هل تنجح أوروبا في مواجهة أزمة الطاقة؟

280px-Europe_on_the_globe_(white-red).svg

مع اشتداد الحرب في أوكرانيا ودخولها مرحلة الشتاء، تتصاعد أزمة الطاقة الروسية في أوروبا بحيث لا تزال تتفاقم مع قيام روسيا بالحد من صادرات الغاز الطبيعي، مما يُجبر الحكومات الأوروبية على إنفاق المليارات لحماية الشركات والمستهلكين من ارتفاع الفواتير مع انزلاق المنطقة نحو الركود.

صحيح أن أسعار الغاز الطبيعي الأوروبي ارتفعت بنسبة 28 ٪ لتصل إلى 274 يورو (272 دولاراً) لكل ميغاواط/ ساعة بعد أن أوقفت شركة الطاقة الروسية العملاقة "غازبروم" التدفقات عبر خط أنابيب نورد ستريم 1 الحيوي إلى أجل غير مسمى، معلّلة ذلك باكتشافها تسرّباً للنفط في المحركات،وقام خط الأنابيب في العام الماضي بنقل حوالي 35 ٪ من إجمالي واردات أوروبا من الغاز الروسي، لكن غازبروم خفضت التدفقات على طول نورد ستريم 1 إلى 20 ٪ فقط من طاقته منذ شهر حزيران، متذرّعة بأعمال الصيانة والخلاف حول توربين مفقود بسبب العقوبات الأوروبية المفروضة على موسكو.وأثار قرار موسكو بعدم إعادة فتح خط الأنابيب يوم السبت مخاوف لدى الاتحاد الأوروبي من نفاد الغاز هذا الشتاء، على الرغم من الجهود الناجحة لملء صهاريج التخزين، وقد أدت مخاوف مماثلة في المملكة المتحدة إلى ارتفاع العقود الآجلة للغاز الطبيعي بالجملة الى أكثر من الثلث.أخبار إغلاق خط الأنابيب إلى أجل غير مسمى تسبّبت في انخفاض اليورو إلى ما دون 0.99 دولار ، وهو أدنى مستوى له منذ 20 عاماً، وقد بلغ الجنيه الاسترليني 1.14 دولاراً، وهو أدنى مستوى منذ العام 1985، حيث يخشى التجار من الخسائر التي قد تحدث بسبب النقص الحاد في الطاقة على النشاط الاقتصادي الإقليمي والميزانيات الحكومية.وسط هذه الأجواء المقلقة تستعد بعض الدول لإنفاق مبالغ طائلة في محاولة للحد من المعاناة.وفي هذا السياق، أعلنت المانيا عن حزمة إغاثة بقيمة 65 مليار يورو لمساعدة الأسر والشركات على التكيّف مع ارتفاع التضخم، علماً أن ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، تعتمد بشكل خاص على صادرات الغاز الروسية لتزويد منازلها وصناعاتها الثقيلة بالطاقة، ومع ذلك فقد قررت الصمود بحيث، إلى جانب الإجراءات السابقة، وصل إجمالي الدعم الحكومي إلى 95 مليار يورو، أي ما يعادل حوالي 2.5 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي الألماني.

وأثار قرار موسكو بعدم إعادة فتح خط الأنابيب يوم السبت مخاوف لدى الاتحاد الأوروبي من نفاد الغاز هذا الشتاء، على الرغم من الجهود الناجحة لملء صهاريج التخزين، وقد أدت مخاوف مماثلة في المملكة المتحدة إلى ارتفاع العقود الآجلة للغاز الطبيعي بالجملة الى أكثر من الثلث.أخبار إغلاق خط الأنابيب إلى أجل غير مسمى تسبّبت في انخفاض اليورو إلى ما دون 0.99 دولار ، وهو أدنى مستوى له منذ 20 عاماً، وقد بلغ الجنيه الاسترليني 1.14 دولاراً، وهو أدنى مستوى منذ العام 1985، حيث يخشى التجار من الخسائر التي قد تحدث بسبب النقص الحاد في الطاقة على النشاط الاقتصادي الإقليمي والميزانيات الحكومية.وسط هذه الأجواء المقلقة تستعد بعض الدول لإنفاق مبالغ طائلة في محاولة للحد من المعاناة.وفي هذا السياق، أعلنت المانيا عن حزمة إغاثة بقيمة 65 مليار يورو لمساعدة الأسر والشركات على التكيّف مع ارتفاع التضخم، علماً أن ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، تعتمد بشكل خاص على صادرات الغاز الروسية لتزويد منازلها وصناعاتها الثقيلة بالطاقة، ومع ذلك فقد قررت الصمود بحيث، إلى جانب الإجراءات السابقة، وصل إجمالي الدعم الحكومي إلى 95 مليار يورو، أي ما يعادل حوالي 2.5 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي الألماني.

