنتظر.
في هذا السياق، تم التداول بمعلومات مفادها أن إيران تلقّت رسائل دولية لاحتواء التوتر الإقليمي برد “ضمن أطر الاشتباك”، لكن القادة الإيرانيين أكّدوا نيتهم الرد بشكل حازم على إسرائيل. لكن الكرة ليست في ملعب إيران فقط، حتى ولو كان ردها مقبولاً، ففي حال توافرت نوايا تصعيدية لدى إسرائيل، فإن الأخيرة قد تستغل أي حدث أمني أو عسكري لإشعال المنطقة.
هذه الأجواء عكسها نتنياهو ووزير حربه يواف غالانت، ففي حين هدّد نتنياهو وقال إن إسرائيل سترد على أعدائها “الضربة بضربتين”، مشيراً إلى أن “خطوط إسرائيل الحمراء معروفة، وسنرد على كل محاولة لانتهاكها”، محذراً من أن “يدنا الطويلة تصل إلى غزة واليمن وبيروت وإلى كل مكان يكون ذلك مطلوبا فيه”، قال غالانت “إذا تجرأ العدو على مهاجمتنا، فسوف يدفع ثمناً باهظاً”.
إذاً، فإن المنطقة على كف الرد الإيراني والنوايا التصعيدية الإسرائيلية، وفي حال كان الرد الإيراني قاسياً وخارج أطر الاشتباك المتوقعة، فإن الأفعال الإسرائيلية لن تكون مضمونة، خصوصاً وأن الحروب العبثية توسم صورة حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة التي لا تؤمن سوى بالدم والعنف.