رفع عدد النواب الى 128 – بعد أشهر قليلة على إقرار مجلس النواب التعديلات الدستورية في 23 ايار 1991 والتي تضمنت رفع العدد من 99 الى 108 أي المناصفة وفق ما خلصت اليه المفاوضات في “الطائف” – شكّل اولى مؤشرات الانقلاب على هذا الاتفاق وتكريس الهيمنة السورية على لبنان بعدما كان الرئيس السوري حافظ الاسد حاول تمرير العدد 128 عبر من أسماهم الرئيس حسين الحسيني الفريق الممثل للاتفاق الثلاثي وبعدما تم التواصل معه لسحب هذا “الفتيل” الذي قد يفجر الاتفاق بحسب ما ذكر مراراً احد اعضاء لجنة “العتالة” يومها النائب السابق إدمون رزق.
المقاعد العشرون أضيفت بناء على حسابات الاسد ومعظمها على مقاس حلفائه وخلقت اعتراضات خصوصاً من قبل المسيحيين حيث دامت إرتداداتها حتى سنوات ليست ببعيدة إذ تلمسوا أن عدداً من مقاعدهم وضع عمداً في مناطق لا تأثير إنتخابياً قوياً لهم فيها وبشكل أساسي المقعدان المارونيان في طرابلس والبقاع الغربي والمقعد الأرثوذكسي في عكار.
إلا أن شعوراً بالغبن عابراً للطوائف رافق تحديداً المقعد الماروني في طرابلس أكثر من غيره لأن أبناء المدينة شعروا انه تحوّل “جائزة ترضية” في زمن قوانين “المحادل والبوسطات” الانتخابية منذ العام 1992 إذ طيلة الفترة السورية وحتى العام 2005 تربّع عليه إبن بلدة علما الزغرتاوية النائب الراحل جان عبيد الذي كان عيّن نائباً عن الشوف عام 1991. مع “ثورة الأرز” لم يرفع هذا الغبن حين رشح عن المقعد الماروني في طرابلس إبن الشوف أمين سر “حركة اليسار الديمقراطي” الياس عطالله، وتكرر الأمر مع ترشيح إبن البترون الكتائبي سامر سعادة. ومع إعتماد قانون 2017 الذي عرف بـ”قانون جورج عدوان” ودخول العامل النسبي، فاز عبيد مجدداً في إنتخابات عام 2018 بالمقعد الماروني في طرابلس التي تشكل مع المنية والضنية دائرة الشمال الثانية بـ 1136 صوتاً على لائحة “العزم” فيما الحاصل النهائي كان 11393 صوتاً.
التجربة الاولى للقانون عام 2018، أظهرت انه جراء النسبية والحواصل والتحالفات هناك حظوظ لفرملة المحادل الانتخابية وإمكان إيصال ممثلين جديّين عن المقعد الماروني من أبناء المدينة لا منزلين بالمظلة إن تم شبك تحالفات سياسية وفق مشاريع واضحة خصوصاً في ظل خلط الاوراق الانتخابية بعد “17 تشرين” لكن الصناديق وحدها ستثبت ذلك.
في طرابلس، هناك 250073 ناخباً وفق لوائح الشطب في العام 2021 ويتوزعون بين: 205720سنة ، 21537 علويون، 12652 روم أرثوذكس و4314 موارنة الى جانب 1722 ارمن ارثوذكس، 1151 روم كاثوليك و2977 مختلف. أما في المنية – الضنية، فهناك 120021 ناخباً ويتوزعون: 103146 سنة، 9174 روم أرثوذكس، 7660 موارنة و 41 مختلف.
هذه الارقام قد تعكس للوهلة الاولى صعوبة التمثيل، ولكن الطرح السياسي والتحالفات ومعرفة المجتمع الطرابلسي عن قرب عوامل ستساهم برسم معالم النائب الطرابلسي عن المقعد الماروني. من الاسماء المتداولة حتى الآن: سليمان عبيد ليرث مقعد والده النائب الراحل جان عبيد ضمن لائحة الرئيس ميقاتي وهو من علما زغرتا، ريتشي هيكل صاحب مستشفى هيكل عن “المردة” وهو من نيحا – البترون، أما عن “التيار الوطني الحر” فالامور تتأرجح بين جو بو ناصيف وطوني ماروني وتفيد المصادر بميل الدفة لدى رئيس “التيار” النائب جبران باسيل لبو ناصيف وهو من قضاء البترون وتشير الى ان واقع “التيار” لا يختلف عن باقي المناطق من حيث التخبط الداخلي ويشبّه العلاقة بين بو ناصيف وماروني بعلاقة النائب زياد اسود والنائب امل ابو زيد في جزين.

“القوات اللبنانية” قد تكون اول من حسم اسم مرشحه وهو مستشار رئيس الحزب ايلي خوري إبن طرابلس حيث ابصر النور من والدين من القبة. عاش في المدينة وتلقى تحصيله العلمي في مدرسة “الفرير” ودروسه الجامعية في كلية الحقوق والعلوم السياسية في القبة قبل ان ينتقل الى الولايات المتحدة الاميركية لمتابعة دراساته العليا. في العام 2018، سحبت “القوات” ترشيحه حرصاً على المناخ التحالفي الذي كانت تسعى اليه مع “المستقبل”. اما اليوم فمروحة الاحتمالات التحالفية مفتوحة أكان مع “المستقبل” او مع اي طرف شرط الاتفاق على المشروع السياسي السيادي والاصلاحي. تعول “القوات” على الارض الخصبة لخطابها السياسي السيادي في طرابلس وعلى تجربتها الوزارية وإيمانها ان بناء الدولة وحده يرفع الحرمان عن عاصمة الشمال لا الاشخاص مهما كان شأنهم وهذا ما اثبتته السنوات. كذلك تدرك جيداً أهمية التحالفات وهي أصرت كما في كافة الدوائر أن يكون مرشحها من النسيج المجتمعي. قوى “17 تشرين” لم يتبلور بعد ما اذا سيكون لها مرشح او اكثر عن المقعد الماروني.
لكن يبقى عوامل مفصلية في الانتخابات الطرابلسية اهمها تبلور موقف “تيار المستقبل” وقدرة القوى التغييرية على توحيد جهودها واقناع الشارع الطرابلسي بجديتها ومنحها الفرصة. وحدها صناديق الاقتراع تؤدي الى انقشاع الضبابية التي تغلف أسماء نواب طرابلس للعام 2022. فهل تُحرّر أيضاً مقعد طرابلس الماروني من صبغة “جائزة الترضية” بعدما تخطى المسيحيون مسألة توزيع المقاعد العشرة عشية رفع عدد اعضاء المجلس الى 128 وأصبحوا يعتبرون أن هذا المقعد تجسيد للتعددية في عاصمة لبنان الثانية؟!