Search
Close this search box.

وزير البيئة مختفٍ عن الأنظار…

جريمة بيئية ترتكب في “بصرما” الكورانية والمعنيون صمٌ بُكم!

تُزالُ مساحات شاسعة من أشجار الزيتون لصالح مشروع مبهم يُشتبه بأنه قد يكون مرتبطًا بإقامة مدينة صناعية، من دون وجود دراسة بيئية أو اجتماعية تثبت مشروعيته ما يُؤكد مخالفته القوانين. وسط هذه الظروف، يُثير اختفاء وزير البيئة تساؤلات كثيرة، ونتساءل: أين هو وزير البيئة؟ وإذا كان مشغولًا، فأين هم مستشاروه؟ يُعدُّ هذا الموضوع مسألة ذات حساسية عالية، ونحن لن نسكت عن هذا الظلم. فرغم محاولاتنا المتكررة للتواصل مع وزير البيئة، إلا أنه لم يردّ على اتصالاتنا، ولم يتصل أحد من جهته بنا. في هذه الحالة، إلى من نتوجه؟

تواصلنا مع الناشط الحقوقي البيئي بول أبي راشد، رئيس جمعية الأرض في لبنان، وكذلك مع الأهالي والجمعيات المحلية، سعياً منا جاهدين للوصول إلى حل ٍ عادل ٍ وسريع لهذه القضية البيئية الملحة.” طرحنا على ابي راشد سؤالا حول الخطة الواضحة التي تظهر حقيقة ما يجري، وكذلك عن سبب غياب دراسة الاثر البيئي والاجتماعي للمشروع مع الحق الكامل للأهالي بالاعتراض عليه، وممنوع منعاً باتا ً بنظرنا ان تبدأ الاشغال الاثنين المقبل إذ إننا سنكون بالمرصاد.

كشف لنا ابي راشد انه منذ عدة ايام وصلته شكوى حول مشروع يجري في ارض كبيرة تفوق مساحتها ١٦٠ ألف متر مربع عبارة عن مدينة صناعية او ما شابه في “بصرما”، مع العلم ان المشاريع الصناعية تخضع لمرسوم تنظيمي لقانون حماية البيئة الرقم 444، ورقم المرسوم 8633/2012 وينص على ان كل مشروع لديه تأثير على الطبيعة من قطع اشجار ٍ او حفر يحتاج حكما الى دراسة تقييم الاثر البيئي الى جانب رخص البناء. وكذلك، بحسب ابي راشد، فإن هذا الموقع يبعد فقط 300 متر عن “وادي قاديشا”، وهناك القرار رقم 151/1 الصادر في العام 1997 الذي صنّف هذا الوادي موقعا طبيعيا، وهذا يرفع درجة الحساسية ويجعل المنطقة حساسة بيئيا وبحاجة حكماً الى دراسة إثر بيئي مهما كان نوع المشروع المنوي تنفيذه. واشار الى ان الاعمال ستبدأ خلال 48 ساعة، وبالتالي فانه يجب على مدعي عام الشمال ووزارة البيئة ايقاف هذا المشروع الى حين وضع دراسة الاثر البيئي والاجتماعي، لان هذا المشروع قد يؤثر ايضا على المجتمع القريب منه.

وقال: هم مجبرون على منع البدء بهذا المشروع قبل وضع هذه الدراسة، واليوم قبل الغد يجب على محافظ الشمال ووزارة البيئة تجميد كل الاعمال. ولفت الى انه في حال بدأوا بهذا المشروع، فإن القانون ينص على جرم جزائي بالسجن وبدفع مبلغ مالي كان يصل الى حدود 200 مليون ليرة عندما كان سعر صرف الدولار 1500. واليوم يمكن للقاضي ان يفرض جزية كبيرة والسجن للشركة التي اتت لتنفيذ مشروع لا يتضمن دراسة الاثر البيئي والاجتماعي. ورأى اننا في لبنان نعتبر دولة فيها قضاء وقانون، اما إذا تعذر ذلك فان من حق المجتمع الدفاع عن نفسه بوسائل اخرى خصوصا وان الاهالي في المنطقة خائفون من هذا المشروع. وتابع: أسرع طريقة لتجميد هذا المشروع هو كشف الغش الذي تتبعه الشركة صاحبة المشروع خصوصا عند حديثها عن عقار فارغ، وذلك من خلال رفع دعوى غش وتزوير ضدها والتركيز على ان المشروع لا يتضمن دراسة الاثر البيئي التي هي بمثابة رخصة للبدء بالمشروع.

وابدى ابي راشد استعداد جمعيته للمساعدة في هذا الموضوع والدخول في تفاصيله والاسراع في لفت انتباه وزارة البيئة حول المخالفات في حال بدأ العمل بشكل سريع. واستغرب كيف ان احدا من اهالي المنطقة لم يطّلع على تلك الدراسة في حال وجدت، ومن هنا التشكيك بوجودها، مؤكدا حق الاهالي بإبداء رأيهم بالمشروع، وإذا لم يتم الاستماع لهم فهذا دليل على ان هناك مخالفة ما في هذا المشروع.

أما مجموعة من أهالي وشباب بصرما أكدت ان دير سيدة النجاة الماروني الوحيد في الكورة هو دير شاسع المساحة وتعد املاكه ما بين 4 – 5 ملايين متر مربع تقريباً، وقد صدر قرار في السنوات الماضية بإعطاء استثمار صناعي في المنطقة بعد تمرير لعبة في الخفاء لتصنيفها صناعية وهي التي تمتاز بزراعة الزيتون، والدير هو من اهم منتجي زيت الزيتون والزيتون في قضاء الكورة. واضافوا: تم من خلال هذه اللعبة تضمين أرض ٍ، لمدة 27 سنة، تعادل 161 ألف متر مربع وفيها حوالي 3540 شجرة زيتون تاريخية لإقامة تجمع صناعي، عُرِّف عنه بحسب العقد انه يهدف لتشغيل ابناء الكورة وزغرتا بشكل حصري. الا اننا علمنا بأن هناك نية لإنشاء مدينة صناعية تعتني بالصناعات الخفيفة مثل الحدادة والبويا وتجميع قطع السيارات والخردوات على تلك المساحة الخضراء.

واعتبروا ان خطورة هذا المشروع، بأن الدير الذي تأسس على يد دانيال العلم الحدثي بين 1874 – 1878، بني حجرا حجرا وتم تجميع كلفة بنائه بواسطة الرهبان حينذاك تحت ظل الاحتلال التركي لإنشاء هذا الدير على اساس انه الدير الماروني الوحيد في اسفل جبة بشري يكون حصنا لحماية الاقلية المارونية في الكورة و”بصرما”، وتمت زراعة مساحات كبيرة من الزيتون، واليوم تقرر، بسبب إما الغباء او عدم الاطلاع او وجود مؤامرة معينة، اقتلاع هذه الثروة التاريخية الخضراء التي تنتج زيتا، على حساب جلب مئات العائلات الغريبة عن المنطقة ومن ضمنها عائلات سورية للعمل والسكن في تلك المدينة الصناعية.

واشاروا الى ان المدينة الصناعية ستكون بعيدة عن مركز وادي “قاديشا’ التاريخي بين 300 – 350 مترا، وهناك راهب قديس هو الاب ابراهيم حاقلاني حيث يأتي الى مزاره المئات من المؤمنين وقبره محج ديني وطبيعي في تلك المنطقة، وهذا القبر لا يبعد أكثر من 150 مترا عن مكان المشروع. الى جانب مدفن يضم يحوي جثامين 54 راهبا ليس بعيدا عن مدينة الباطون الغريبة التي ستغيّر الواقع البيئي والديموغرافي والسوسيولوجي في “بصرما “والكورة.

“بصرما “ومناطق كثيرة لبنانية تحتوي على أجمل بيئة طبيعية على الخارطة اللبنانية، اسفاً لتفكير البعض بأن الطبيعة هي وسيلة لجمع المال من خلال تخريبها، ضاربين بعرض الحائط كل انواع المبادئ البيئية والصحية والنفسية للمجتمع. الجريمة البيئية كغيرها من الجرائم تهدد الامن والسلام.
النفوذ السياسي لن يكون عائقا في وجه الحق والعدل! لن نتراجع ولن نسكت حتى احقاق العدل. وليفهم الجميع بأن الكلمة الأخيرة تبقى لأهالي المنطقة وأبنائها وحراسها.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: