في 28 كانون الثاني 2024 تلا البطريرك بشارة الراعي خلال عظته رسالة مواطن جنوبي ورد فيها: “ليس تخلياً عن القضايا الوطنية والعربية، نرفض أن نكون رهائن ودروعاً بشرية وكبش محرقة لسياسات لبنانية فاشلة ولثقافة الموت التي لم تجر سوى الانتصارات الوهمية”.
لم تمر ثوان على عظة البطريرك الا وشُنّت حملة ممنهجة مسيّرة منظمة ضد الصرح الديني الوطني مخونة مهددة هادرة لدم الراعي ومطلقة عليه وعلى رعيته ابشع نعوت العمالة والخيانة والتآمر، من دون ان يتطرق مطلقو الحملة ومن يحرضهم الى مضمون الصرخة السياسي الاقتصادي الاجتماعي والانساني الذي نقله البطريرك الراعي عن أبناء رعيته في قرى الجنوب الرازحة تحت القصف والقتل والبطالة القسرية والاضرار في الممتلكات والمزروعات والمحاصيل التي لم تُحصّل.
لقد سبق لأبناء الجنوب ان عايشوا ظروفاً مماثلة الى حد التطابق مع ما يعايشونه ويعانوه اليوم من التحرشات والعمليات الفلسطينية والتي لم تكن حسب ابناء الجنوب وقياداتهم وأخصها الشيعية منها الا وبالاً وضرراً على الجنوب واستدراجاً وسبباً للاجتياح فالاحتلال.
كما سبق للجنوبيين وأبناء الطائفة الشيعية وقياداتهم الدينية والسياسية والحزبية ان تخوفوا وحذروا من العودة الى ما قبل 1982 في فترة حرب “الأخوة بين حركة أمل وحزب الله”؛ التخوف والتحذير كان من “سلاح حزب الله” في اواخر الثمانينات لا “السلاح الفلسطيني”.
تأييداً لما نقول ولما قاله ونقله البطريرك بشارة الراعي في 28 كانون الثاني 2024 نعود الى ما ورد في خطبة المفتي الجعفري الممتاز الشيخ عبد الأمير قبلان تاريخ 4 تشرين الثاني 1988: “فلتكن السواعد متشابكة ضمن مؤسسات عسكرية وطنية من خلالها يحرر الوطن من الاعداء وتصان حدوده. ان الرجوع عن الخطأ فضيلة وعليكم الابتعاد عما يضر في مصلحة هذا الوطن، اما انتم يا اهلنا في الضاحية الجنوبية وفي الجنوب المقاوم والبقاع الراعد نقول لكم ان الخطر داهم والاجتياح على الابواب وما نبتلي به في الضاحية شبيه الى حد ما ابتلينا به في الجنوب قبل الاجتياح الاسرائيلي العام 1982”.
كما نعود الى ما قاله المسؤول الإعلامي لحركة أمل في الجنوب المحامي ملحم قانصوه في 5 تشرين الثاني 1988: “إنّهم يريدون تحت شعار مقاتلة إسرائيل عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل عام 1982 الذي أدى إلى احتلال اسرائيل للجنوب ووصولها إلى بيروت”.
تأييداً أيضاً لما ورد في عظة البطربرك الراعي سبق لحزب الله نفسه ان وافق وتوافق مع مضمون العظة فاتفاق دمشق بينه وبين حركة أمل نص في بنده الـ11 على “عدم العودة الى الوضع الذي كان سائداً قبل العام 1982 في جنوب لبنان”.
منذ ذلك التاريخ، أقرّ حزب الله في توقيعه على هذا البند وأعاد التخوف والتحذير من “سلاحه” الذي قد يجر الاعتداءات والاجتياح والاحتلال على ما ورد سابقاً وعلى ما يحذر منه أهالي الجنوب والبطريرك الراعي حالياً.
أخيراً في التأييد لمضمون صرخة البطريرك ورعيته نورد ما قاله التيار الوطني الحر حليف حزب الله والمؤيد والغطاء لمقاومته؛ ففي الصفحة 16 من كتاب الطريق الآخر -الكتاب البرتقالي- برنامج التيار الوطني الحر الانتخابي أيار 2005 نقرأ: “لا يمكن للبنان إلا أن يقاوم ثقافة الموت”.
نتيجة ما تقدّم، تبيّن في الوقائع والمواقف أن أصحاب الحملات ومحركي الذباب الالكتروني والسياسي والإعلامي بوجه بكركي وما ومن تمثّل هم انفسهم كانوا في خط الدفاع الأول عنها ورأس حربة في تكذيب المهاجمين انفسهم وردهم على أعقابهم بالمنطق والحجة الموثقة المؤرخة.