في المملكة المتحدة، تتعرض ليز تراس رئيسة الوزراء الجديدة لضغوط هائلة للإعلان عن المزيد من المساعدة للأسر والشركات مع ارتفاع فواتير الطاقة، وهي تعكف على دراسة حزمة بقيمة 100 مليار جنيه إسترليني للمساعدة في السيطرة على ارتفاع تكاليف المعيشة، بما في ذلك دعم دفع فواتير الطاقة، وفقاً لتقرير صادر عن صحيفة صنداي تايمز، وذلك نقلاً عن مصادر لم تسمها في وزارة المالية في البلاد، الا أن وفاة الملكة اليزابيت الثانية وترتيبات وداعها أخّرت قليلاً القرارات التي باتت جاهزة.صحيح أن الأزمة كبيرة ولكن الصحيح أيضاً أن الأوروبيين قرروا الإعتماد على أنفسهم ولو مع تضحيات كبيرة في البداية، الا أنها مرحلية لأن لكل مرحلة إنتقالية متطلباتها وصعوباتها، فأوروبا التي كانت في قسم منها تعتمد اعتماداً كلياً على الطاقة الروسية ليس من السهل عليها بين ليلة وضحاها أن تتّكل على نفسها أو تجد مصادر أخرى، وقد قرر الإتحاد الأوروبي تعزيز احتياطاته من الطاقة لفصل الشتلء على مدى أشهر، بحيث يخشى أن تزيد روسيا من خفض إمداداتها من الغاز عندما تزيد نسبة استخدامه، وقد أوقفت موسكو فعلياً إرسال الغاز إلى العديد من الدول الأوروبية التي تصفها بـ"غير الصديقة" وشركات الطاقة بسبب رفضها دفع ثمن الغاز بالروبل كما يصر الكرملين، بدلاً من اليورو أو الدولار المنصوص عليه في العقود.وجاء إعلان نورد ستريم 1 بعد ساعات فقط من موافقة دول "مجموعة السبع" على تحديد السعر الذي يمكن لروسيا أن تبيع به نفطها في محاولة للحد من الإيرادات التي يستخدمها الكرملين لتمويل حربه في أوكرانيا ليزيد من تعقيدات الكباش الإقتصادي بين روسيا والإتحاد. ناطق بإسم شركة سيمنز، الشركة الألمانية المصنعة لتوربينات نورد ستريم 1، قال في حديث ل CNN إن "تسرّب النفط ليس سبباً تقنياً لإيقاف التشغيل، وبصرف النظر عن ذلك، فقد أشرنا بالفعل مرات عدة إلى أن هناك ما يكفي من التوربينات الإضافية المتاحة لتشغيل نورد ستريم 1".

لذلك ومع اشتداد أزمة الطاقة، قامت دول الإتحاد الأوروبي بملء مرافق تخزين الغاز بسرعة، وفقاً لبيانات من Gas Infrastructure Europe، تمتلئ المخازن الآن بنسبة 82 ٪ من طاقتها، وهو ما يتجاوز النسبة المستهدفة البالغة 80 ٪ التي حددها المسؤولون قبل نوفمبر ( تشرين الثاني).يدرك القادة الأوروبيون أنهم بحاجة إلى المزيد من الجهد لتجنّب المصاعب المنتشرة والحد من تداعيات الركود، وقد عقد وزراء الطاقة في الإتحاد الأوروبي اجتماعاً طارئاً أخيراً لمناقشة خطط المساعدة في حماية الأوروبيين من أسوأ ارتفاع في أسعار الطاقة.وقد عُلم من مصادر مسؤولة أن الأفكار الأولية تشمل آلية فصل أسعار الكهرباء عن أسعار الغاز الطبيعي بالجملة، وعرض إئتمان طارئ لشركات الطاقة المعرّضة لخطر الإفلاس، وفقاً لمسوّدات الوثائق التي إطلعت عليها وكالة رويترز.من هنا، فإن الحكومات الأوروبية تسعى جاهدة لإيجاد سبل يمكن من خلالها دعم وحماية الأسر والشركات الرازحة تحت تأثير الإرتفاعات القياسية لأسعار الطاقة.

في دولة التشيك، التي تتولى الرئاسة الدورية للإتحاد الأوروبي، تُدرس إمكانية الدعوة إلى قمة طارئة للتكتل قد تناقش تحديد سقفٍ للأسعار، وفق ما قال وزير الصناعة جوزف سيكيلا الذي نقلت عنه وسائل إعلام تشيكية قوله إن "السوق خرج عن نطاق السيطرة إلى حد ما.. والمشكلة في كل أوروبا، وبوجود سوق أوروبية ومشكلة أوروبية، يمكن إيجاد الحل الأسهل على المستوى الأوروبي."مضيفاً أن فرض حد أقصى لسعر الطاقة على المستوى الأوروبي سيكون أحد الإجراءات الممكنة، وأن جمهورية التشيك ستدعم ذلك إذا قرر الإتحاد الأوروبي النظر فيه.تواجه أوروبا ارتفاعاً حاداً في فواتير الكهرباء مدفوعاً بالارتفاع الهائل في أسعار الغاز.ففي إيطاليا، قال رئيس الوزراء ماريو دراغي مؤخراً إنه يتعيّن على دول الاتحاد الأوروبي الاتفاق على حد أقصى لسعر الغاز الذي تستورده من روسيا.إسبانيا والبرتغال حدّتا بالفعل من أسعار الطاقة المحلية القائمة على الغاز، بينما حدّت فرنسا من ارتفاع أسعار الكهرباء.

