شَهِدَ يُوحَنَّا المعمدان قَائِلاً: “رَأَيْتُ الرُّوحَ نَازِلاً كَحَمَامَةٍ مِنَ السَّمَاء، ثُمَّ ٱسْتَقَرَّ عَلَيْه. وأَنَا مَا كُنْتُ أَعْرِفُهُ، لكِنَّ الَّذي أَرْسَلَنِي أُعَمِّدُ بِٱلمَاءِ هُوَ قَالَ لي: مَنْ تَرَى الرُّوحَ يَنْزِلُ ويَسْتَقِرُّ عَلَيْه، هُوَ الَّذي يُعَمِّدُ بِٱلرُّوحِ القُدُس. وأَنَا رَأَيْتُ وشَهِدْتُ أَنَّ هذَا هُوَ ٱبْنُ ٱلله”. (إنجيل يوحنا 1: 32-34).
جوهر عيد “الدنح” أو “الغطاس” أن يوحنا المعمدان خاتمة أنبياء العهد القديم – أي آخر نبيّ أعلن مجيء الرّب يسوع المسيح، فكان وسيطًا بين العهدين القديم والجديد – شهد أن المسيح هو إبن الله. هذه الحقيقة اللاهوتية المسيحية تتعارض كلياً مع إعتبار محمد هو خاتم الانبياء والمرسلين وفق الدين الاسلامي. كما تنص سورة الإخلاص في القرآن الكريم: ﴿قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ ١ ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ ٢ لَمۡ يَلِدۡ وَلَمۡ يُولَدۡ ٣ وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ ٤﴾
إلا أن هذا الاختلاف الجذري لم يحل من دون إستغلال مناسبة عيد الغطاس لإقامة امسية ترانيم دينية مسيحية اسلامية في كنيسة مار يوحنا مرقص في مدينة جبيل برعاية راعي ابرشية جبيل المارونية المطران ميشال عون، وبدعوة من لجنة الحوار الوطني في قضاء جبيل بالتعاون مع المجلس الثقافي، ومركز تموز للدراسات والتكوين على المواطنية.
اللافت نوعية الحضور حيث إقتصر نيابياً على عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب رائد برو، أما حزبياً على نائب رئيس التيار الوطني الحر للشؤون الوطنية ربيع عواد، المستشار الاعلامي لرئيس التيار انطوان قسطنطين ومسؤول “حزب الله” في كسروان وجبيل الشيخ حسين شمص والمدير العام لمؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان المهندس جان جبران المقرّب جدّا من رئيس “التيار” النائب جبران باسيل.
مصادر مطلعة أفادت بأن للمهندس جبران وإخوته دوراً في الدفع نحو هذا اللقاء وتوقفت عن طغيان الحضور “الباسيلي” – “الحزباللوي” في ظل غياب النائب العوني سيمون ابي رميا ومنسق لجنة قضاء جبيل في “التيار” ورئيس مركز “التيار” في جبيل المدنية. كما توقفت المصادر عند غياب القيادي العوني وديع عقل بسبب التنافس المحتدم بينه وبين جبران على الترشّح نيابياً في المرحلة المقبلة.
كذلك، عُلم ان الاب سيمون عبود رئيس دير مار يوحنا مرقص المعروف بـ “أنطش” جبيل كان رفض طلب منسقية “القوات اللبنانية” في جبيل منذ أسابيع بإقامة رسيتال ميلادي في “أنطش” جبيل متحجّجاً بانهم لا يستقبلون رسيتالات هذه السنة!!!
“ب لا زعل”، إحتراماً للمسيحية والاسلام يجب التوقّف عن هذا الفلكلور وعدم إستنساخه من إحتفالية “عيد البشارة” بين رجال الدين المسيحيين والمسلمين. فهو لا يشبه الحوار الذي أطلقه البابا الراحل يوحنا بولس الثاني في أسيزي بل هو “حوار ع اللبناني” أي “تبويس لحى”. بالإمكان إختيار مناسبة وطنية وإنسانية لإقامة لقاء مشترك تعكس الرغبة بالتعايش الاجتماعي عوض إستغلال مناسبة دينية تجسّد الانقسام اللاهوتي – الفقهي العمودي لمآرب سياسية سافرة.


