واشنطن تفتح مساراً جديداً في لبنان.. دعماً للحكومة وربط الازدهار بالاستقرار ونزع السلاح

l

كتب داود رمال في صحيفة "الأنباء الكويتية":

الزيارة التي قام بها الموفد الأميركي توماس باراك إلى بيروت، رفقة مورغان أورتاغوس، حملت وفق مصدر سياسي بارز مؤشرات مزدوجة: "من جهة، تأكيد دعم واشنطن للخطوات التي أقدمت عليها الدولة اللبنانية أخيراً، ومن جهة ثانية إطلاق مسار جديد يحاول الربط بين الإصلاح الاقتصادي والاستقرار الأمني".

وأوضح المصدر أن "التهاني التي نقلها باراك إلى رئيس الجمهورية وفريقه لم تكن مجرد مجاملة ديبلوماسية، بل إشارة إلى أن القرارات اللبنانية الأخيرة، خصوصا فيما يتعلق بتفعيل عمل الحكومة، وضعت لبنان مجددا على الرادار الدولي كمحطة يمكن استثمارها في مقاربة أوسع تخص الحدود الجنوبية ومستقبل السلاح".

وبحسب المصدر نفسه، "فإن الرسائل الأميركية بدت واضحة: واشنطن تعتبر أن الخطوة الأولى قد تحققت لبنانيا، والآن على إسرائيل أن تبادر بخطوة مقابلة، سواء لوقف انتهاكاتها أو للانخراط في مسار تفاوضي يتيح إعادة الاستقرار إلى الجنوب. غير أن اللافت في خطاب باراك هو محاولته الدؤوبة تقديم ملف نزع السلاح على أنه مصلحة لبنانية، وشيعية تحديدا، أكثر منه مطلبا خارجيا. فقد شدد على أن الهدف من أي معالجة لهذا الملف لا يقوم على استهداف طائفة أو حزب، بل على إدماجهم في مشروع وطني اقتصادي يفتح الباب أمام تنمية الجنوب وسائر المناطق".

وأبلغ المصدر أن "الجانب الأميركي أراد من خلال هذه الزيارة إرسال تطمينات إلى حزب الله والبيئة الشيعية عموما، بأن واشنطن لا تسعى إلى مواجهات أو تهديدات، بل إلى عملية لبنانية داخلية تتيح الانتقال التدريجي من معادلة السلاح وحده إلى معادلة الاقتصاد والاستقرار. وان باراك ركز أكثر من مرة على فكرة الفرصة التي لا يجب تفويتها، ملوحا بأن رفض الانخراط في هذا المسار يعني خسارة إمكانية إدخال الجنوب في دائرة المشاريع الاستثمارية والإنمائية المنتظرة".

وفي موازاة ذلك، اعتبر المصدر أن "إدخال إيران في المعادلة من خلال وصفها بالجارة لم يكن تفصيلا لغويا، بل رسالة بأن واشنطن تسعى إلى حل متوازن لا يقصي أحداً من اللاعبين الأساسيين في المنطقة. فالتسوية المطلوبة تتطلب تعاونا متعدد الأطراف، وإلا ستبقى محكومة بالجمود".

واعتبر المصدر أن "زيارة باراك وأورتاغوس مثلت جس نبض اساسي وايجابي جدا لصالح لبنان أكثر منها إعلاناً عن مبادرة شاملة. فهي وضعت الإطار العام المتمثل بدعم الحكومة اللبنانية، ربط نزع السلاح بالازدهار، والمطالبة بخطوات إسرائيلية متبادلة. إلا أن ترجمة هذه العناوين إلى وقائع عملية ستبقى مرهونة بتوازنات دقيقة، داخلية وإقليمية ودولية، تجعل من الأسابيع المقبلة مرحلة اختبار نوايا بامتياز، حيث يتحدد ما إذا كان لبنان سيتحول إلى "اللؤلؤة اللامعة في المنطقة" كما وصف باراك، "أو سيبقى عالقا في دوامة التجاذبات التقليدية".

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: