يعود الشارع اليوم ليتصدّر واجهة المشهد السياسي ولكن من دون اكتمال عناصر الغضب الشعبي الفعلي، كون الإضراب الذي دعا إليه الإتحاد العمالي وقطاع النقل البري، لا يشمل كل شرائح المجتمع الغاضب، من التردّي المخيف للواقع الإجتماعي والتقصير الواضح وربما "المقصود" من قبل المعنيين السياسيين، في اتخاذ أي مقاربة إنقاذية تسمح بلجم الإنهيار المتسارع. ومع ارتفاع منسوب الخطر من الإنزلاق إلى قعر جديد في الأيام المقبلة، بعدما لامس الخطر الخبز وبات يهدد معيشة اللبنايين وليس القطاعات الحيوية فقط، فإن معلومات مستقاة من أوساط ديبلوماسية كشفت عن تحرك فرنسي ديبلوماسي، سيتبلور في المرحلة المقبلة من أجل استلحاق الوضع الإجتماعي قبل أن يغرق لبنان في الفوضى.ووفق هذه المصادر فإن رسائل ديبلوماسية فرنسية وصلت إلى أكثر من مسؤول في الآونة الأخير، تدعو إلى إيجاد الحلول لعودة مجلس الوزراء إلى الإنعقاد مجدداً، وذلك قبل فوات الآوان، بعدما دخلت الساحة في سباقٍ مميت مع الإنفجار الإجتماعي، قبل الوصول إلى قرارات وتسويات سياسية بين مكوّنات السلطة، تؤدي إلى وضع قطار الحلول الحكومية على سكة التنفيذ، على الأقلّ للسماح للمواطنين بالتقاط أنفاسهم، بعدما وصلوا إلى حافة التجويع والإنهيار.وبانتظار العدّ العكسي لبدء الحوار الوطني أو تأجيله، فإن المصادر المطلعة نفسها، تتلمّس مؤشرات على توتر تدريجي سياسي وأمني، خصوصاً على جبهة العلاقات بين الرئاسات الثلاث، حيث باتت تختلط الأجندات وتتشابك حسابات الربح والخسارة عشية الإنتخابات النيابية، وسط استخفاف أو على الأقلّ إهمال للإنفجار الذي قد لا يحصل اليوم، ولكن عناصره في طور التراكم، ولن يخرج الغضب الفعلي الشعبي إلى الضوء، وفق سياق منظم، بل بشكل عفوي وعشوائي.ومن هنا فإن يوم الغضب المرتقب اليوم، تضعه المصادر، في إطار تصفية الحسابات السياسية وتوجيه الرسائل إلى المعنيين، بأن انفلات الشارع بات خياراً ممكناً وقادراً على خلط الأوراق وتغيير المعادلات الداخلية، بصرف النظر عن الظروف الدقيقة التي تمرّ بها البلاد.
