من الضروري الاشارة الى ان “حركية التاريخ” لا تقاس بالزمن وحده ولا بالحدث بعينه، بل هي تراكمات وتقاطعات وامتدادات لظروف مكانية زمانية ومصالح ومطامع شخصية واستراتيجية، قد تولّد حروبا وكوارث، كما ان هذه الأخيرة قد تنتج عن عوامل طبيعية غير بشرية هي الاخرى تكون امتدادات لما سبق او رافق.
لا بد من التنويه في هذا الإطار بما زخرت وتزخر به الصفحات والشاشات من أخبار ومشاهد العرافين الرؤيويين غير العارفين المصدِّقين لأنفسهم غير المصدَّقين من العقل والعلم والمنطق.
منذ بدء التدوينات التاريخية لم تغب الأحداث السياسية،العسكرية والأمنية ولم تختف الاغتيالات في كل العالمين العربي والغربي كما ان سيول التطورات الدراماتيكية لم تجفّ يوما وبالأخص عن الشرق الاوسط بشكل عام ولبنان بشكل خاص.
وللاسباب المنطقية الموضوعية العلمية اامذكورة لم يكن العام المنصرم استثناءً ولن يكون العام العتيد الجديد “هناءً” على ما تقاطع عليه “العرّافون” المتفائلون.
من المؤكد ان الحرب على غزة التي بدأت في نهاية العام 2023 لن تخمد بمجرد وطأتها عتبة العام 2024 بل قد تمتد شهورا قبل ان تتوقف لاسباب لا علاقة لها بزمن محدد ولا بما يقال سنة خير او سنة “نحس”.
بالنسبة للجلسة الانتخابية الرئاسية المنتظرة ما زال بتها او تعيينها معقودا ومنظّماً على مقياس مصالح ايران ووكيلها اللبناني اي اننا ما زلنا في مربع التعطيل الممدد له منذ العام 2018.
الامر نفسه ينسحب على الاوضاع الاقتصادية المالية والنقدية كذلك الحياتية من انقطاع كهرباء وماء وخدمات وطوفان طرقات فليس هناك من ملموس يشي بتحسن او تطور او اصلاح او تصليح.
فإن كان العام 2023 قد سلّم ال2024 ملف التمديد لقائد الجيش فان المتوقع وغير المفاجىء سيكون طعنا بالتمديد…وان كان العام 2023 قد سلّم ال2024 بدء عمليات حزب الله الحربية على الحدود فان المتوقع غير المفاجىء ايضا سيكون امتدادا وتمددا وربما تفجيرا في 2024…
فالتاريخ كعلم ليس “زماناً” او “تاريخَ حدث معين” بل هو حركية لا تتوقف بل تتطور وتتضافر مع الظروف السابقة والمواكبة واللاحقة لتتوالد وتولد أحداثا اخرى او مغايرة قد تكون ايجابية او سلبية او حتى تكون نفسها سلبية للبعض وايجابية للبعض الآخر…والسنة -الزمن المحدود في هذا المفهوم تكون خيرا و”نحساً” في نفس الوقت باختلاف “غير موضوعي”
ان خير تعبير شامل شارح عن “محدودية” التعامل البشري غير الموضوعي مع “الزمن” و”الاحداث” و”حركية التاريخ” وفهمها، هو في ما ذكره الكتاب المقدس في العهد القديم في سفر المزامير 4:90
“لأَنَّ أَلْفَ سَنَةٍ فِي عَيْنَيْكَ مِثْلُ يَوْمِ أَمْسِ بَعْدَ مَا عَبَرَ، وَكَهَزِيعٍ مِنَ اللَّيْلِ.”