هوكستين: ترسيم الحدود البريّة بين لبنان وإسرائيل في متناول اليد

hock

رأى الموفد الأميركي السابق آموس هوكستين أن “اتفاق الحدود البحرية الذي توسط فيه بين لبنان وإسرائيل عام 2022 واتفاق وقف العمليات العدائية بين إسرائيل وحزب الله في نهاية 2024 يظهران أن ترسيم الحدود البريّة في متناول اليد”، كاشفاً أنه “جرى إحراز تقدم كبير في المفاوضات غير المباشرة، وهناك حلول خلاقة مثبتة بسجلات وبروتوكولات، إذا وُجِدت الإرادة السياسية”.

ونبَّه هوكستين إلى أن “الحزب ليس سوى ذراع لإيران، التي تحاول فرض إرادتها السياسية على لبنان”. واعتبر أن “اجتماع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مع الرئيس السوري الانتقالي، أحمد الشرع، كان تطوراً إيجابياً يمكن أن يفيد لبنان”.

وشرح هوكستين أن “اتفاق الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل كان فريداً، لأننا عملنا عليه لأكثر من 10 سنين”، مضيفاً أنه “أدرك أن مجرد جهد ديبلوماسي لن ينجح. كان لا بد من اتفاق أكثر تعقيداً وشمولاًز ولو لم نتوصل إلى اتفاق، لربما انتهى بنا المطاف في صراع ساخن أو حتى حرب على الموارد”.

ورأى هوكستين أن “الاتفاق البحري يوضح حقيقة إمكان التوصل إلى اتفاق لبناني – إسرائيلي على الحدود البريّة، لأنه تم إدراج بنداً ينص على بدء محادثات بشأن الحدود البرية، بهدف التوصل إلى اتفاق سريع”، لافتاً إلى أن “هناك حلولاً للخلافات. سيتعين إجراء بعض التعديلات والتنازلات. الأمر ممكن جداً. والاختلافات ضئيلة للغاية”.

هوكستين الذي عمل على ملف لبنان في أكثر من إدارة أميركية، لفت إلى أن “التراسل مع الحزب كان أكثر تعقيداً لأنه لم يكن لدي محاور واحد فقط. كان علينا القيام بديبلوماسية مكوكية بين لبنان ولبنان. ثم أذهب إلى إسرائيل وأجري ديبلوماسية مكوكية هناك أيضاً”.

ونبه إلى أن “الواقع عام 2022 مختلف تماماً عن اليوم. عامذاك، كان للحزب سيطرة على النظام السياسي بطريقة لم يعد يمتلكها، وهذا ما جعل الأمور صعبة”.

ولاحظ أن اتفاق الحدود البحرية “نجا من الحرب. لم يكن هناك قتال تقريباً في البحر، ولم تُطلق أي صواريخ تقريباً في عرض البحر. أعتقد أن هذا يمكن أن يكون نموذجاً لحل مشكلة الحدود البرية”.

شدَّد هوكستين على أن “التفاهم الذي جرى التوصل إليه في وقف النار يتطلب انسحاب إسرائيل الكامل من لبنان، وأن تتولى القوات المسلحة اللبنانية والأجهزة الأمنية السيطرة الكاملة على منطقة جنوب الليطاني، وصولاً إلى الحدود. كما يتطلب من الحزب نزع سلاحه والانسحاب إلى شمال منطقة الليطاني – وليس فقط خط الليطاني”.

وبصرف النظر عن تفاصيل الانتهاكات الحالية، رأى هوكستين أن “وقف النار سينجح إذا تحقق الأمران”، موضحاً أنه “لهذا السبب أنشئت آلية للجيش الأميركي ليكون له وجود كبير، للمساعدة في دعم القوات المسلحة اللبنانية بالانتشار والتدريب والمعدات والبنية التحتية، حتى تتمكن من ترسيخ مواقعها في المنطقة والحفاظ عليها”.

وفي ظل النقاشات العلنية لبنانياً حيال ضرورة التمسك بخط الهدنة لعام 1949 مع إسرائيل، قال هوكستين إن “الخط الأزرق هو الحاكم حالياً، لكنه ليس حدوداً”، كاشفاً أنه “جرى إحراز تقدُّم كبير في المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل، معترفاً في الوقت ذاته بوجود بعض القضايا الصعبة”.

ورأى أن “جزءاً من التحدي يكمن في تعاملنا مع إرث الاتفاقات الفرنسية والبريطانية القديمة؛ قرارات اتخذها أشخاص لم يكونوا موجودين في المنطقة قط، واعتبروها مجرد تمرين أكاديمي”، مشيراً إلى أن “المفتاح ليس التمسُّك بالخطوط التاريخية، بل بالواقع الآن. لقد قبل الجانبين الخط الأزرق بوصفه خط عمل حالياً، ولكنه ليس حدوداً معترفاً بها”.

ولم يشأ هوكستين الخوض في نهج إدارة الرئيس ترمب تجاه لبنان، لكنه أشار إلى أن لبنان أمام “فرصة لإعادة صياغة مستقبله ولا يمكن تحقيق ذلك من خلال تعديلات تدريجية. يبل بتغيير جذرياً”.

وأكد أن “هناك إمكانات هائلة في لبنان. إذا استطاع البلد استعادة الفرص الاقتصادية وفرص العمل من خلال إصلاحات اقتصادية وقانونية جادة، فقد يكون المستقبل مشرقاً للغاية”. وزاد أن “الحزب لم يعد قادراً على الهيمنة على السياسة. والحزب ليس سوى ذراع لإيران، دولة أجنبية تحاول فرض إرادتها السياسية على لبنان”، مؤكداً أنه “لا ينبغي لإسرائيل ولا لسوريا ولا لأي جهة أخرى أن تفرض إرادتها العسكرية. هذه لحظة لبنان لاتخاذ قراراته بنفسه”.

وإذ أقر بأن “هناك ما يدعو إلى القلق في شأن سوريا اليوم”، رأى أن “هناك أيضاً فرصة”، معتبراً أن لقاء ترامب والشرع كان تطوراً إيجابياً. وقال: “الشرع يقول كل ما هو صائب. ما دامت أفعاله تُطابق أقواله، فهو يستحق الدعم”. وزاد أن ذلك “يشمل تأمين الحدود بين سوريا ولبنان. ويجب أن يكون للاجئين السوريين أيضاً طريق للعودة إلى وطنهم، ما يُخفف الضغوط على لبنان والدول المجاورة”.

وعن إمكان اعتماد لبنان على أصدقائه التقليديين، قال هوكستين: “لبنان لا يحتاج إلى صدقات بقدرما يحتاج إلى استثمار”.

أضاف: “لبنان يمتلك رأسمال بشرياً عالميّ المستوى. فإذا حلّ مشكلاته في الحوكمة يمكنه أن يستعيد مكانته كدولة نابضة بالحياة. وهو لا يزال البلد الوحيد في الشرق الأوسط الذي يمكن لجميع أتباع الديانات العيش فيه بكامل الحقوق المتساوية. وهذا أمر يستحق النضال من أجله”.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: