أكد وزير الطاقة والمياه جو صدي، أن "قطاع الكهرباء، تأثر سلبيا نتيجة تسييسه طوال الاعوام الفائتة"، معتبرا ان "أحد أهداف إنشاء الهيئة الناظمة هو تطببق القانون وابعاد القرارات والخيارات التقنية عن السياسة، بحيث يضع الاختصاصيون ما يجب تنفيذه وهم يضعون الخطط، بينما يوافق الوزير على الاستراتيجية العامة أو الخطة، والهدف الأساسي إبعاد القطاع والأداء عن السياسة".
وكشف أن "قدرة مؤسسة كهرباء لبنان الإنتاجية، وليس ما تنتجه حاليا، تتراوح بين 8 و10 ساعات من الإنتاج في المعامل الحالية، وقد تكون أقل في الصيف بسبب الضغط الناتج عن أجهزة التكييف. وفي الشتاء قد تصل إلى 10 ساعات إذا كان هناك إنتاج كهرومائي، بشرط أن يتم تسديد كامل مستحقات الكهرباء".
وأوضح أن "هذا الأمر يعني أن الكهرباء تحتاج إلى تدفق مالي كاف لشراء الفيول المطلوب، بالإضافة إلى أعمال الصيانة التي يجب أن تتم دوريا وأن تبقى المعامل شغالة".
وأشار الى ان "القدرة الإنتاجية تتراوح بين 1000 و1200 ميغاوات، ويجب مقارنتها بالطلب، الذي هو 3 أو 3.5 أضعاف هذه القدرة".
وأكد أن "المطلوب أن ترفع مؤسسة الكهرباء نسبة الجباية وأن تزيل التعديات إلى الحد الأقصى لتأمين التدفق المالي اللازم لشراء الفيول والإنتاج". وأوضح أن "التعديات تشكل اليوم 30% من الإنتاج، أي أن 30% من الكهرباء تسرق، وهذا أمر لا يمكن الاستمرار به لأنه غير عادل لمن يدفع، ويخيف المستثمرين الذين يسألون كيف يمكن الاستثمار إذا كانت هذه النسبة تسرق".
كما كشف أنه طلب من مؤسسة كهرباء لبنان منذ تسلمه الوزارة، أن "تؤمن احتياجاتها من الفيول من جبايتها، وأن تتوقف نهائياً عن الاستدانة من الدولة"، موضحا انه "خلال السنوات الـ 16 الأخيرة، وصلت استدانة المؤسسة إلى حوالى 21 أو 22 مليارا، ولو أضفنا اليها الفوائد قد تصل إلى 30 أو 35 مليارا، وعلى مدى 20 سنة تزيد أكثر".
وأكد أنه "تم البدء بإيقاف الاستدانة كلياً"، مشيرا الى أنه "عندما تستدين الدولة، فهذا يعني أن كل فرد يدفع من أمواله عبر الضرائب، وهذه المليارات مصدرها أموال المواطنين".
ولفت الى أنه "تم الطلب من مؤسسة كهرباء لبنان، عدم الاكتفاء بتحرير محضر ضبط في حق من يسرق الكهرباء، لأن السارق لم يعد يردعه ذلك فهو يدفع الغرامة ويكمل، بل أن تتم إحالة كبار المتعدين إلى القضاء"، كاشفا ان "الملاحقات القضائية بدأت"، موضحا أنه "طلب من المؤسسة أن تصدر كل شهر بيانا عن عدد الإحالات إلى النيابة العامة وليس فقط عدد محاضر الضبط".
وشدد على أن "زيادة ساعات التغذية مرتبطة بتحسن الجباية وإزالة التعديات، أما الاستدانة فلن تعود لأنها دين يحمل للمواطنين"، وقال: "منذ الشهر الماضي بدأت الكهرباء تدفع ثمن الفيول من جبايتها".
وبالنسبة الى موضوع عقد النفط الذي أبرم مع الكويت، شرح صدي أن "لبنان كان يعتمد على النفط العراقي عبر 4 عقود متتالية، وقدم العراق دعما كبيراً، لكن العقد الأخير أضيف كدين جديد بقيمة مليار ومئتي مليون، ما لم يعد ممكنا الاستمرار فيه".
تابع: "بالنسبة الى الكويت، اتفقنا على باخرتين هبة وباخرتين بسعر السوق، أي بنصف القيمة، وستدفع من جباية المؤسسة".
وفي ما يتعلق بالربط الكهربائي مع قبرص، قال: "إن معظم دول المنطقة تعمل على الربط الكهربائي، وقبرص لديها فائض في الإنتاج وخصوصا من الطاقة الشمسية، واللقاء مع الرئيس القبرصي هدفه مناقشة مشروع الربط لمعرفة الكميات المتاحة والسعر. وتم الاتفاق على طلب دراسة جدوى من البنك الدولي، وقد تم الحصول على موافقة مبدئية". وكشف ان "النتائج الأولية قد تظهر خلال 3 أو 4 أشهر".
وأشار الى مشروع ربط مع الأردن عبر سوريا، وبأنه سيجتمع الأسبوع الحالي في عمان مع نظيريه الأردني والسوري "لبحث جاهزية الشبكة السورية والقدرات الممكن استيرادها والتكلفة، بالاضافة الى البحث في خط الغاز العربي لإمكان إعادة تشغيله".
وعن الهيئة الناظمة، اعتبر أن "تشكيلها بعد 23 سنة كان إنجازا ضروريا لتطبيق القانون ولتحييد القطاع عن السياسة. وقد بدأت الهيئة عملها، رغم عدم توفر مكاتب أو تجهيزات، على مسارين: المخطط التوجيهي، وإعادة تنظيم قطاع التوزيع"، مشيرا الى انه "سيتم تحديث قانون الكهرباء 462 لتكريس استقلالية الهيئة".
