من دون أية مقدمات وفي توقيت داخلي مشبوه، إنقلب المشهد الأمني في أكثر من منطقة، من الإستقرار إلى التصعيد ولو لساعاتٍ فقط، وذلك عبر مشاهد مختلفة من حيث الشكل كما المضمون، وتحديداً على الجبهة الجنوبية، حيث أن إطلاق صواريخ مجهولة من الجنوب باتجاه إسرائيل منذ يومين، قد حمل أكثر من رسالة ودلالة حول المعادلة الأمنية جنوباً. وتباينت القراءات الداخلية كما الخارجية لهذه العملية المفاجئة، لمن مصادر سياسية مطلعة، قرأت فيها “رسالةً”، وهدفها القول أن جبهة الجنوب موجودة والخطر الإسرائيلي موجود، وذلك من أجل التذكير والتبرير للوضع القائم، والتأكيد بأن موقف “حزب الله” الذي يكرر فيه بأن سلاحه ضرورة للبنان بسبب الخطر الإسرائيلي واحتمالات العدوان والحرب على لبنان، وبالتالي فإن وجوده مبرّر بدلالة القصف بالأمس على القرى الجنوبية.
ووفق المصدر المطلع، فإن عملية إطلاق الصواريخ المجهولة، تلبّي في مكانٍ ما، أهدافاً سياسية داخلية وإقليمية، في موازاة تلبية هدفٍ إسرائيلي غامض، مع العلم أن ما من مصلحة لدى “حزب الله”، بأن يتطور الوضع عسكرياً ويتدحرج نحو المواجهة العسكرية وكذلك الأمر بالنسبة لإسرائيل التي لا تملك أي مبرر للذهاب بدورها نحو شنّ أي عدوان على الجنوب، خصوصاً وان الصاروخ الذي انطلق من جنوب لبنان قد انفجر في منطقةٍ غير مأهولة، ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنه. وإذا كان مصدر هذه الصاروخ الذي أُطلق والصواريخ التي ضبطها الجيش لاحقاً، بقي مجهولاً ولم تبادر أي جهة إلى تبنّي العملية، كشف المصدر نفسه عن قدرة الحزب على معرفة الجهة المسؤولة عنها، وإن لم يعرف قبل العملية فهو قادر على أن يعرف بعدها، بمعنى أن الحزب قادر على التحقق من العملية سواء قبلها أوبعدها، وإن كانت الرسالة واضحة من الحزب إلى الخارج، وهي قد وصلت طبعاً، ومفادها بأنه الجهة الوحيدة القادرة على حماية الستاتيكو في الجنوب والقادر على ضبط أي حركة مسلحة أو عناصر مسلحة فلسطينية أم غير فلسطينية.