100 يوم على الحكومة.. سلام يؤكد مواصلة الإصلاح وفرض سلطة الدولة

salam

وجّه رئيس الحكومة نواف سلام، عشية عيد الأضحى، تهنئة خاصة إلى اللبنانيين عموماً والمسلمين خصوصاً، متمنياً لهم عيداً سعيداً، معبراً عن إصراره على عدم تكرار الأيام السوداء التي شهدها البلد من صراعات عطلت الاقتصاد وعملت على شلل عمل الدولة، وأسفرت عن هجرة الشباب.

وفي تصريح بمناسبة مرور 100 يوم على تشكيل الحكومة، أكّد سلام أن حكومته مصممة على المضي في مشروع الإصلاح، رغم كل الصعوبات والعراقيل التي تواجهها. وأضاف: “كلنا منعرف شو كان الوضع وقت اللي استلمت الحكومة. الحقيقة أن الأزمات التي تراكمت خلال السنوات الخمسة الماضية، وزادها العدوان الإسرائيلي تعقيداً، ضاعفت من قناعتنا بأن الإنقاذ لا يتحقق إلا بإطلاق مسار إصلاحي يؤسس لدولة حديثة تستعيد ثقة اللبنانيين، والأشقاء العرب، والمجتمع الدولي، وصولاً لتعافي اقتصادي واجتماعي مستدام”.

وشدّد رئيس الحكومة على أن “لا أحد مهما كانت عزيمته قوية يستطيع إصلاح كل شيء لا بمئة يوم ولا باثني عشر شهراً”، معتبراً أن الوقت له ثمن وأن ضياع الوقت سيدفعه الأجيال القادمة، لذلك تعمل الحكومة على أكثر من جبهة.

في المجال الأمني والعسكري، بيّن سلام أن الدولة مستمرة في بسط سلطتها على كامل الأراضي اللبنانية بقواها الذاتية، تماشياً مع اتفاق الطائف، حيث يواصل الجيش اللبناني توسيع انتشاره وفكك حتى الآن أكثر من 500 موقع عسكري ومخزن في جنوب الليطاني. وأكد أن تحقيق الأمن والاستقرار لا يمكن أن يتم طالما استمرت الانتهاكات الإسرائيلية اليومية واحتلال أجزاء من الأراضي اللبنانية، مؤكداً استمرار الضغط لإجبار إسرائيل على الانسحاب الكامل تطبيقاً للقرار 1701، والعمل على توفير كل الظروف لإعادة أهل الأراضي المحتلة إلى بيوتهم بكرامة، وإعادة إعمار ما دمره الاحتلال.

على صعيد المطارات، أشار سلام إلى تعزيز سيطرة الدولة على مطار رفيق الحريري الدولي عبر تغييرات إدارية وتحسينات تقنية وإجرائية، وشدد الإجراءات لمنع التهريب وتعزيز السلامة، مؤكداً أن الفرق بات واضحاً، كما أطلقوا خطة لتأهيل طريق المطار وأزالوا الصور الحزبية وأوقفوا من اعتدى على قوات الطوارئ الدولية ومن حاول قطع الطريق.

وفي التعاون مع سوريا، أفاد بتشكيل لجان مشتركة لضبط الحدود ومنع التهريب ووقف الاشتباكات وصولاً إلى ترسيم الحدود، مشيراً إلى التعاون مع المجتمع الدولي والسلطات السورية لتسهيل عودة آمنة وكريمة للنازحين السوريين إلى بلادهم.

على الصعيد السياسي، أوضح سلام أن الحكومة أنجزت بكل حيادية الانتخابات البلدية والاختيارية بعد تسع سنوات من التأجيل، مؤكداً احترام الاستحقاقات الدستورية، وبدأت التحضير للانتخابات النيابية القادمة. كما لفت إلى زيارات الرئيس فخامة ميشال عون إلى الخارج لإعادة لبنان إلى الخريطة العربية والدولية، وإلى زيارته الشخصية إلى السعودية وسوريا والإمارات العربية المتحدة، ومشاركته في القمة العربية ببغداد، وذلك بهدف إعادة تفعيل علاقات لبنان مع العمق العربي وفتح صفحة جديدة من التعاون البنّاء.

وأكد سلام أن لبنان أمام مرحلة مفصلية، وأن تحولات المنطقة تحتم عليه أن يكون جزءاً فاعلاً من هذا السياق، معتبراً أن النهوض اللبناني لا يمكن أن يتحقق إلا عبر العمق العربي ورؤية مستقبلية واضحة.

في المجال الاقتصادي والمالي، بيّن سلام أن رؤية الحكومة لا تقوم على حلول وهمية، بل على تصحيح أخطاء الماضي وإصلاح النظام المالي والمصرفي. وأشار إلى إقرار قانون رفع السرية المصرفية الذي اعتبره نقلة نوعية نحو الشفافية والمساءلة، وشرطاً أساسياً لاستعادة ثقة اللبنانيين وحقوق المودعين، معتبراً أن الشفافية اليوم هي الميزة وليس السرية.

كما أقرّت الحكومة مشروع قانون إصلاح القطاع المصرفي بهدف إعادة هيكلة المصارف وتأسيس نظام مصرفي حديث ومتّعافى، على أن يتم عرضه قريباً على مجلس النواب. وأشار إلى قانون الفجوة المالية الذي تجري الحكومة العمل على إتمامه لعرضه على البرلمان، مؤكداً أنه الأساس لتحقيق العدالة واستعادة الودائع.

وجدد موقفه المبدئي والثابت في رفض فكرة شطب الودائع، معتبراً أن الإجراءات موجهة لحماية القطاع المصرفي الذي يجب أن يكون صحياً ويخدم الناس والاقتصاد والاستثمار. كما نوّه بتقدم المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بجدية ومسؤولية، مؤكداً أن الصندوق أداة يجب استخدامها بعقلانية لخدمة مصلحة اللبنانيين، ويطمح لتوقيع الاتفاق معه خلال فترة ولايته.

وفي موازاة الإصلاحات المالية، شدد على حرص الحكومة على تحفيز النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل من خلال مشاريع إنتاجية ترتكز على مكامن القوة، ومنها خطة سياحية متكاملة لتحسين عودة السياح خصوصاً من دول الخليج، وتحفيز القطاعات الزراعية والصناعية، وتطوير المجالات الرقمية والثقافية والفنية التي يتميز بها الشباب اللبناني، مع اهتمام خاص بتحسين نوعية التعليم. كما لفت إلى إعادة الحياة إلى مدينة كميل شمعون الرياضية بعد غياب طويل، وزياراته إلى الجنوب والبقاع والشمال للاطلاع على احتياجات هذه المناطق وتفعيل المشاريع الإنمائية فيها.

وأكد سلام على أهمية مشروع تطوير مطار رينيه معوض في القليعات، الذي يجري العمل على وضع مخطط توجيهي له ودراسة جدوى لتشغيله، مشيراً إلى أن هذا المشروع سيكون له أثر إنمائي كبير خاصة على منطقة الشمال.

في مجال الإدارة والقضاء، أكد رئيس الحكومة أن الأولوية هي استعادة مصداقية إدارات الدولة والثقة بالقضاء، مشيراً إلى خطوات ملموسة تم اتخاذها، منها إقرار مشروع قانون استقلالية القضاء، الذي يعد خطوة تاريخية لحماية القضاء من التدخلات وإعادة الثقة بالعدالة، وهو الآن أمام البرلمان لإقراره.

وذكر سلام خطة لمعالجة وضع الموقوفين في السجون عبر تفعيل المحاكمات داخل سجن رومية كخطوة أولى لتحقيق العدالة، وجدد التأكيد على أهمية استئناف تحقيقات انفجار مرفأ بيروت، معتبراً شعار الحكومة في هذا المجال: “ارفعوا أيديكم عن القضاء”.

كما أشار إلى اعتماد آلية جديدة للتوظيف في القطاع العام تقوم على الشفافية والجدارة والتنافسية، بهدف تقليص المحسوبيات ووقف النزيف البشري وتحسين أداء الإدارات ورفع مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، مؤكداً تعيين رئيس وأعضاء مجلس الإنماء والإعمار، والتحضير لتعيين الهيئات الناظمة في الكهرباء والاتصالات والطيران المدني.

وشدد على استعادة مراسيم الأملاك البحرية المخالفة للقانون بهدف حماية المال العام ومنع استغلاله للمنفعة الخاصة، مؤكداً وقف العمل بالتمديد للكسارات المخالفة.

وأقرّ سلام بأن الحاجة لتحسين الخدمات العامة كبيرة، وأكد العمل على تطوير قطاع الاتصالات وإصلاح قطاع الكهرباء عبر خطة شاملة لمعالجة مشاكل الإنتاج والتوزيع والتحصيل، مع التركيز على مشاريع الطاقة المتجددة.

وفي مجال الحماية الاجتماعية، نوه بالحصول على تمويل إضافي لبرنامج “أمان” الذي يعزز الحماية الاجتماعية للأسر الأكثر فقراً، حيث أصبح يغطي نحو 800 ألف مستفيد، مع تحسن ملموس في الخدمات الطبية، واهتمام الحكومة بتفعيل وضع الضمان الاجتماعي. كما أكد حرصه على إيجاد حلول مستدامة لمشاكل الرواتب والأجور والتقاعد، معتبراً أن العاملين في الدولة بصدق وأمانة لن تُنسى جهودهم.

وعلى صعيد إعادة الإعمار، أكد سلام أن الحكومة تعطي أولوية خاصة لهذا المسار، حيث أمّنت حتى الآن قرضاً بقيمة 250 مليون دولار من البنك الدولي لإعادة الإعمار الفوري، وتعمل مع منظمات الأمم المتحدة على مشاريع تفوق قيمتها 350 مليون دولار في الجنوب، تشمل قطاعات التعليم والصحة والمأوى والأمن الغذائي، ضمن خطة دعم تمتد لأربع سنوات.

وختم رئيس الحكومة تصريحاته بالقول إن خطوات مهمة تحققت على طريق التعافي والإصلاح، إلا أن أمام لبنان الكثير من التحديات. وأكد أنه لا يطلب من الناس الصبر فقط، بل يطلب منهم المساهمة في المتابعة والمحاسبة عند التقصير.

وأشار إلى أن ما تحقق حتى الآن هو الحد الأدنى المطلوب لاستعادة الثقة بالدولة ولتأسيس حياة كريمة للبنانيين، مؤكداً أن الحكومة ستتحمل مسؤولياتها حتى اللحظة الأخيرة، وأنها مصممة على مواصلة العمل لإنقاذ لبنان.

وكشف عن الاستعداد لعقد مؤتمر دولي لإعادة الإعمار، وآخر لجذب الاستثمارات في الأشهر المقبلة، مؤكداً التزامه بإبقاء اللبنانيين على اطلاع مستمر بما أنجز وما هو قادم.

وختم بالمعايدة بالقول: “كل عام وأنتم وبلادنا بالف خير”.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: