لا تختلف القراءات في القرار الأميركي الأخير بفرض عقوبات على النائب جميل السيد ورجلي الأعمال جهاد العرب وداني خوري، على الساحة السياسية عموماً وفي أوساط الرأي العام، باستثناء الفريق الذي يشعر بأنه المستهدف من كل العقوبات التي تفرضها الخزانة الأميركية على شخصيات لبنانية ، وذلك كون هذا الفريق يجاهر بأنه يعمل لتحقيق الإصلاح ويحارب الفساد، وأن التهم الموجهة إليه بالتورط في أعمال فساد ومخالفة القانون ، هي "سياسية" بالدرجة الأولى ، مع العلم أن القرار الأميركي قد أورد وقائعاً وأرقاماً كان قد جرى التداول بها على الساحة الداخلية خلال حملات التراشق بين القوى السياسية في مناسبات عدة وأبرزها في مرحلة احتجاج المجتمع المدني على مشروع سد بسري على سبيل المثال.
لكن الأبرز في بيان وزارة الخزانة الأميركية، هو أن هؤلاء الأشخاص شاركوا في صفقات فساد بمئات ملايين الدولارات جراء عقود مع الدولة اللبنانية وبالتواطوء مع مسؤولين لبنانيين، كذلك تم استغلال هذا النفوذ المالي في فرض معادلات سياسية ، أدت إلى الواقع الحالي في لبنان من أزمات وفساد وانهيار وأزمة غير مسبوقة.
وبصرف النظر عن ردود الفعل التي صدرت وستتوالى في المرحلة المقبلة إزاء هذه العقوبات، فإنه من الضروري التوقف عند الربط ما بين العلاقة ما بين العرب وخوري مع الرئيس سعد الحريري والنائب جبران باسيل، وبالتالي إفادتهم من هذه العلاقة لتمرير صفقات غير مشروعة وفساد على حساب مصلحة الشعب اللبناني والدولة، فيما السيد خرق القانون وحول ١٢٠ مليون دولاراً الى الخارج لاستثمارها، كما أنه أوعز بإطلاق النار على المتظاهرين الذين كانوا يطالبونه بالإستقالة.
كذلك تعود الملاحقة الأميركية إلى مراحل سابقة حيث يذكر البيان بالتفاصيل ومنذ العام ٢٠١٤ كل العقود التي جرى توقيعها والإلتزامات مثل عقد إصلاح أحد الجسور في بيروت بقيمة ١٨ مليون دولار وتجاوز القيمة الفعلية للعملية.
وقد اعتبرت أوساط سياسية مستقلة أن البيان الأميركي، لا يرتبط بأية اعتبارات سياسية وأنه يأتي في سياق مساعدة ودعم الشعب اللبناني الذي يتحمل وطأة أزمة إقتصادية غير مسبوقة سببها الفساد وسوء الإدارة الحكومية، كون الصفقات جرت بالتواطوء مع سياسيين، وبالتالي فإن الشعب اللبناني يستحق وكما قال مدير مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في وزارة الخزانة أن يرى"نهاية للفساد الذي يقوم به عدد من رجال الأعمال والسياسيين الذين قادوا البلاد إلى الأزمة".
