زارت وزيرة البيئة تمارا الزين ووفد مرافق، محافظ لبنان الشمالي بالانابة إيمان الرافعي في مكتبها في سرايا طرابلس، وترأست اجتماعا موسعا في قاعة الاستقلال في السرايا، شارك فيه رؤساء اتحادات وبلديات أقضية زغرتا والكورة وبشري والبترون والمنية والضنية، بحث في تداعيات أزمة النفايات في عدد من أقضية الشمال.
كما شارك فيه قائمقامي الأقضية: ربى الشفشق، كاترين الكفوري، جان الخولي، روجيه طوبيا، مستشارة الوزيرة إيليز نجيم، رئيس دائرة البلديات في المحافظة ملحم ملحم، ورؤساء اتحادات بلديات بشري إيلي مخلوف، زغرتا بسام هيكل، الكورة مالك فارس، الضنية مصطفى سعادة، البترون روجيه يزبك والمنية توفيق زريقة، نائب رئيس اتحاد جرد الضنية محمد حندوش، وعدد من رؤساء البلديات والمجالس البلدية، بينهم رؤساء بلديات سير سامر دياب هوشر، راسمسقا سيمون نخول ومجدليا إتيان ليشاع، ممثل عن بلدية زغرتا بطرس فرنجية، نائب رئيس اتحاد بلديات المنية عامر العويك، نائب رئيس بلدية طاران مصطفى الشيخ والمهندسة رولا حمود.
بداية، رحبت الرافعي بالوزيرة والوفد المرافق وبالمشاركين، وأشارت إلى "حجم التحديات اليومية التي تواجه البلديات في إدارة ملف النفايات، في ظل ضعف الموارد وغياب الدعم الكافي من الوزارات المعنية"، وشددت على "أهمية تفعيل الشراكة بين الدولة والبلديات وإعادة النظر في آليات التمويل والتوزيع العادل للإمكانات"، ودعت إلى "مقاربة عملية ومستدامة ترتكز على تعزيز صلاحيات البلديات ودعمها إداريا وماليا بما يمكنها من النهوض بمسؤولياتها".
وأكدت أن "أزمة النفايات في الشمال تفاقمت نتيجة غياب السياسات البيئية المستدامة وسوء الإدارة، حيث تم الاعتماد لعقود على حلول مؤقتة وعشوائية أبرزها المطامر غير النظامية والحرق المكشوف، ما أدى إلى انبعاث ملوثات خطيرة أثرت سلباً على الصحة العامة والبيئة".
وشددت على أن "الواقع البيئي في محافظة الشمال لم يعد يحتمل المزيد من التأجيل، وأهناك حاجة ملحة لحلول فورية لمعالجة النفايات على المدى القريب، تترافق مع خطة شاملة ومستدامة للمدى البعيد"، ودعت رؤساء اتحادات البلديات في الأقضية إلى "المباشرة بإعداد تصورات واقتراحات لمشاريع متكاملة لمعالجة النفايات، تبنى على تقنيات حديثة تقوم على الفرز من المصدر والتدوير والمعالجة والطمر الصحي، تعرض لاحقا على وزارة البيئة للحصول على الموافقة الرسمية".
وأشارت الرافعي إلى أن "هذه الخطط يجب أن تكون نابعة من حاجات كل قضاء وظروفه، وأن يتم إعدادها بالتنسيق الوثيق مع الوزارة، مع التأكيد على أهمية تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص وضرورة اعتماد الحوكمة الرشيدة لضمان الشفافية والثقة بين المواطنين والسلطات المختصة".
وختمت مؤكدة أن "أي معالجة جدية ومستدامة لأزمة النفايات يجب أن تنطلق من القاعدة، أي من البلديات والاتحادات البلدية، وأن الدولة جاهزة لدعم هذه المبادرات متى توفرت الجدية والوضوح في الرؤية".
ومن ثم استمعت الوزيرة الزين إلى مداخلات رؤساء الاتحادات والبلديات الذين عرضوا بالتفصيل "للتحديات التقنية والمالية واللوجستية التي تعيق العمل البلدي، لا سيما لجهة جمع النفايات، تأمين مواقع للفرز والمعالجة، وانعدام الموارد البشرية المتخصصة، وطالب المشاركون بوضع حلول سريعة وفعالة، تأخذ في الاعتبار خصوصية كل قضاء وظروفه الجغرافية والمالية".
وفي الختام، أكدت الزين أن "أزمة النفايات لا تحل من فوق، وليست محصورة فقط بالمستوى المركزي، بل يجب أن تنطلق الحلول من أرض الواقع، من البلديات واتحاداتها"، وشددت على أن "الهم الأساسي لدى البلديات هو العجز المالي عن إدارة ملف النفايات"، معتبرة أن "هذا العائق الرئيسي يقف في وجه أي خطة مستدامة".
وأشارت إلى مشروع قانون استرداد الكلفة، الذي وصفته بأنه "مفتاح الحل، إذ يتيح للبلديات أن تفرض رسوما شهرية على المؤسسات والمحال التجارية ضمن نطاقها الجغرافي، وتدخل هذه العائدات إلى صندوقها البلدي، ما يمكنها من تمويل إدارة النفايات بشكل فاعل".
ولفتت إلى أن الوزارة "تعمل على تحديث الاستراتيجية الوطنية لإدارة النفايات الصلبة، وهي استراتيجية من شأنها أن تفتح المجال أمام فرص استثمارية أوسع للقطاع الخاص وتشجع على الدخول في هذا القطاع الحيوي بطريقة شفافة ومدروسة".
واشارت الى "العمل على تعيين الهيئة الوطنية لإدارة النفايات الصلبة، التي سيكون لها دور محوري في التنسيق بين الجهات المركزية واللامركزية، لا سيما في ما يتعلق بإجراء المناقصات وتنظيم الحوكمة والتمويل".
أضافت: "هذه المحاور الثلاثة: استرداد الكلفة، تحديث الاستراتيجية وتفعيل الهيئة الوطنية، تشكل أساسا متكاملا يمكن البلديات والقطاع الخاص من إدارة هذا الملف المزمن وفق نظام واضح المعالم".
وإذ لفتت الى أن "أزمة عمرها 30 سنة لا تحل بسنة"، أكدت أن الوزارة "تعتمد اليوم مقاربة واقعية"، وقالت: "مشكلة النفايات في لبنان ليست تقنية فقط، بل غالبا ما تكون سياسية أو مناطقية أو حتى مذهبية. لذلك لا يمكن فرض حل من فوق، بل يجب أن ينطلق من الميدان من الناس والمجتمعات المحلية".