وقائع في ادانة حزب الله من مضبطة اتهامه لـ”المؤسسات الدولية”

161807

الرهان على “المؤسسات الدولية خاسر”
أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في 20 كانون الثاني 2024

انه موقف حزب الله المبدئي العقائدي الديني الشمولي منذ بيان التأسيس في 16 شباط 1985 مرورا بالوثيقة السياسية تاريخ 30 تشرين الثاني 2009 وصولا الى تصريح نصرالله المذكور آنفا.

طبعا الحزب وامينه العام وقياديوه عندما يذكرون او يتذكرون “المؤسسات الدولية” فأنهم يشيرون الى كل المؤسسات ذات الصلة بالأمم المتحدة من مجلس أمن، محاكم دولية، عدلية، جنائية، مالية وغيرها.

بغية التأكد من انسجام الموقف الاعلاني الاعلامي مع الفعل التطبيقي لا بد لنا من مراجعة بعض الوقائع والأحداث والمواقف التي قد تصب في مضمون الموقف او قد تناقضه الى حد ادانة مطلقه.

نبدأ من النموذج المعروف الواضح من المحكمة الدولية الخاصة بلبنان والتي انشئت لمحاكمة المتهمين باغتيال الرئيس رفيق الحريري هنا يستوقفنا قول نصرالله في 2 تموز 2011 : “هذه المحكمة وقراراتها وما ينتج عنها بالنسبة الينا اميركية اسرائيلية بوضوح. بناء عليه نرفضها ونرفض كل ما يصدر عنها من اتهامات باطلة او احكام باطلة ونعتبرها عدوانا علينا وعلى مقاومينا وظلما لشرفاء هذه الامة”

الا ان قبلا لم يكن الموقف بهذه الحدّة ولم تكن المحكمة التابعة للمؤسسات الدولية أميركية-اسرائيلية ولا التحقيق الدولي الممهد لها محط انتقاد بل كانت قراراتها العتيدة “محترمة” وملتزماً بها في حال صدورها وهذا ما عبّر عنه نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم بتاريخ 26 شباط 2006 في مقابلة مع الصحافية الراحلة جيزيل خوري على قناة العربية ضمن برنامج بالعربي:“التحقيق الدولي لم يثبت أي تهمة ضد لحود (الرئيس السابق) وحتى لو صدر قرار اتهامي… فهو ليس حكماً طالما قرينة البراءة موجودة سيلي القرار محاكمة… وبعدها حكم الحكم لم يصدر”.
ثم أوضح قاسم، “المشتبه فيه لا يحاكم وتصدر عليه أحكام قبل ما المحكمة تقول انه مدان أو متهم حتى ميليس اللي كان تقريره له طابع سياسي حتى قال قرينة البراءة لا تزال موجودة بالنسبة لهؤلاء جميعا”.
جيزيل خوري، “طبعاً هيدا القانون”.
الشيخ نعيم قاسم، “هذا القانون، لما قرينة البراءة موجودة ليش بدو يتحاكم رئيس الجمهورية على عمل قبل ما المحكمة تصدر قرارها النهائي، تصدر المحكمة ويثبت انه متورط، ساعتها الأمر يختلف تماماً لأنه يصير مدان بجريمة مرتكبة”.

اشارة هنا ان موقف نعيم قاسم “المناقض” لموقف الحزب المبدئي وموقف امينه العام اللاحق انما صدر عندما كانت سوريا الاسد والرئيس لحود ورؤساء الأجهزة الأمنية متهمة باغتيال الحريري وقبل اتهام وادانة حزب الله من التحقيق والمحكمة نفسهما.

التناقض الواضح الفاضح والذي قد يفضي اذا ما قرأناه بتمعن الى ادانة حزب الله ومسؤول أمنه بالتواطؤ مع اميركا واسرائيل حسب مضبطة اتهام الحزب الذي أعلن عنها امينه العام في 2 تموز 2011 هو في
اتصال مسؤول الأمن المركزي رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله الحاج وفيق صفا بتاريخ 7 أيلول 2013 مع تلفزيون “الجديد” وفي رده على الشاهد زهير الصديق وفي قوله“لم يرد أي اسم لي في المحكمة الدولية بل بالعكس أنا من ينسّق بين حزب الله والمحكمة ولم يكن في مرحلة من المراحل أي اسم لي”
وتجدر الاشارة ايضا هنا ان صفا يقر ويعترف امام الملأ انه “ينسّق” ليس بصفته الشخصية بل باسم الحزب مع المحكمة الاميركية الاسرائيلية ويعتز بشهادة حسن السلوك التي نالها منها بعدم “ورود اسمه في اي مرحلة من مراحلها” وهذا يناقض أيضا افتخار الحزب ب”ان المتهمين منّا هم قديسون مطوّبون”

ولن نطيل في النماذج التي تدين حزب الله من مضبطة اتهامه نفسها اذ نتوقف مع “مؤسسة دولية” مدحها بعد ان هاجم المراهنين عليها لاحقا في 20 كانون الثاني 2024 اذ سبق له ان قال في 14 من الجاري “انها محكمة(محكمة العدل الدولية) ذات مصداقية ويجب تسليم الجناة الاسرائيليين…وبمعزل عن نتيجة المحكمة في لاهاي بمعزل عن نتيجتها كل حماة هذا الكيان العنصري المتوحش سيتدخلون لدى المحكمة-مشهد كيان العدو أمام محكمة الاتهام أمام العالم أمر لم يسبق أن واجهه الكيان سابقًا وهذه المحاكمة وما قبلها ومعها أيضا يبرز حجم السقوط الاخلاقي للكيان ولأمريكا”

وهنا من الضروري الاشارة الى ان “محكمة العدل الدولية” هي أحد أجهزة الأمم المتحدة في حين ان المحكمة الجنائية الدولية مستقلة قانونا من الامم المتحدة(على الرغم من اعتمادها من قبل الجمعية العامة) وهذه المحكمة الأخيرة لم تتجاوب مع طلبات كثيرة لمحاكمة اسرائيل امامها.

في الختام نحن امام ادانة لحزب الله لتعامله الأمني والقانوني والسياسي مع المؤسسات الدولية الخاضعة لكل من اسرائيل واميركا في حين انه يستأسد بوجه القضاء اللبناني المحلي متدخلا بالمباشر وبمسؤول امنه الذي سبق ذكره مهددا للقضاة ب”القبع” بطرق غير قانونية معطلا للتحقيقات بالقوة.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: