في بلد يعاني من أزمة كهرباء خانقة منذ سنوات عدّة، تشكّل تجربة "كهرباء زحلة" نموذجًا فريدًا للنجاح، إذ استطاعت أن تؤمّن التيار الكهربائي على مدار الساعة، حتى في ظل الانهيار الاقتصادي والحروب والتحديات المتزايدة.
ناجي جريصاتي: لا نطلب المال من الدولة.. بل الوقت الكافي
بحسب نائب المدير العام لشركة كهرباء زحلة، المهندس ناجي جريصاتي، فإن الشركة انتقلت من امتياز خاص إلى عقد تشغيل مع مؤسسة كهرباء لبنان، لتصبح نموذجًا مطبّقًا لما يُعرف اليوم باللامركزية – كهربائية، إدارية ومالية. ويرى جريصاتي أن هذا النموذج أظهر نتائج "جيّدة جدًا" في مجال توزيع الطاقة، لكون الأزمة الأساسية في لبنان تكمن في ضعف التوزيع، لا الإنتاج.
كهرباء زحلة تنتج وتوزّع الكهرباء من خلال شبكة خاصة، وتؤمّن التيار الكهربائي 24 ساعة في اليوم للمناطق التي تغطّيها. ويوضح جريصاتي أن الشركة تعتمد على الكهرباء التي تصل من مؤسسة كهرباء لبنان، وتكمّلها من خلال معملها الخاص، ما يوفّر التيار للمواطن عبر شبكة موحّدة وبصيانة دائمة. وأكّد أن أعطال الشبكة تُعالَج فورًا، حتى في الليل، مشيرًا إلى أن نسبة الهدر الفني وغير الفني لا تتعدى 5 إلى 7 في المئة، وهي ضمن المعدلات المقبولة عالميًا.
وفي ما يتعلّق بالتعرفة، فهي تُعدّ الأرخص في لبنان، في حين تبلغ نسبة الجباية نحو 100%. وتُطبّق الشركة نظام ISO ومؤشرات KPI المطابقة للمعايير العالمية في توزيع الطاقة. كما ركّبت حتى اليوم 10 آلاف عدّاد ذكي، بالإضافة إلى عدّادات Net Metering، التي تسمح بربط الطاقة الشمسية المنزلية بالشبكة العامة.
وفي سياق متّصل، تعمل كهرباء زحلة بشكل فعلي على تطوير مصادر الطاقة المتجددة، خصوصًا الطاقة الشمسية، في محاولة لتقليل استهلاك الوقود والانبعاثات، من خلال خطوات تنفيذية ملموسة لا مجرّد وعود.
ويؤكّد جريصاتي أن الشركة تمتلك مشاريع واضحة للمستقبل، إلا أنها اليوم تسيّر مرفقًا عامًا من دون إطار قانوني واضح، ما يعيق قدرتها على التطوير والاستثمار.
وعلى الرغم من الاهتمام الإقليمي والدولي المتزايد بقطاع الطاقة في لبنان، تبقى كهرباء زحلة من دون أي ضمانات رسمية، وهو ما يهدّد استمرارية هذا النموذج الناجح.
ويختم جريصاني بالقول: "نحن لا نطلب المال من الدولة، بل الوقت والمساحة الكافية للعمل وتطوير المشاريع. نريد دمج الطاقة التقليدية مع الطاقة المتجددة، وإدخال تقنيات تخزين الكهرباء خلال ساعات الذروة، إلى جانب استكمال مشروع العدّادات الذكية والشبكة الذكية. إذا لم نتطوّر، سنتراجع. كل ما نطلبه هو أن يُسمح لنا بالتطوّر، لأن كهرباء زحلة لا تقبل العودة إلى الوراء، وشعارها سيبقى دائمًا: دائمًا نحو الأفضل".