هذا ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤخراً إلى الوحدة في حكومته في مواجهة ما وصفه بـ "اضطراب كبير" و "نهاية الوفرة" وقد فُسّر كلامه على أنه محاولة من ماكرون بإعداد البلاد لأوقات عصيبة في المستقبل، لكنه لم يَسلَم من انتقادات من شخصيات يسارية إتهمته بالاغتراب عن الملايين الذين يعانون بالفعل ولا يمكن اعتبار أن حياتهم وتجاربهم اليومية فيها "وفرة".أما ألمانيا، فإعتمدت الأربعاء الفائت سلسلةً من الإجراءات لتوفير الطاقة، ودعت الأفراد والشركات أن تحذو حذوها، والخطة التي بدأت تطبيقها تشمل حداً أقصى للتدفئة في المكاتب والمباني العامة الألمانية عند 19 درجة اعتباراً من 1 أيلول/سبتمبر، على أن تُخفض الحرارة إلى 12 درجة في الأماكن التي يقوم فيها الموظفون بعمل بدني مكثف، ولن تُشغّل في المناطق العامة مثل الممرات، ولن يكون هناك ماء ساخن لغسل اليدين والحكومة تشجع القطاع الخاص، ولكن من دون إجبار على خفض درجات الحرارة، فيما المستشفيات والمؤسسات الإجتماعية تبقى معفاة من الإجراءات التي تهدف إلى تقليل استهلاك الغاز في ألمانيا بنسبة 2٪، وبحسب وزير الاقتصاد روبرت هابيك: "لا نريد قياس درجات الحرارة في غرف النوم، ويجب أن تسود الحرية الفردية"، داعياً إلى الشعور "بالمسؤولية" بين الأسر "للمساهمة" في تقليل استهلاك الطاقة، وعليه سيتعين على أكبر اقتصاد في أوروبا خفض استهلاكه بنسبة 20٪ إذا أراد تجنب النقص هذا الشتاء، وفقاً للخبراء.في وقت سابق من الأسبوع الماضي، ارتفعت أسعار الغاز في الاتحاد الأوروبي بنسبة 13٪ بين ليلة وضحاها لتصل إلى ذروة قياسية، بعد أن تضاعفت في شهر واحد فقط لتكون أعلى 14 مرة من متوسط العقد الماضي.وقالت المفوضية الأوروبية هذا الشهر إنها "تجري تقييماً عاجلاً للإمكانيات المختلفة لفرض حدود قصوى لأسعار الغاز"، من دون أن توضح الشكل الذي سيتخذه مثل هذا الحد الأقصى.وقالت بروكسل إنها ستتشاور مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بشأن تحديد سقف للأسعار وستعود بمقترحات في الخريف إذا لزم الأمر.ومن المقرر أن يجتمع وزراء الطاقة من دول الاتحاد الأوروبي بالفعل في قمة في تشرين الأول المقبل.

في المملكة المتحدة، الخطة تتناول تحديد سقف أسعار الطاقة الذي يحدّ من ما يمكن للموردين فرضه في إنكلترا واسكتلندا وويلز ومن المتوقع حدوث ارتفاع كبير في الأسعار.

هذا ويتوقع المحللون والخبراء الاقتصاديون أن ترتفع فواتير معظم الأسر البريطانية من 1.971 جنيه إسترليني (2331 يورو) سنوياً إلى حوالي 3500 جنيه إسترليني (4139 يورو) ثم من جديد في نيسان المقبل، فيما أكثر التوقعات تشاؤماً تتحدث عن 6000 جنيه إسترليني (7098 يورو) في السنة.ووفق دراسة أجرتها جامعة يورك فإن 58٪ من البريطانيين يُتوقع أن يعانوا من فقر في الوقود العام المقبل.

هكذا نجد أوروبا في صراعها على البقاء ورغم التعثرات الكامنة بين بعض أعضائها ولا سيما المجر ودول البلطيق، فهي تكافح لكسر ورقة الرئيس بوتين الاقتصادية وبخاصة "الطاقوية " التي راهن على تأثيراتها المدمرة على الأوروبيين، بينما تُثبت الوقائع يوماً بعد يوم مقاومة أوروبية للضغط الروسي من ضمن رؤية استراتيجية في الاتحاد بالإبتعاد نهائياً عن الحاجة الى روسيا.

عادت أوروبا من نقاهتها التنموية الى تموضعها القتالي بعدما داهمها في عقر دارها من البوابة الروسية الخطران الناري والغازي، لذا ومع الكثير من المعاناة الا أن الأوروبيين قادرون على المدى المتوسط على تجاوز أزمتهم ولو بكلفة باهظة في البداية سياسياً واقتصادياً ومعيشياً.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: