هل بدأ سقوط إيران في المنطقة من بوابة العراق الشيعي؟

علم-ايران

ما يجري في العراق حالياً أمر جلل تتجاوز تداعياته السياسية البيت الشيعي العراقي بين تيار صدري وإطار تنسيقي وائتلاف دولة القانون، إذ ان ما يجري هو بكل تجلياته ثورة شعبية شيعية عروبية تقلب الطاولة لأول مرة على إيران وعملائها في العراق.وأهمية ما يحصل تكمن في أن تياراً شيعياً جارفاً مناهضاً لتيار ولاية الفقيه قام بهذه الثورة وقلب الطاولة على إيران وأذرعها العراقية.فمقتدى الصدر إفتتح مرحلة سقوط إيران في العراق أي توجيه ضربة قوية للوجود والتأثير الإيراني، الأمر الذي لن تقف تداعياته عند حدود العراق بل قد تُشعل الأوضاع في الدول العربية الواقعة تحت التأثير أو الإحتلال الإيراني. ثورة مقتدى الصدر حققت الى الآن الآتي :

أولاً : أخرجت رئاسة الوزراء التي هي المنصب التنفيذي الأهم في العراق من العباءة الإيرانية، إذ وبمجرد طرح الإطار التنسيقي ونور المالكي رجل إيران الأول في العراق إسم محمد السوداني لرئاسة الوزراء تحرّر مصطفى الكاظمي من مراعاة الإطار، وبالتالي من مراعاة مصالح إيران، فطرح مرشح من قبل جماعة إيران غير الكاظمي يعني تحرّر الأخير من العباءة الإيرانية بالتزامن مع قلب الصدر الطاولة على وكلاء إيران، ما يساعد في تغليب مسار العودة العراقية الى الحضن العربي الذي افتتحت فصوله منذ قمة جدّة.

– ثانياً : فقدان وكلاء إيران الذراع التنفيذي للسلطة تبعاً للملاحظة أعلاه إذ لم يبقَ لهم أي تأثير أو دور على حكم العراق بمجرد أنهم فشلوا في إيصال مرشحهم لرئاسة الحكومة، وبالتالي مَن لا يتحكّم بالسلطة التنفيذية يفقد سيطرته على سياسات الدولة.

– ثالثاً : تعطيل البرلمان أي خروج هذا البرلمان عن الخدمة وعن الطاعة الإيرانية إيضاً، فالبرلمان العراقي ينتخب رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وبالتالي تعطيله يعني تعطيل أية عملية إنتخابية، ما يعني إبقاء الكاظمي على رأس السلطة التنفيذية تخادمياً مع أهداف الصدر الرافض لرئيس وزراء موالٍ لإيران يوصله أتباع طهران.

– رابعاً : تعطيل السلطة القضائية المتخادمة مع الإيرانيين وأتباع طهران، وبالتالي خروج مجلس القضاء عن الخدمة الإيرانية أيضاً، ويتوقع المراقبون أن تكون المرحلة التالية للصدريين بعد البرلمان هي اقتحام مجلس القضاء وتعطيل عمله بنفس أسلوب تعطيل عمل مجلس النواب.

– خامساً : تكريس غلبة التيار الشيعي الصدري العروبي المناوىء لإيران، وتفلّت الكاظمي من إيران منذ محاولة اغتياله حيث فُهم أن دوره محوري في إستعادة العراق من إيران، فكان توجهه العروبي واليوم يرى نفسه محرَّراً من التأثير الإيراني بوجود تيار الصدر الشيعي العروبي الكاسح الى جانبه، وقد بات الكاظمي رقماً صعباً مع بقائه في رئاسة الوزراء بدعم صدري عربي وتعطيل البرلمان.

– سادساً : مقتدى الصدر في العراق يحيي تراث الأمام المغيب موسى الصدر في لبنان إبان الحرب اللبنانية، فمقتدى حالياً في العراق يحيي “الأمليين” في العالم العربي، فيما الخاسر الأكبر في ما يحصل في العراق حالياً هو حزب الله في لبنان، فهل يؤدي انفصال مقتدى الصدر عن إيران في العراق الى انفصال حركة أمل في لبنان عن حزب الله؟ سؤال يُطرح بكل بساطة إنطلاقاً من الإمتدادات العقائدية والدينية والعائلية للصدريين في المنطقة وبخاصة بين العراق ولبنان.

– سابعاً : في خضم إنقلاب المشهد في العراق رأساً على عقب وذهاب العراقيين نحو دستور وصيغة حكم جديديَن يكرسان التغيير الجذري للحكم وأساليبه، وينجزان إلتحاق العراق بعمقه العربي، لكن ليس من دون أثمان، ويبدو الخاسر الأكبر بعد إيران الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المراهن على سيطرة أيران حليفته على العراق، البوابة العربية وعلى سوريا، البوابة المتوسطية، فاذا به يخسر حالياً من خلال خسارة شريكه الإيراني سيطرته على العراق، ورقة أقليمية أساسية كانت تساعده على مواجهة الأميركيين وحلفائهم في المنطقة بحيث بات بوتين محصوراً بسوريا.

– ثامناً : هل تتأثر المنطقة ولبنان بصعود التيار الصدري الشيعي في العراق على حساب إيران؟ فالأكيد أن ما يجري في العراق إنقلاب على إيران وطعنة من البيت الشيعي لبيت ولاية الفقيه وازدياد المحاصرة لنفوذ إيران الإقليمي، بالتوازي مع محاصرتها في الملف النووي وملف علاقتها مع الغرب وفق النظرة الروسية، بحيث أن لا شيء يمنع من انتقال عدوى الإنقلاب عليها إن شعر الشيعة العروبيون في المنطقة بضعف السطوة الإيرانية من العراق الى لبنان. لكن يبقى أن ننتظر المرحلة المقبلة التي ستحكم على مصير النفوذ الإيراني في الوسط الشيعي الإقليمي أولاً.

– تاسعاً : أمام الأميركيين والغرب إن أرادوا فرصة ذهبية بدعم الصدر الذي يساعدهم على تحجيم النفوذ الإيراني في المنطقة، ما يُضعف قدرة إيران على فرض شروطها إقليمياً ودولياً، ويجعلها أكثر عقلانية في تناول ملفات المنطقة والملف النووي خصوصاً مع انهماكها في تأثيرات وتداعيات ما يحصل في قاعدتها الخلفية الأساسية في المنطقة.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: