الاعتداءات على الكنائس ليست وليدة اليوم، بل منذ سنوات تتكرّر هذه الجرائم بحق بيت الله والرموز المسيحية الدينية وبشكل مقصود، اذ نشهدها كل فترة وتتنقل في مختلف المناطق اللبنانية، آخرها ما جرى فجر اليوم في كنيسة مار زخيا – عمشيت، وسبق ذلك إعتداء مماثل في تاريخ ١٥ الجاري، حيث تعرّضت الكنيسة لعملية تخريب وسرقة للمرة الرابعة، اذ أقدم مجهولون على خلع أحد أبواب الكنيسة وسرقة صندوقَ التبرعات، وصندوق خدمة المحبة للمحتاجين الموجودين داخل الكنيسة.
كاهن الرعية الاب شربل أبي عز كتب على صفحة الكنيسة :”امام هذا الواقع، نجد أنفسنا ملزمين بتأمين حماية ذاتية كنا بغنى عنها، في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، وسنقوم مع المحبين وأصحاب الأيادي البيضاء من أبناء الرعية، بالعمل على تركيب نظام حماية متطور، من أجهزة انذار وكاميرات مراقبة ودفاعات حديدية وانارة على الطاقة الشمسية، من أجل تجنيب كنيستنا أعمالاً تخريبية أخرى في المستقبل”.
وتابع:”في النهاية، نعاهد أبناءنا أن تبقى كنيسة مار زخيا في عمشيت، منارة رجاء في قلب ظلمة هذه الأيام، ومكان لقاء للصلاة والنشاطات على أنواعها كافة، ونسأل الله أن يسامح الفاعلين وأن يحمي رعيتنا من كل أيادي الشر: التي تحاول العبث بكنيستنا”.
وسبق ذلك بأيام قليلة، تعرّض كنيسة مار عبدا في جل الديب فجر الخميس الماضي لإعتداء بتكسير بعض محتوياتها، ثم مشهد مماثل في كنيسة سيدة الدوير في بلدة الفيدار قضاء جبيل، حيث أقدم مجهولون على الدخول بواسطة الخلع والكسر وبعثروا المحتويات، وليل السبت- الاحد ، تعرّضت كنيسة مار يوسف- الاشرفية للسرقة والتكسير.
السيناريو يتكرّر كل فترة، مشاهد كسر الابواب وسرقة صناديق النذور وتحطيم صور وتماثيل القديسين والرموز الدينية المسيحية، وتخريب الموجودات داخل الكنائس في عدد من المناطق اللبنانية، وسط عدم الاهتمام الكافي والمطلوب من الدولة.
إنطلاقاً من هنا نسأل:” لماذا كل هذا الصمت؟، أين المرجعيات الدينية وأصوات السياسيين المسيحيين؟، هل نكتفي ببيانات الإستنكار فقط؟، المطلوب إعلاء الصوت الصارخ لكشف الفاعلين وإعلان هوياتهم، وليس كما تجري العادة، اي” لفلفة” القضية تحت عنوان “عدم المسّ بالسلم الاهلي”، فيما الحقيقة واضحة في معظم التحقيقات، التي تبقى ضمن الاسرار البعيدة عن الاعلام، والتي وفق التسريبات تشير الى وجود طابور خامس غير لبناني، يقوم بهذه الاساليب للعب على الوتر الطائفي وإشعال الفتنة.
الى متى ستبقى الحقيقة مغيّبة؟، واذا كان المقصود من هذا الصمت عدم اثارة النعرات الدينية والفتنة، فالمسؤولية تملي على الجميع، اعلان الحقيقة وضرورة الكشف عن مكامن الداء لوأد الفتنة لا العكس.
لا شك في انّ المتابعة الامنية والسياسية الباهتة، ساعدت في تنقل هذه الظاهرة، والمطلوب إستباق وقوع ذلك، لانّ هذا ما يريده المندسون، الامر الذي يطرح علامات استفهام حول المخاطر التي قد تنجم عن عدم إلقاء القبض على هؤلاء المجرمين ووضعهم في السجن، قبل ان نصل يوماً الى ما لا يحمد عقباه.