أبلغ رئيس الجمهورية جوزاف عون المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي خلال استقباله له قبل ظهر اليوم الخميس، في قصر بعبدا، أنّ لبنان يريد عودة النازحين السوريين الى بلادهم في أسرع وقت ممكن، لا سيما بعد زوال الأسباب التي ادت الى نزوحهم الى لبنان.
وطلب الرئيس عون من غراندي المباشرة بتنظيم مواكب العودة للنازحين، داعياً المجتمع الدولي الى توفير الدعم المادي والانساني لتحقيق هذه العودة، لا سيما وأنّ بعض الدول بدأت فعلياً بإعادة النازحين السوريّين الى بلادهم.

وأعرب الرئيس عون عن أمله في أن يستمر التعاون بين لبنان والمفوضية، في سبيل تحقيق الأهداف المشتركة.
واستقبل الرئيس عون غراندي صباح اليوم، ترافقه مديرة مكتب المفوض السامي في جنيف شهرزاد طادجباخش، والمديرة الإقليمية لمكتب المفوضية في الشرق الأوسط وشمال افريقيا ريما جاموس، وكبيرة المستشارين لشؤون الاتصالات لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا رولا أمين، وليزا أبو خالد، وحسام الحريري.
في مستهل اللقاء، هنّأ السيد غراندي الرئيس عون على انتخابه، واستذكر لقاءهما خلال شهر تشرين الأول الماضي، منوّهاً بما أبداه الرئيس عون من إيجابية وقيادة حكيمة على رأس المؤسسة العسكرية.
ولفت غراندي الى تقديرات المفوضية بعودة أكثر من 200 ألف نازح سوري الى بلادهم من الدول التي نزحوا اليها بما فيها لبنان وسوريا والأردن وغيرها، وذلك منذ تغيير النظام في سوريا في الثامن من كانون الأول الماضي، أشار الى أنّ “هناك عدداً آخر يرغب أيضا في العودة”، لافتاً إلى أنّ استطلاعاً للرأي تقوم به المفوضية يظهر زيادة عدد الراغبين بالعودة من حوالي 1% الى 30%، في غضون أسابيع.

وأكّد أنّ “رسالتنا اليوم هي أنّنا نريد أن نستثمر بما تحقق ودعم العائدين وقد باشرنا بالفعل في ذلك”، لافتاً الى أنّ علاقة المفوضية مع السلطات الجديدة على امتداد الأراضي السورية بناءة “وهم باشروا بإعطاء أولوية لمسألة عودة النازحين”، مشيراً الى أنّ “المفوضية ترغب في العمل مع لبنان على بناء طريقة عملية لدعم هذه العودة، والى أهمية الدور الذي يمكن أن يلعبه رئيس الجمهورية مع المجتمع الدولي تحقيقاً لذلك”.
وردّ الرئيس عون مرحباً بالوفد، مشدداً على أنّ “الهدف الأساس يجب أن يكون عودة النازحين الى بلادهم لا بقاءهم في لبنان الذي لم يعد باستطاعته تحمل عبء ما يشكلونه عليه على مختلف المستويات”، لافتاً الى “عودة عدد من النازحين بعد التطورات الأخيرة في سوريا”، وأشار في المقابل الى أنّ “هناك عدداً آخر قد دخل الى لبنان بعد تلك التطورات”.
وأوضح الرئيس عون أنّه “نريد عودة النازحين في أقرب فرصة ممكنة ونحن حاضرون للتعاون معكم في شتى الوسائل”، مشدداً على “أهمية العمل على وقف التسلل عبر جانبي الحدود بين البلدين”.
وبعد اللقاء، أدلى السيد غراندي بالتصريح التالي: “قدمت التهاني لرئيس الجمهورية على انتخابه. لقد وصلت الى لبنان في مستهل زيارتي الى المنطقة والتي ستستغرق نحو أسبوع، حيث سأزور سوريا وتركيا والأردن. إنّ هدف الزيارة هو البحث في مسألة النازحين السوريين، في ظلّ التغييرات السياسية الجديدة في سوريا والتي نعتقد أنّها ستفسح المجال أمام هؤلاء النازحين للعودة الى بلدهم ومغادرة الدول التي تستضيفهم، ومن بينها لبنان الذي كان كريماً جداً وبالغ الصبر في استضافتهم قرابة 14 عاماً.”
أضاف: “منذ سقوط النظام السوري في 8 كانون الاول الفائت، فقد عاد، وفق تقديراتنا، نحو 200 الف سوري الى بلدهم من مختلف أنحاء العالم. تذكرون أنّه خلال الحرب الأخيرة التي شهدها لبنان في أيلول وتشرين الأول الماضيين، عاد بالفعل أكثر من 450 الف نازح سوري. وبالتالي، نجد أنّ هناك عدداً مهماً من النازحين قد عادوا وهم يحتاجون الى الدعم لتكون هذه العودة دائمة. لذلك، من المهم تأمين الدعم المادي ولكن أيضاً إعادة الحياة الى المناطق التي سيحلّون فيها، وإلّا فسيعمدون الى المغادرة مجدداً وربما العودة الى الدول التي كانت استضافتهم. من هنا، ناشدت، خلال لقائي الرئيس عون، وجوب العمل معاً مع الدول المانحة، لضمان وصول المساعدات الى سوريا لتثبيت العودة وفتح المجال أمام الآخرين ليعودوا ايضاً، فهناك مئات الآلاف من النازحين لا يزالون هنا في لبنان وفي تركيا والأردن وغيرها من الدول”.
وأشار إلى أنّ اللقاء مع الرئيس عون “كان ايجابياً جداً، وعلى الرغم من المشاكل الرئيسية التي يواجهها أكانت سياسية أو عسكرية، إلّا أنه يركّز كثيراً على هذه المسألة وهو على توافق معنا حول الطريقة التي يجب أن نعمل بها”.
وتابع: “سأزور أيضاً الرئيسين نجيب ميقاتي ونواف سلام اليوم، للبحث في أمور أكثر عملية حول كيفية تسريع العودة. المهم هو أن نتذكر أنّ السلطات السورية الجديدة رحبت بعودة النازحين وهو أمر جيد، ويجب عليها أيضاً أن تستمر على المسار الإيجابي لناحية احترام الأقليات والمحافظة على حقوق الجميع، ونقل سوريا الى أفق جديد يمنح الثقة للجميع بمن فيهم النازحون. وسألتقي السيد الشرع يوم السبت لبحث هذه الأمور، لأنّه علينا أن نتعاون جميعاً لمواجهة هذا الموضوع، وهو قد أبلغنا انهم اذ يرحبون بعودة السوريين، إلّا أنّهم طلبوا تنظيم العودة بشكل تدريجي وليس دفعة واحدة، لأن من شأن هذا الأمر خلق مشاكل كثيرة في ظل التحديات العديدة التي تواجهها سوريا حالياً، وهو أمر منطقي. لذلك أعتقد أنّه سيبقى نازحون في الدول التي تستضيفهم ولكن عددهم سيخف تدريجياً، وسنواصل العمل مع هذه الدول في هذا المجال”.
وشدّد على أنّه “أردت أن أكون واضحاً، وكما قلت للرئيس عون فإن الأمم المتحدة ستبقى شريكاً مهماً في هذا الجهد مع السلطات اللبنانية، وأذكّر أنّه خلال زيارتي الأخيرة الى لبنان، التقيت الرئيس عون في وزارة الدفاع حيث كان قائداً للجيش، وكانت القنابل تنهال على بيروت، وقمنا بكل جهد ممكن في ذلك الوقت لمساعدة النازحين اللبنانيين من البلدات والقرى التي اضطروا الى مغادرتها، ولا نزال مستعدين لمساعدتهم حتى حل هذه المشكلة”.
وسُئِلَ عمّا سيحمله من أفكار الى السلطات السورية حول عودة النازحين، فأجاب أنّه “وضع معقد، الأمم المتحدة تضع خطة شاملة حول كيفية مساعدة السلطة السورية الحديثة، للتحرك بالاتجاه الصحيح، ليس فقط في ما يتعلق بالنازحين، بل أيضاً في مختلف التحديات الأخرى، كنظام التعليم، والمياه، والكهرباء، والبنية التحتية، وأي قطاع يحتاج الى إعادة البناء، والتعامل مع مسألة العودة سيكون جزءاً من هذه الخطة. أخبرت الجميع أنّه ليس بإمكاننا الانتظار لأن الناس بدأوا بالفعل يعودون الى بلادهم، لذا بدأنا بتنفيذ برنامج لدعم العائدين من دول مختلفة عبر تقديم مساعدات مادية، وغيرها من وسائل الدعم. اذاً ما علينا الآن مناقشته في لبنان هو كيف يمكننا العمل معاً بطريقة عملية مع الحكومة الجديدة من اجل دعم العائدين الى بلادهم، فهناك أمور كثيرة علينا مواجهتها، مثل كيفية تسجيلهم، ومساعدتهم، وماذا يمكن ان نفعل في لبنان، وماذا يمكن ان نفعل بعد عودتهم الى سوريا. وبعدها في سوريا، يجب ان يكونوا جزءاً من خطة المساعدة، وعلينا أن نقرر ما هي الأولويات، هل هو السكن، أو الأمور القانونية علماً أنّ الكثيرين منهم لديهم مشاكل متعلقة بالملكية. الأمر الجيد هو أنّنا في سوريا لدينا خبرة بالتعامل مع هذه المشاكل، ولدينا أيضاً القدرة، وعلينا فقط بدء العمل. الأطراف الثلاثة المعنية في هذا العمل هي الدول المضيفة كلبنان، والدولة المعنية أي سوريا، والدول المانحة التي عليها تقديم الدعم. علينا جميعاً ان نعمل معاً لمواجهة واحدة من المسائل التي كانت حتى الفترة الاخيرة، بالغة الصعوبة وهي لم تعد كذلك الآن واليوم لدينا فرصة”.
وردّاً على سؤال حول وضع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، أجاب: “اللاجئون الفلسطينيون ترعى شؤونهم منظمة الأونروا، التي تواجه تحديات كبيرة. الحل لقضية اللاجئين الفلسطينيين يتمّ فقط حين يتم التوصل الى حل سياسي للنزاع الإسرائيلي – الفلسطيني. على الرغم من أنّ المفوضية ليست معنية بذلك، إلّا أنّنا نتابع التطورات. عندما تمّ تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة الذي سمح للسكان هناك بالتقاط أنفاسهم، قلنا إنّ هذا الاتفاق يجب أن يؤدي الى اتفاق سلمي قابل للحياة، بحيث لا نحتاج الى اتفاق آخر بعد عدة سنوات. وهذا ما يجب العمل عليه الآن بعد إتمام اتفاق وقف إطلاق النار، وفي هذا الإطار يجب النظر الى الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي. ولكن موضوع اللاجئين الفلسطينيين ليس من شأننا كمفوضية، ولسنا منظمة غير حكومية، وعلينا الالتزام بما يتم تفويضنا به من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة”.
وفد الصليب الأحمر
واستقبل الرئيس عون وفد الصليب الأحمر اللبناني برئاسة الدكتور أنطوان الزغبي الذي ألقى كلمة هنّأ فيها الرئيس عون بانتخابه. واشاد بالمزايا التي عرفه بها الجميع حين كان قائداً للجيش، واعتبر أنّه سيكون أملاً لغد لبنان ورسالته ودوره، مشدداً على وقوف جمعية الصليب الاحمر اللبناني الى جانب الرئيس عون. وعرض الوفد مطالب الجمعية والمصاعب التي تواجهها للقيام بعملها والمهمات المطلوبة منها على أكمل وجه.

وردّ رئيس الجمهورية بالترحيب بالوفد، شاكراً اياه على التهنئة، ومقدراً التضحيات التي يقوم بها الصليب الأحمر والشفافية في تعاطيه مع الناس، مستذكراً المهمات التي قامت بها هذه الجمعية في مختلف الظروف، وخصوصاً في أوقات الحروب والمواجهات العسكرية إن مع إسرائيل أو مع المنظمات الإرهابية.
واعتبر أنّ ما يقوم به المتطوعون في الصليب الأحمر، هو قمة اللاأنانيّة بهدف خدمة لبنان والمواطنين من دون مقابل، وبشجاعة لافتة، وهي أعلى درجات التضحيات. وأمل أن تعمل مؤسسات الدولة كافة بالمثل وبالأهداف التي تعمل في ظلها جمعية الصليب الأحمر، مؤكداً دعمه لها لتبقى على هذا المسار والنهج.

وضمّ الوفد: الأمين العام جورج كتاني، نائب الرئيس فادي الصيداوي، أمين الخزينة محمد منصور، مسؤولة قطاع الخدمات الطبية والاجتماعية أمينة فواز، مسؤول قطاع بنوك الدم باسل المكاوي، مسؤولة قطاع الإسعاف والطوارئ روزي بولس، مسؤول الدائرة القانونية طوني الزغبي، مسؤول قطاع الناشئين والشباب سامر أبو نادر، مدير قطاع الإسعاف والطوارئ الكسي نعمة، مديرة قطاع بنوك الدم ريتا فغالي، مدير قطاع الخدمات الطبية والاجتماعية حسن سعد، مديرة قطاع الناشئين والشباب مريانا بدر، مدير قطاع إدارة الكوارث زياد الريس، مساعد الأمين العام للشؤون العملانية عبد الله زغيب.

النائب ملحم رياشي
وعرض الرئيس عون مع عضو تكتل الجمهوريّة القويّة النائب ملحم رياشي، الأوضاع العامة في البلاد في ضوء التطورات السياسية والميدانية التي تشهدها المنطقة.

وفد الجامعة اللبنانية الاميركية
والتقى الرئيس عون رئيس الجامعة اللبنانية الأميركية الدكتور شوقي عبدالله على رأس وفد من الجامعة ضمّ الدكاترة: جورج نصر، نور حجار وكريستيان اوسي، اتى للتهنئة بانتخابه، وللتمني أن يكون هذا الانتخاب بارقة أمل بالنسبة الى لبنان للخروج من أزماته، ومن المشاكل التي يعاني منها.
وعرض عبدالله للرئيس عون، عمل الجامعة والنشاطات التي تقوم بها على الصعد التربوية والاجتماعية، واضعاً كل إمكاناتها في تصرف رئيس الجمهورية لناحية التدريس والتدريب والدراسات، والتعاون مع جامعات أخرى للمحافظة على المستوى العالي للتعليم الجامعي في لبنان.

من جهته، رحّب الرئيس عون بالوفد، وهنّأ بدوره عبدالله على تعيينه رئيساً للجامعة، مركّزاً على أهمية القطاع الجامعي في لبنان في تخريج جيل شاب قادر على أحداث التغييرات اللازمة في مسيرة النهوض التي ستبدأ لإعادة لبنان الى دوره الريادي الذي لطالما لعبه في المنطقة والعالم.