أما عن موعد تأمين الكهرباء 24 ساعة، فلفت الى أنه لن يضع تاريخا، "لأن الخطة تراكمية وتعتمد على تحسين الجباية وتطوير الشبكة وزيادة الإنتاج والاستثمارات في الطاقة الشمسية وتنفيذ مشاريع الربط".
وأكد أن "حلم اللبنانيين بتحول لبنان إلى بلد نفطي ما زال قائما"، مشددا على أن "الجيولوجيا البحرية علم يحتاج إلى وقت وصبر ولا يمكن الحكم من تجربة أو بئر واحدة".
وقال: "إن التجربة المصرية خير دليل، حيث حفرت شركة شل في عام 2000 بئرا في منطقة زور ولم تعثر على شيء، ثم جاءت شركة أخرى بعد 14 عاما لتكتشف في المنطقة نفسها واحدا من أكبر الحقول الغازية".
وأوضح أن "نتائج الحفر السابقة في لبنان، سواء في البلوك 4 أو في الموقع الذي جرى اختباره في البلوك 9، لم تظهر كميات تجارية، لكن هذا لا يعني إطلاقا أن باقي البلوكات غير واعدة، أو أن إمكانات الاكتشاف قد انتفت". وأكد أن "عمليات الحفر تختلف من موقع إلى آخر داخل البلوك الواحد، وبالتالي فإن النتيجة في نقطة لا تلغي احتمال وجود اكتشاف في نقاط أخرى".
وفي ما يخص التطورات الجديدة، أعلن أن "البلوك 8 أُحيل إلى كونسورسيوم يتألف من توتال والقطرية وإيني، وهو الوحيد الذي لم يخضع لمسح سيزمي ثلاثي الابعاد سابقاً بسبب النزاع الحدودي".
أضاف: "الآن أصبح بالإمكان إجراء المسح السيزمي، وقد التزم الائتلاف بدء الدراسات، وبعدها سيقرر موعد الحفر بناء على المعطيات العلمية".
وبالنسبة الى ملف شركة "تي جي اس"، شدد على أن "العقد معها لم يلغ بل تأجل"، وقال: "وصلتنا عروض جديدة من الائتلاف للبلوكين 8 و10، وفضلنا إعطاء الأولوية للشركات العاملة في البلوكات نفسها، لأننا نريد استمرارية والتزامات واضحة وشروطا منصفة للبنان".
ولفت إلى أن "تحسين الشروط التعاقدية لا يتحقق إلا بعد اكتشاف تجاري"، وقال: "عندما نجد الغاز في أول بئر يمكن التفاوض على شروط أفضل للابار اللاحقة".
وشدد على أن "أهم ما في قطاع النفط هو إبقاء الحركة مستمرة"، وقال: "إن توقف النشاط يثير تساؤلات لدى الشركات العالمية، بينما النشاط المتواصل يعزز موقع لبنان على خارطة الاستكشاف، تماما كما هو الحال في قبرص حيث تعمل الشركات العالمية في 19 بلوكاً". وأعرب عن أمله بأن "يسهم تحريك البلوك 8 في جذب الاستثمارات إلى باقي البلوكات".
وبالنسبة لمسألة ارتباط الملف بالسياسة، أوضح صدي أن "قطاع النفط والغاز عالمياً مرتبط حكما بالسياسات العليا"، مذكرا بأن "كلفة حفر بئر واحدة تصل إلى نحو 120 مليون دولار، ولا شركة مستعدة لخسارة هذا المبلغ إن لم تكن تعتقد بوجود احتمال فعلي للاكتشاف". وأشار إلى أن "نتائج البلوك 9 معروضة بشفافية أمام الهيئة والوزارة، ويمكن لأي جهة مخولة الاطلاع عليها".
وفي سياق الحديث عن الاستراتيجية الوطنية للطاقة، أكد أن "الوزارة تعمل على مقاربة شاملة تربط بين النفط والغاز والطاقة المتجددة"، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن "أزمة المياه أخطر وأكثر تعقيدا من الكهرباء". وأوضح أن "معالجة ملف المياه تتطلب تخطيطا طويل الأمد وبنية تحتية واسعة، في حين أن الكهرباء يمكن معالجتها عبر بناء معامل وتمديد شبكات".
وتوقف عند ملف السدود، مشيرا إلى أن "4 سدود ما زالت عالقة لأسباب متنوعة، منها مشاكل مالية وفنية وقانونية"، وقال: "إن سد بلعة يعاني من تسرب كبير، وسد بقعاتة مرتبط بتعهد موضوع على اللائحة السوداء الاميركية، وسد جنة تحيط به قراءات فنية متناقضة، أما سد المسيلحة فما يزال ملفه القضائي مفتوحاً".
وأعلن أنه "حصل على موافقة مبدئية من جهة أوروبية لتمويل دراسة تقنية لسدي بلعة وبقعاتة، لتحديد ما إذا كانت الحلول الفنية السابقة صائبة أو إذا كان ينبغي اعتماد استخدام مختلف لهما". كما أعلن عن "موافقة مماثلة لدراسة سدي جنة والمسيلحة عبر خبراء عالميين مستقلين، بهدف الوصول إلى الحلول الفنية الأنسب بعيدا عن التجاذبات السياسية".
ختم: "هدفي أن نخرج من ملف هذه السدود بقرارات علمية دقيقة، وفي أسرع وقت ممكن، ونأمل أن تبدأ الدراسات مطلع العام المقبل فور صدور الموافقات النهائية".