هل الحرب الإقليمية على الأبواب ؟

IMG-20220909-WA0002

يتصاعد يوماً بعد يوم الصراع الإيراني - الإسرائيلي في الشرق اﻷوسط، حيث حذر القائم بأعمال رئيس الوزراء اﻹسرائيلي، يائير لابيد، أثناء المؤتمر الصحفي الذي عقده داخل قاعدة نيفاتيم الجوية اﻹسرائيلية، بالأمس، إيران من أنها ستختبر الذراع الطولى ﻹسرائيل إذا أصرت على تحديها.

موقع (أوراسيا) اﻹخباري نشر تحليلاً مهماً لموقف لابيد هذا، قال فيه إن خطابه تزامن بحسب صحيفة جيروزالم بوست مع إطلاق البحرية اﻹيرانية أحدث قطعها الحربية، الفرقاطة التي أُطلق عليها إسم "الشهيد قاسم سليماني"، ما دفع بلابيد الى تهديد إيران بقدرة إسرائيل على تدميرها.

وجاء موقف لابيد من القاعدة الجوية لمقاتلات أف 35 المتطورة جداً، حيث تعمّد وهو يلقي تهديده لطهران، الوقوف أمامها وإسرائيل الدولة الوحيدة في الشرق اﻷوسط التي تمتلك مثل هذه المقاتلات.وقد اخترقت تلك المقاتلات أكثر من مرة المجال الجوي الإيراني من دون أن تستطيع إيران كشفها أو ترصدها بحسب موقع أوريجيان تايمز الاخباري.

أما في ما يتعلق بآخر مستجدات الاتفاق النووي اﻹيراني، فقد نشر موقع تايمز أوف إسرائيل تقريراً يحمل مفاجأة مدوية، إذ أشار الموقع الى أن الرئيس اﻷميركي جو بايدن أبلغ لابيد أن المفاوضات النووية مع إيران لم تعد على الطاولة، وأن إصرار طهران على عدم تمكين الوكالة الدولية للطاقة الذرية من الولوج إلى مواقعها النووية السرية، دفع واشنطن إلى تجميد الصفقة.

المتحدثة باسم البيت اﻷبيض نفت في تصريح لها بتاريخ 6/9/2022 علمها بتصريحات بايدن مؤكدة على استمرار رغبة واشنطن المعلنة في إحياء الاتفاق النووي مع إيران، ولكن شريطة التزام طهران بالطلبات اﻷميركية.

إذاً يبدو أن المحادثات الأميركية- الإسرائيلية من تحت الطاولة تفضح الإدارة الأميركية حول حقيقة موقفها من الاتفاق النووي الإيراني، فيما تل أبيب بنشرها كلام بايدن إنما تمارس ضغطاً علنياً على الإدارة الأميركية لحشرها وإظهار موقفها الحقيقي من الاتفاق.

وبالتزامن مع كل هذه التطورات، تتصاعد التصرفات الإيرانية الإستفزازية خارج حدودها والتي تؤدي الى اتساع الهوة بينها وبين واشنطن والأوروبيين، حيث قامت مجموعات من الهاكرز في ألبانيا، العضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو )، باختراق مواقع حكومية ألبانية في منتصف شهر تموز الماضي، انتقاماً من دعم العاصمة تيرانا لمجموعة مجاهدي خلق، التي تصنفها إيران جماعة إرهابية، وتخوض معها صراعاً منذ إنشاء الجمهورية اﻹسلامية اﻹيرانية أواخر السبعينيات. وقد استضافت ألبانيا 3000 عضو في هذا التنظيم بناءً على اتفاق إنساني بين تيرانا وواشنطن قضى بإعادة توطين الآلاف من مجاهدي خلق في ألبانيا، الامر الذي أغضب الإيرانيين.

وقد أعلن رئيس الوزراء اﻷلباني قطع علاقات بلاده رسمياً مع إيران، وإمهال البعثة الدبلوماسية في تيرانا، مهلة 24 ساعة لمغادرة البلاد، بعد أن ثبت لدى الحكومة اﻷلبانية ضلوع إيران المباشر في الهجمات السيبرانية التي وقعت ضدها.

يأتي هذا التطور في ظل مواقف إيرانية تصعيدية تتباهى بتصدير مسيّرات لروسيا، وقد أعلن قائد في الحرس الثوري الإيراني، نقلاً عن صحيفة جيروزالم بوست، أن إيران باتت متقدمة جداً في مجال التكنولوجيا وأن طهران لم تعد بحاجة لاستيراد تكنولوجيا من الخارج، وأن بإمكان طهران وفق قدراتها أن تهاجم أهدافاً تبعد ألف كيلومتر، وفي الغالب فإنه يقصد في كلامه القدرة على شن هجمات سيبرانية، بالإضافة الى القدرة على تصنيع المسيّرات والصواريخ.شبكة سي أن أن الأميركية كشفت بالأمس عن اختراق إيران لمواقع حكومية في واشنطن، كما اخترقت سيبرانياً مواقع في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات ومملكة البحرين والأردن وقبرص وإسرائيل، ما يُظهر الناحية الخطيرة في قدرات إيران على اختراق مواقع وأنظمة الدول المعادية لها ودول المنطقة.

كل هذا دفع بواشنطن الى الإعلان عن تحريك البند الخامس من ميثاق حلف شمال الأطلسي وهو بند يفرض على الدول الأعضاء التدخل جماعياً في حال تعرض أي دولة عضو لهجوم عسكري من دولة معادية والبانيا دولة عضو في الناتو، وبالتالي فإن المؤشرات التصعيدية تتزاحم في مواجهة إيران وبين إيران والغرب وإسرائيل.

فإيران تمارس كعادتها ديبلوماسية الكذب إذ في حين تعلن أنها غير مستعدة لمغادرة طاولة المفاوضات النووية، تعمل من جهة أخرى وعبر عملائها وآخرهم السيبرانيين الى مهاجمة الغرب والناتو والولايات المتحدة الأميركية والإعتداد بتقدمها التكنولوجي وبهجماتها السيبرانية على دول الناتو، ما يعني الابتعاد أكثر فأكثر عن أجواء عودة لاتفاق مفترض.

انطلاقاً من هذه الوقائع يبدو يوماً بعد يوم أن الاتفاق النووي مع إيران لم يعد قريباً وفق مصادر أوروبية وأميركية وإسرائيلية، وقد اكد مسؤول السياسة الخارجية الأوروبية جوزف بوريل منذ أيام أن المفاوضين باتوا أبعد من التوصل الى اتفاق عما قبل بعد الرد الإيراني على النص الأوروبي المقترح لإعادة إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 والذي وصف أميركياً وأوروبياً بغير البنّاء.كل هذا في وقت تتصاعد فيه مؤشرات التوتر في المنطقة، وميزانها ما يجري بين سوريا ولبنان حيث ثمة جمود في ملف ترسيم الحدود البحرية مع زيارة فاشلة مسبقاً للوسيط الأميركي آموس هوكستين الى بيروت وتصاعد الغارات الإسرائيلية على مطارات سوريا حيث تخزين الأسلحة والصواريخ والعتاد المعد لإرساله الى حزب الله في لبنان، في ظل تدفق هائل للسلاح الى سوريا ولبنان ومع فشل الاتفاق النووي، نحن أمام مشهدية نارية تنذر بحرب كبرى سيكون لبنان مسرحاً أساسياً فيها ما لم يطرأ ما لم يكن في الحسبان دولياً وإقليمياً.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: