هل تلتهم نار أوكرانيا روسيا في سوريا ؟

eP6yPTJ7AvswE20cmA20lPrzRwGAlDPPyJZfpnNT

كان لافتاً بالإمس إقدام الغارديان البريطانية على نشر تقرير صادم للباحثَين في مركز الهولوكوست والإبادة الجماعية في جامعة أمستردام البروفسور أور أورميت أونغر وأنصار شحّود المتخصصة في دراسة العنف في سوريا، الذي أماط اللثام عن المجازر المروّعة التي ارتكبها نظام بشار الأسد بحق الشعب السوري خلال الحرب، والذي دعمه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إبان تدخله في الحرب السورية ومنها المجزرة المقزِزة التي نفذها رجال الأسد في حي التضامن في دمشق .أهمية نشر هذا التقرير في هذا التوقيت بالذات هي أنها تطرح أكثر من علامة استفهام حول الأهداف، فيما يبدو جلياً أنه يستهدف بشار الأسد الحليف السوري للرئيس بوتين، والذي عاد وتدخل لمؤازرة نظامه الذي كاد أن يسقط في الأشهر الأولى من اندلاع الثورة في سوريا.فالرابط بين توقيت النشر وقراءة الأحداث يقودنا الى الإستنتاجات الآتية :أولاً : رسالة مباشرة موجهة من الغرب الى الرئيس بوتين الداعم الأساسي لبشار الأسد ونظامه لا بل منقذه من السقوط بوجود ملفات هولوكوستية كثيرة يمكن فضحها من أنظمة حليفة لموسكو ومدعومة منها، ومن تورط موسكو في تسهيل أو المشاركة حتى في بعضها أو كلها كما في سوريا قبل التدخل العسكري وأثناءه .ثانياً : نشر هذا التقرير والفيديو بالصوت والصورة لأبشع المجازر التي ارتكبتها “شبيحة بشار الأسد” بحق الأبرياء من أبناء شعبه يؤشر الى وجود قرار غربي بفتح ملفات المجازر والهولوكوست السوري للوصول الى ضرب الورقة السورية بيد الرئيس بوتين وفضح ارتكابات فظيعة حصلت بغطاء وموافقة ومشاركة موسكو .ثالثاً : بعدما انتصرت الثورة البرتغالية في كييف ونجحت في الإطاحة برجل الرئيس بوتين في أوكرانيا أقدم كردة فعل منه على احتلال جزيرة القرم عام ٢٠١٤ ما أدى الى فرض عقوبات غربية على موسكو فلم يجد الرئيس بوتين لمحاولة فكّ العقوبات عنه الا الإمساك بالورقة السورية لاستخدامها في المقايضة بين موضوع رفع العقوبات عن روسيا بسبب أوكرانيا والقرم وبين تسليم سوريا والتخلي عنها، الا أن الرئيس باراك أوباما الذي كانت أولويته إيران والاتفاق معها لم يكن يملك في سوريا أية مصالح، فكانت النتيجة غرق الرئيس بوتين منذ العام ٢٠١٥ في وحول أوكرانيا وسوريا على السواء رغم الجهود التي بذلها من خلال إحياء منصات تحالفية كمنصة “أستانا” مع الأتراك والإيرانيين، والتي عجزت كلها عن إعادة إعمار سوريا وترسيخ الورقة السورية بيده وهو الذي يتقاسمها مع الإيرانيين على مضض.رابعاً : رفض الأميركيين مقايضتم بوتين سوريا بأوكرانيا استمر مع الرئيس دونالد ترامب الذي، ورغم صداقته مع الرئيس بوتين، الا أنه لم يقم بمساعدته على الخروج من مأزقي أوكرانيا وسوريا الى أن جاء الرئيس جو بايدن المعادي لبوتين،فأدرك هذا الأخير ضيق الخيارات، فقرر اللجؤ الى القوة مجدداً في أوكرانيا لاستكمال مشروعه بمناطق نفوذ جديدة يستطيع من خلالها إعادة إحياء التأثير الأمبراطوري على العالم وبخاصة الغرب وصون مصالحه .لكن ما يبدو اليوم مع نشر تقرير الهولوكوست السوري هو أن ثمة قراراً غربياً من ضمن أدوات المواجهة الحالية الدائرة في أوكرانيا بين بوتين والغرب والناتو بتحقيق عدة أهداف في آن واحد، ومنها إغراق بوتين في “فييتنام أوكراني” ومضاعفة الصعوبات والمقاومة الأوكرانية بوجهه مقابل الإنقضاض على الملفات الإقليمية ذات التأثير الروسي عليها ومحاصرة حليفه بشار الاسد في سوريا عبر إحراق ورقته مجدداً.إنطلاقا من ذلك، من المتوقع في المرحلة اللاحقة وقوف الغرب مجدداً ضد بشار الأسد وإسقاط موسكو من الورقة السورية وصولاً الى قيام صيغة حكم جديدة يبحثها السوريون لاستعادة الدولة من الطاغية بشار الأسد وحليفه الرئيس فلاديمير بوتين .من هنا يمكن فهم حركة موسكو على خط الإعداد لانتخابات رئاسة الجمهورية اللبنانية المقبلة واستقبالها الوزير سليمان فرنجيه دعماً لترشيحه على اعتبار أن فرنجيه يساعد من بعبدا في تعويم نظام الأسد صديقه ويكرّس اليد الروسية على الملفين السوري واللبناني “كتهريبة روسية” لمواجهة القادم من الغرب من تحديات إينما وجدت مصالح لروسيا،لكن المشكلة تبقى مطروحة حالياً في أنه ليس في سوريا “زيلينسكي سوري” يُعتمد عليه ويجب أن تكون ثمة مقاومة سورية كمقاومة أوكرانيا رغم أن لدى الأميركيين تصور لمجلس عسكري إنتقالي بعد ذهاب بشار الأسد وسقوط نظامه،فهل توقيت الفيديو البشع حول مجزرة التضامن في دمشق ينبىء ببدء انطلاق شرارة “تسونامي أميركي غربي” مضاد ستضرب أمواجه العاتية قلب الشرق الأوسط من بوابة الملفين السوري واللبناني وكافة ملفات موسكو الإقليمية الأخرى في إطار حرب باردة شرسة جديدة تحكم العلاقات الدولية؟   وهل تعمل موسكو من الآن، وهي المتحسسة للتسونامي المتوقع، على “تهريبة” رئيس لبناني موالٍ لحليفها السوري هو سليمان فرنجيه في الوقت الضائع قبل فوات الآوان ؟ إنها تحديات ومخاطر جديدة تُضاف الى تلك التي تتهدّد الإنتخابات اللبنانية النيابية والرئاسية .

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: