انطوان سلمون
لا تزال حادثة الكحالة تطغى على الأحداث المحليّة لما حملته من سجالات وتفسيرات وترجمات مختلفة متناقضة وقراءات غب طلب المبرّرين لنقل السلاح والذخائر عبر الأماكن المأهولة السكنية الآمنة.واتت قراءة الأمين العام لحزب الله للحادثة ورميه للتهم جزافا وتحميله المسؤوليات عشوائياً نافرة فاقعة مستفزة وبعيدة عن ما جرى حقيقة او ما شهده وشهد عليه الناس بأم عيونهم او عبر شاشات التلفزة او عبر صور وفيديوهات ورسائل الواتساب من قلب الحدث.
1- حسن نصرالله: “الحادثة الأخيرة في الكحالة حادثة عادية، فالشاحنات تمر هناك وتنقلب أحيانًا وهذا ما حصل مع شاحنة المقاومة التي انقلبت نتيجة خلل تقني معين.
قد تكون الحادثة عادية لو انها لم تواكب بمسلحين ضربوا طوقا مسلحا حولها وقد وصفهم نصرالله بنفس الكلمة “كان وراءها بعض الأخوة لمرافقتها”
2-يقول نصرالله:بطبيعة الحال هناك ذخائر وأسلحة يتم نقلها من مكان إلى مكان بما يرتبط بأي مواجهة ممكن أن تحصل في المستقبل، ولدينا وسائل نقل متعددة منها الشاحنات.
وهنا نتوقف عند استسهال نصرالله لفكرة نقل الذخائر والأسلحة من مكان الى مكان بأريحية المسيطر…وفي هذا السياق وذاك الإستسهال نعود الى تاريخ 10 آب 2012 يوم توقيف ميشال سماحة متلبساً بنقل متفجرات من دمشق الى لبنان لتفجيرها بدور العبادة والتجمعات والشخصيات الدينية والسياسية اذ قال يومها رئيس كتلة الوفاء للمقاومة مدافعا عن سماحة:”لن نسكت عن توقيف المقاوم ميشال سماحة”مهددا القضاة والأجهزة الأمنية.
ويلفتنا قول نصرالله هنا ان “الاسلحة يتم نقلها من مكان الى مكان بما يرتبط ب”أي” مواجهة ممكن ان تحصل في المستقبل.واذ يسجّل للأمين العام لحزب الله المامه باللغة العربية ومفرداتها ووضعها في مواضعها المناسبة، يسجّل عليه استعماله عبارة “اي مواجهة” ليشمل بها أيضا الشركاء في الداخل وليس فقط العدو الاسرائيلي. وهذا الكلام خطير…
3- نصرالله: “كحال اي حادث يتدخل الناس بدافع الفضول أو بنية حسنة للمساعدة” كما قال: الشاحنة بقيت لاكثر من ثلاث ساعات نقل خلالها الشباب سائقها إلى المستشفى واستدعوا رافعة لنقلها”…
وهنا يناقض حسن نصرالله ويكذّب ما ذهب اليه مسؤولو حزب الله واعلامه عن التحريض والتجييش الغدر وعن الكمين وعن المؤامرة التي تعرضت لها الشاحنة والقتيل من حزب الله.
4- نصرالله: “شبابنا تحملوا وصبروا وبقيوا عند مسؤوليتهم لأن ما في الشاحنة أمانة في رقابهم”…
يقصد نصرالله ان الشباب المسلح المحيط بالشاحنة المحملة بالسلاح والذخائر اطلقوا النار دفاعا عن السلاح.تماما كشعار غزوة 7 أيار 2008:”السلاح للدفاع عن السلاح” وتماما ككلام رئيس كتلة حزب الله الحاج محمد رعد في 13 آب 2023 عن المفاضلة بين اتفاق الطائف و”السلاح ” لصالح هذا الأخير.
5- نصرالله: أدعو الى الهدوء ومعالجة حادثة الكحالة بالحكمة كما فعلنا في الطيونة.
وهنا كاد المريب ان يقول خذوني: ففي حادثة الطيونة شنّت حرب عسكرية ضروس على منطقة عين الرمانة وعلى الآمنين فيها لتشنّ بعدها حرباً اعلامية-سياسية قضائية طالت فريقاً واحدا هو الفريق المعتدى عليه. وقد هدد يومها نصرالله المعتدى عليهم بمئة الف مقاتل مجهزين مسلحين.فاذ كان يرغب نصرالله وحزبه على ما تبيّن من كلمته التحريضية على بعض السياسيين وبعض الإعلام نسخ تجربة الطيونة فلن نستبشر خيراً لا بهدوء ولا بحكمة.
6- نصرالله: هناك قوى سياسية من الواضح من خلال أدائها وسلوكها ومعها وسائل إعلام وجيوش إلكترونية أنها تدفع البلد باتجاه الانفجار والحرب الأهلية… على من تراهنون لمساعدتكم في الحرب الأهلية؟ على “اسرائيل” كما الحال في 1982؟ “اسرائيل” اليوم ليست كما كانت وهذا ما قلناه في بداية الخطاب”
فبعد ان اعتبر الحادثة عادية والمواطنون الذين هرعوا الى الشاحنة انما هرعوا بحسن نيّة وبعد ان حصر “التحريض والتجييش والمسبب” وعن غير حق طبعاً بمؤسسة إعلامية وهددها بالثبور وعظائم الأمور عاد نصرالله لممارسة حرفته الأساسية وهي تخوين خصومه ومعارضيه في السياسة، وطبعا جرياً على عادته وعادة الممانعين دون أي دليل.
وفي الختام حبّذا لو صدق الأمين العام لحزب الله بقوله في نفس الخطاب:”حادثة الكحالة أكّدت أن الجيش هو المؤسسة الضامنة للأمن والإستقرار في البلد”وحبّذا لو ترك حزبه المسلّح لهذه المؤسسة هيبةً تكاد تفقدها بفعل سلاحه وامناً منقوصاً بفعل مغامراته في الداخل والخارج واستقراراً غير محقق بفعل ارتكاباته الجنائية والسياسية والعسكرية والمصرفية وغيرها.
وللبحث صلة.