نشرت وكالة “رويترز” في الساعات القليلة الماضية خبراً مفاده أن كبار الضباط الإيرانيين غادروا سوريا الى جانب عشرات الضباط من الرتب المتوسطة في الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس.
إيران تدير عملياتها ” عن بُعد” في سوريا
سبقَ لنا في مقال منذ أيام أن كشفنا النقاب عن شكوك إيرانية حول اختراقٍ استخباراتي إسرائيلي داخل النظام السوري يُسهّل استهداف القادة الإيرانيين في الآونة الأخيرة.
اليوم، ودائماً بحسب وكالة رويترز، جاء في الخبر أن إيران أبلغت نظام الأسد عن قلقها من تسرّب المعلومات بعد استهداف مستشاريها،
كذلك قرّرت إيران الاعتماد في إدارة عملياتها في سوريا “عن بُعد” بمساعدة ميليشيات حزب الله اللبناني، وقد عبرَ الحرس الثوري مراكز عملياته ومساكن ضباطه إثر الغارات الإسرائيلية.
إيران تضحّي بالحوثي وبحزب الله
من الناحية السياسية، يبدو واضحاً أن عملية سحب ضباط إيران من سوريا هي ترجمة عملية لتوجّه القيادة أي طهران نحو تجنّب أي صراع في المنطقة، كما أن إيران أدركت أن ارتكاب ميليشياتها خطأين كبيرين : الأول من خلال تجاوز الخطوط الحمر بقتل جنود أميركيين، والثاني الزجّ بالأردن في أتون المواجهة الإقليمية معها.
إيران كانت ولا تزال تتجنّب أي مواجهة مع الولايات المتحدة أو مع إسرائيل، وهي مباشرة أو من خلال ميليشياتها ان تقتل إسرائيلياً واحداً الى الآن رغم استخدامها الحوثي أو حزب الله أو مستشفياتها في سوريا، لكن إيران كدولة وثورة لا تجرؤ على مهاجمة إسرائيل أو الولايات المتحدة بأدوات إيرانية أصلية، فهي تُضحّي بالحوثي و بحزب الله وبميليشياتها في العراق أو في سوريا من زينبيي وفاطميي الباكستان أو الأفغان، لكن هي كإيران لا تقاتل إسرائيل أو أميركا بأدواتها الذاتية.
أضعف من المواجهة برمية حجر
من هنا تأكيد المؤكد من أن إيران لا تريد الدخول في مواجهة مع إسرائيل وأميركا، ولا تقوى على تحمّل تبعات مثل هذه المواجهة.
وفي هذا السياق، لا بدّ من ملاحظة كيف أن أبواق إيران في المنطقة، سواء الإعلامية أو السياسية أو الميليشياوية وبعض المحلّلين المأجورين من على شاشات التلفزة والفضائيات التابعة وشعارات رمي إسرائيل في البحر وإسقاط الأساطيل الأميركية والغربية تعظّم وتمجّد بإيران وقوتها في أي مواجهة، فيما المعنية الأساسية ربيبتهم أضعف من أن تواجه إسرائيل وأميركا ولو برمية حجر.
الحرس الثوري هدفُ رصدٍ ومراقبةٍ
إعادة التموضع الإيراني للحرس الثوري في سوريا أمرٌ طبيعي نتيجة القلق والخوف من المزيد من الاستهدافات، والحرس الثوري يُدرك أنه هدفُ رصدٍ دقيق ومراقبة بالأقمار الصناعية والسطع الجوي والعملاء والجواسيس وتسريبات ضباط الأمن السوريين، الأمر الذي تنبّهت له إيران مؤخراً.
كيف تحمي إيران كبار ضباطها في سوريا؟
ما يحصل ليس انسحاب إيران من سوريا، بل سحب ضباط وقادة الحرس الثوري من سوريا المستهدفين بشكلٍ مباشرٍ من إسرائيل، وآخرهم رضي الموسوي قائد ميليشيات إيران في سوريا والمسؤول عن الدعم اللوجستي في مزرعة لحزب الله قرب السيدة زينب، بعد قتل خمسة من كبار ضباط الحرس الثوري، ومن بينهم رئيس الاستخبارات في فيلق القدس ومعاونيه في المزّة، ومقتل سبعة من القيادات في الحرس الثوري الإيراني في آخر ٤٨ ساعة، ومقتل قيادات كالطويل أو المسؤول عن الدفاع الجوّي لحزب الله في الجنوب اللبناني، وبعد اغتيال صالح العاروري في الضاحية الجنوبية من بيروت بحيث بات الجانب الإيراني وحزب الله على يقين من أن كلاً من إسرائيل وأميركا تستطيعان اصطياد مَن تريدانه في التوقيت والمكان المحدّد، وبالتالي فإن عملية سحب إيران لضباطها وقادتها الكبار من سوريا هو لاستبدالهم بقيادات من ميليشياتها لا بل أدواتها من سوري الى لبناني حمايةً لكبار قادتها.
طهران توجّه أصابع الاتهام الى الأسد ومعاونيه
منذ اغتيال قاسم سليماني والقيادة الإيرانية تشك؟ بتسريبات وجواسيس لأن ما من أحد يعلم بخفايا المواعيد واللقاءات والاجتماعات والتحرّكات لقيادات الحرس الثوري والأمن السوري والقيادة السياسية السورية إلا هؤلاء أنفسهم، وبالتالي كيف يحدث أن تصل معلومات لإسرائيل وإحداثيات للأماكن والاجتماعات والأوقات كي يقوموا بغاراتهم الدقيقة رغم تمويه الأهداف وتحويرها، إلا أن إسرائيل لا تقصف سوى الأماكن الحقيقية، وقد تمّ توجيه أصابع الاتهامات للأسد وكبار معاونيه وضباطه الذين يحاولون يائسين رمي المسؤولية على مَن يسمّونهم معارضة، الأمر الذي لم تصدّقه إيران نفسها، و هي أبلغت الأسد بوجود خرق استخباراتي لجماعته.
خوف إيراني متعاظم من ضربة قوية
الأمور في سوريا مرشّحة للتطورات المتسارعة في ظل خوف إيراني متعاظم من ضربة قوية آتية، والانتشار والقدرات الأميركية القوية في المنطقة تجعلها قادرةً على ضرب ميليشيات إيران في المنطقة بأريحية لا سيما وأن قرار ضرب ميليشيات إيران في المنطقة اتُخذ على أعلى المستويات في واشنطن والأمن القومي والبنتاغون والاستخبارات، فهل يطال الردّ الداخل الإيراني