كتب جورج أبو صعب
ارتكب حزب الله بمعبة حركة امل – يوم الخميس فولا سياسيا ووطنيا سيئا جدا – نتيجة خطأ فادح ومميت في حساباتهما – وقد نسوا هؤلاء ان المنظمات الفلسطينية في اوج جبراووتها في لبنان عندما انحرفت عن هدفها الأساسي عام 1975 وارتكبت خطيئة ادخال بوسطتها الى عين الرمانة واعتبرت ان طريق القدس تمر بجونية – خسرت القدس ولم تفز لا بجونية ولا بالعودة – وطردت بالنهاية من لبنان عام 1982.
صحيح أدت حادثة بوسطة عين الرمانة الى نشوب الحرب الاهلية المشؤومة، والتي تعلم منها الفلسطينيون الكثير من الدروس – فاذا بالحزب والحركة اليوم يحاولان - عبر تحريف مسيرة قالوا عنها سلمية مع انها كان السلاح ظاهرا فيها - ونقل اهتمامها وهدفها من المطالبة بإقصاء القاضي البيطار امام قصر العدل الى الدخول الى عين الرمانة علما ان بين العدلية وعين الرمانة مسافة ليست بقصيرة – فتكررت حادثة بوسطة عين الرمانة لكن بسيناريو هزلي مفضوح أراد صرف الأنظار عن فشل التظاهرة في التاثير على القضاء بعدما فشلت زيارة وفيق صفا التهديدية وفشل ضغط الوزراء من داخل مجلس الوزراء وفشل السيد جسن نصرالله في التأثير عبر خطاباته النارية غير المسبوقة والتصعيدية .
فاندلعت حرب أهلية مصغرة
والقاسم المشترك بين انحراف الفلسطينيين في السبعينات وانحراف حزب الله وحركة امل في 14 تشرين - فائض القوة والاستكبار والنظرة الاستعلائية بان بامكانهما ان يغيرا مجرى الاحداث في أي وقت وفي أي مكان بالاستناد الى السلاح والقوة المادية الغاشمة واستسهال اقتحام مناطق شهد تاريخها بصمودها وقهرها لاعدائها على الدوام – فبين التجربة الفلسطينية والتجربة الشيعية السياسية المستهدف واحد، والنتيجة نفسها هي هي .
المؤسف ان كلا من الحزب والحركة لم يفهما ولم يستوعبا الى الان – بان اللعب مع مناطق مثل عين الرمانة والطيونة وبدارو وفرن الشباك والاشرفية وسواها من مناطق الشرف والكرامة - ليس امرا مسليا لهما لان هذه المنطقة التي قهرت على التوالي المحتل الفلسطيني فالسوري فالخونة من الصف الواحد وصولا الى حرب الإلغاء – منطقة عاصية على قوى الشر والظلم ولأبنائها كرامة مقدسة وعنفوان معمد بالدم والتضحيات على مر العقود – وقد تناقلوا مشعل الصمود من الأجداد الى الأباء الى الأبناء والاحفاد وما زالوا يتوارثون البطولات والملاحم .
ما حصل في الطيونة وعين الرمانة وبدارو يوم 14 تشرين ظهر في السياسة نتيجتين أساسيتين :
النتيجة الأولى : اسقاط هالة الحزب الذي لا يقهر في الداخل بسبب فائض قوته – اذ اثبتت الاحداث والفيديوهات المنتشرة ان العددية " والجحفلة " لا تكفيان لاقتحام منطقة عندما يكون هناك إرادة صمود وتصدي لدى أبنائها – فكل الهالة العسكرية تنهار على مداخل قلاع المقاومة الحقيقية .
النتيجة الثانية : انكشاف الحزب والحركة بانهما ضد الحقيقة وضد التحقيق – ما بات يطرح اكثر من علامة استفهام حول تورطهما في انفجار المرفأ سواء مباشرة او بصورة غير مباشرة – اذ ان التوتر الذي يعانيه الحزب من رأس هرمه الى اسفله مصحوبا بالتصاريح النارية والتهديدية للمحقق العدلي والحكومة والقضاء وحتى رئاسة الجمهورية – تؤشر بوضوح الى علاقة ما لهما بما حصل في ذلك اليوم الأسود من شهر اب 2019 .
وانطلاقا من السقطة المدوية لوزير الداخلية الجديد الذي سارع الى تبني وجهة نظر الثنائي المعتدي – والذي يطرح على بساط البحث أهلية كل هذه الحكومة في المعالجات الموضوعية للامور – يمكن القول ان اختبار 14 تشرين الأول كان اول رسوب للحكومة وانكشاف واضح ومخجل ومحرج للتيار الوطني الحر – الذي اظهر بجلاء مدى ذميته و خضوعه للحزب وتغطيته لتصرفاته وارتكاباته .
ولعل المخجل اكثر فاكثر صمت جماعة كلن يعني كلن – والمطبلين والمنظرين للثورة والتغيير وقلب الطاولة على السلطة الفاسدة – كيف انهم اختفوا ولم نسمع منهم أي تعليق او موقف – من تفلت السلاح وتصويبه باتجاه الناس والقضاء والمحقق العدلي .
صمت القبور من رموز ثورية ادعت يوما انها قادرة على مواجهة الكل في السلطة – اين هي ؟؟؟
طبعا نحن نعرف لكن الجميل ان يعرف الراي العام حقيقة هؤلاء.
اذا كان المعتدي يتساوى مع المعتدى عليه بنظر هذه الحكومة وتلك السلطة الجائرة – فاننا امام حقبة عضومية جديدة – ولكن هيهات ان تفلح هذه المرة في تحريف الحقائق والتحقيقات – فقد حصل اعتداء من فريق من المتظاهرين ضد المحقق البيطار على منطقة عين الرمانة – الطيونة – ما أدى الى ممارسة أهالي تلك المنطقة حق الدفاع المشروع عن النفس –
نقطة على السطر …
من هنا ندعو النواب السياديين في المجلس الى توجيه سؤال الى الحكومة ووزير الداخلية حول مواقف هذا الأخير المنحازة لرواية المعتدين … وصولا الى طرح الثقة فيهما وبغض النظر عن عدم توفر أكثرية لاسقاطهما وهما بالطبع لن يسقطا لانهما وجدا لخدمة مصالح الحزب بتقطيع المرحلة الحالية الى حين الانتخابات النيابية – التي بدأنا نشك في إمكانية حصولها في ضؤ ما حصل في الشارع … وما هو مرشح حصوله في الأيام والاسابيع المقبلة .
من يريد الحفاظ على السلم الأهلي عليه ان يتوقف فورا عن المساومة على القضاء ..
من يريد الحفاظ على السلم الأهلي من اعلى هرم السلطة الى اسفله – عليه ان يحمي التحقيق والمحقق العدلي طارق البيطار ويحترم مبدا فصل السلطات …
ومن له أي تحفظ او اعتراض على عمل المحقق العدلي - عليه سلوك الطرق القانونية والمؤسساتية للطعن لا اكثر ولا اقل …
انتهى زمن 7 أيار مكرر … لن تستطيعوا لا تطويع ولا تركيع اللبنانيين الشرفاء والسياديين … فعين الرمانة والطيونة رفعت في وجهكم البطاقة الحمراء … يوم 14 تشرين الأول …
حزب الله مأزوم وبالعادة المأزوم يسعى الى التستر لا " التفحيش " " والفجور " كما فعل في الطيونة وعين الرمانة وبدارو … فان بليتم بالمعاصي فاستتروا …
سقطت في عين الرمانة والطيونة معادلة: اما السلم الأهلي بقبع البيطار واما الدم والنار …
سقطت مؤامرة الحزب والحركة في اغراق البلد في الفوضى والخوف والرعب … لحمل اللبنانيين على الخضوع لارادتهما … وقد قلناها ونرددها لكل شارع شارع مضاد … فإياكم اللعب بالنار … فمحاسبة المسؤولين عن تفجير المرفأ أساس قيام دولة القانون بعد اليوم وحجر الزاوية في عودة الثقة الدولية بلبنان … ولا سلم اهلي حقيقي ومصان الا بتحقيق العدالة … فلم يعد لبنان يحتمل بقاء الجرائم والاغتيالات بدون محاسبة …
في 14 تشرين الأول سقط يوم 7 أيار المجيد …
في 14 تشرين الأول حقق القضاء انتصارا جديدا على قوى الباطل المستولية على مقدرات البلاد …
في 14 تشرين الأول انتفض شعب حر وعنيد بالحق ليقول للغاصب والمعتدي : كفى تجبر ورهن لبنان ودماء اللبنانيين لاجندات طهران …
المعركة الحقيقية بدأت ولن تنتهي الا بانتصار الحق والحقيقة والا على لبنان السلام …