بقلم عماد حداد
لا بد للمرء عند الإنعطافات الكبرى من أن يبلغ أقصى وأقسى درجات المصارحة حتى لا نقع في مطبّ "لو كنت أعلم" بعد فوات الأوان، لذا لا بدّ من مصارحة "حزب الله" بأوضاع الداخل الذي يوشك أن يخسره ولو ربح كل العالم.
لبنان ليس بخير، لا على صعيد الدولة ومؤسساتها، لا على الصعيد الإقتصادي والمعيشي، ولا على صعيد الطوائف ومذاهبها والبيئة التي كانت حاضنة له لم يعد باستطاعته احتضانها بمئة ألف مقاتل ولا بباخرة مازوت أو بافتتاح بئر ارتوازي، زمان أول تحوّل والقلّة تولّد النقار، لا تسألنا نحن يا سيّد حسن نصرالله، فنحن لا نوافق على سلاحك ومشروعك منذ البداية، إسأل من يجرؤ على مصارحتك من فعاليات بيئتك، إسألهم عن أحوالهم وقدرتهم على الصمود والتقوقع لانعدام خيارات التوجه شرقاً بعد إغلاق المنافذ عليهم غرباً.
غريمك لم يعد مقتصراً على "القوات اللبنانية" ومواجهتك لها لن تحصر مشكلتك عند طرف واحد، أغلبية اللبنانيين صمتوا على مضض وطنّشوا على زغل بانهماكك خارج الحدود في دعم هذا النظام وإسقاط ذاك، ولكن مع وصول الموس إلى رقبة اللبنانيين سقطت رهبة السلاح وتحوّل خطابك إلى عبء على صدور اللبنانيين لم تعد تخفف من وطأته وعود تحرير القدس وإزالة الكيان الغاصب، فكيان اللبنانيين أصبح مغتصَباً، والحق يُقال أن كل سلطة مغتصِبة من واجبها تأمين الأمن الغذائي والدوائي والمعيشي والحياتي للمواطنين الخاضعين لسلطتها وهذا ما ليس متوفراً على مساحة الجغرافية اللبنانية والساحات الطائفية والمذهبية، "كلنا بلا دوا سوا".
على "حزب الله" أن يستدرك سوء الأحوال الناجمة عن ممارساته بدل أن يستدرج مزيداً من الضغوطات إذا اعتقد أنه سيبقى بمنأى عنها فهو واهم ومخطئ ومشتبه، مطلوب منه البدء بخطوات صغيرة تخفف من حدّة الأزمات وليعتبرها ما يشاء، صحيح أن "حزب الله" لا يتحكّم بكل لبنان وبأن بعض المؤسسات لا تزال عصيّة ولكنّه يرهق كل لبنان، والإنتخابات القادمة ستثبت له رفض اللبنانيين لمشاريعه كما رفضهم دفع أثمانها ولم يعودوا يبالون بانتصاراته أو بهزائمه.