نزع سلاح "الحزب".. "مهما تأخّر جايي"

WhatsApp Image 2025-08-06 at 07.37.17_90c7a530

كتب ألان سركيس في نداء الوطن:

كان نهار الإثنين 14 شباط 2005 مفصليًا في تاريخ لبنان. اِغتيل الرئيس رفيق الحريري وقلب هذا الاغتيال المعادلات في لبنان والمنطقة. انسحب جيش الاحتلال السوري وحصل الفراغ السياسي. فازت قوى 14 آذار بالأغلبية النيابية وبدأت مرحلة جديدة من تاريخ لبنان. لم ترق لـ"حزب اللّه" كلّ تلك التحوّلات فخطط للانقلاب على ثورة الأرز ونجح.

منذ عام 2005، والخطأ نفسه يتكرّر. "الثنائي الشيعي" يُسمح له بحيازة كامل الحصة الشيعية الوزارية ويمتلك سلاح الميثاقية. وعندما اشتدّ ضغط 14 آذار لإسقاط الرئيس إميل لحود ووضع استراتيجية دفاعية وإقرار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، أخرج رئيس مجلس النواب نبيه برّي أرنب الحوار ودعا القوى السياسية الأساسية إلى طاولة مستديرة في عين التينة.

شارك أمين عام حزب اللّه حسن نصراللّه شخصيًا في الحوار، وعندما طُلب منه عدم تعكير صفو الصيف لتنشيط الاقتصاد تجاوب، وفي 12 تموز 2006 نكث بوعده ونفّذ حزب اللّه عملية اختطاف جنود إسرائيليين وانفجرت حرب تموز وما تبعها من انقلاب سياسي داخلي كانت ذروته في 7 أيار 2008 حيث احتلّ بيروت وهاجم الجبل وفرض اتفاق الدوحة.

كانت 14 آذار في لحظة انتصار تاريخية لمشروع الدولة، بينما حصل الانكسار الكبير في 7 أيار عندما سيطر حزب اللّه على الدولة مستغلًا بعدها الغطاء المسيحي الذي أمّنه اتفاق مار مخايل.

يعمل الحزب بعد وصول ملف سلاحه إلى لحظة الفصل إلى التهديد بـ 7 أيار جديد وقلب المعادلة السياسية في البلاد. قد تكون مخاوف بعض اللبنانيين طبيعية، فالتجارب السابقة لا تشجّع، إذ أمسك حزب اللّه البلاد بعد 7 أيار كما لم يمسكها الاحتلال السوري، لكن بين تلك المرحلة وهذه المرحلة فرق جوهري في السياسة والأوضاع الداخلية والإقليمية.

كان عام 2008 نهاية لولاية الرئيس جورج بوش وللرئيس الفرنسي جاك شيراك اللذين يعتبران راعيي الـ 1559 ومرحلة ما بعد 2005. وعند انتخاب الرئيس باراك أوباما، تبدّلت الأولويات الأميركية في لبنان والمنطقة. النقطة الثانية كانت تقدّم محور الممانعة في المنطقة بعد استيعاب اغتيال الحريري، بينما تراجع محور الاعتدال العربي أمام الهجمة الإيرانية.

من جهة أخرى، كان حزب اللّه يشهد على سطوع نجمه، واعتبر نفسه أنه خرج من حرب تموز منتصرًا وبدأت إيران تستثمر به أكثر، وشرّعت سوريا حدودها أمامه، وسط عدم مبالاة أميركية وإسرائيلية.

ويعتبر الفرق شاسعًا بين الأمس واليوم، أوّل تلك الأمور هو اغتيال نصراللّه وقادة الصف الأول والصفين الثاني والثالث في "الحزب"، وخروجه مهزومًا من حرب الإسناد بخسائر عسكرية وبشرية ومناطقية فادحة وتوقيع اتفاق الهدنة في 27 تشرين الثاني الماضي الذي هو أشبه باتفاق استسلام.

وعدا عن الخسائر، فقد حزب اللّه معظم حلفائه؛ فسنّة 8 آذار أصبحوا في حضن السعودية، وحلفاؤه المسيحيون من التيار الوطني الحر إلى تيار المرده يتبرّؤون منه، وكان آخرهم النائب طوني فرنجية الذي أعلن دعمه حصر السلاح.

وتعتبر خسارة سوريا الضربة القاضية لـ «الحزب»، فسوريا كانت خط الإمداد ومصدر أهم المداخيل من الكبتاغون والتهريب، وفقد "الحزب" هذه الدولة الحيوية وقطع خط طهران- دمشق- بيروت، وانتصرت الثورة السورية التي حاول حزب اللّه قمعها لصالح الرئيس المخلوع بشار الأسد.

ويضاف إلى خسارة سوريا، الضربة الأخيرة التي وجّهت إلى طهران، فإيران باتت بلا أذرع ونظامها مهدّد وهي تحت سيف العقوبات ولا يمكنها مساندة الحزب لا ماليًا ولا عسكريًا. والأهم من هذا كلّه وجود بنيامين نتنياهو في رئاسة الوزراء وتحركه في كلّ المنطقة من دون رادع ووجود الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يريد القضاء على أذرع إيران في المنطقة.

مهما حاول حزب اللّه رفع الصوت والتهديد والوعيد، إلّا أنّ الواقع السياسي تبدّل في البلد والمنطقة، ونزع السلاح مهما تأخّر فسيبقى من الأولويات، والضغط الدولي يدفع في هذا الاتجاه، وإلّا ستصبح كلّ الدولة تحت العقاب. لذلك لن يبقى سلاح الحزب على ما هو عليه لأنّ كلّ الدلائل تشير إلى انتهاء صلاحيّته.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: