لويس ساكو لـ”العربي الجديد”: مليشيا ‏‏”بابليون” لا تمثل مسيحيي العراق‏

batrak louais

مضت أكثر من ستة أشهر على ترك بطريرك الكنيسة الكلدانية، الكاردينال لويس ‏روفائيل ساكو، العاصمة العراقية بغداد ونقل سلطته إلى مدينة أربيل، عاصمة ‏إقليم كردستان، وذلك على خلفية قرار الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، سحب ‏المرسوم الجمهوري الخاص بتعيين لويس ساكو في منصب بطريرك على الكلدان ‏في العراق والعالم، ومن ثم إصدار أمر قضائي باستقدامه للمحكمة، بتهم رفعها ‏ضده زعيم مليشيا “بابليون” المسيحية، المدعومة من فصائل “الحشد الشعبي”، ‏والتي تنشط في سهل نينوى وبغداد‎.‎
وأكد البطريرك لويس ساكو وفقاً لكتاب رسمي مذيل بتوقيعه، نُشر في وقت ‏سابق، تعرضه لضغوط مستمرة بدوافع سياسية، معتبراً قرار سحب المرسوم ‏الرئاسي “سابقة‏‎ ‎لم تحدث في تاريخ العراق”، وأنه “تحقيق لرغبة” زعيم فصيل ‏‏”بابليون” ريان الكلداني، بتعيينه متولياً لأوقاف الكنيسة، وإشراك أشقائه في الأمر ‏من خلال منحهم مناصب‎.‎
البطريرك ساكو: تتحدث الأحزاب إعلامياً عن الفساد لكنها لا تعالجه
يأتي ذلك إلى جانب سعي الكلداني لاستغلال تعيين وزيرة الهجرة والمهجرين ‏إيفان فائق جابرو (مسيحية) لصالحه، وتعيين صهر الكلداني، نوفل بهاء، رئيساً ‏لديوان الوقف المسيحي والديانات الأخرى لـ”تكتمل اللعبة القذرة”، على حد تعبير ‏ساكو‎.‎
تزايد الانقسامات الداخلية في العراق
وفي حوارٍ مع “العربي الجديد”، قال لويس ساكو إنه “تعرض لتعسف كبير جرّاء ‏هذا القرار”، مبيناً أن “أحواله الشخصية وأوضاعه هي جزء مما يحدث في العراق ‏والعالم، لا سيما أن العراق لم يشهد أي تقدم منذ 20 عاماً، بل زادت الهشاشة ‏والانقسامات الداخلية من أجل السلطة والمال”. وأضاف أن “الفساد أحرق البلاد، ‏ناهيك عن التدخلات الأجنبية من أطراف عديدة أثرت على أوضاع الشعب، في ‏حين أن الحرب بالقرب من الأراضي المقدسة في فلسطين تنذر بمزيد من ‏المشاكل، والتي تتجه نحو الأسوأ‎”.‎
مسيحيو الموصل… تنصّل من وعود الإعمار يعوّق العودة
واعتبر أن “الحكومات العراقية منذ عام 2003 ولغاية الآن، مكتوفة اليدين، فيما ‏تتحدث الأحزاب إعلامياً عن الفساد والفاسدين، لكنها لا تعالج قضايا الفساد (سرقة ‏المال العام) بحزم وشفافية، مع تمدد واضح للسلاح المنفلت”. وتابع: “مليشيا ‏بابليون لا تمثل المسيحيين، لكن زعيمها يحاول أن يكون ولي أمرنا، بعد أن ‏استولى على مقدرات المسيحيين سياسياً ومالياً‎”.‎
وأضاف: “نحن نتساءل إن كان يتبع الحشد الشعبي، فلماذا لا يتبع ضوابط الحشد؟ ‏وإن كان ضمن محور المقاومة فلماذا لا يقاتل ضد إسرائيل ويدافع عن غزة؟‎”.‎
إهمال المسيحيين في العراق
ولفت البطريرك لويس ساكو إلى أن “الحكومات العراقية أهملت المسيحيين، ما ‏اضطرهم إلى الهجرة، وبعد أن كانوا أكثر من مليون ونصف المليون مسيحي، لم ‏يبق إلا أقل من نصف مليون فقط”، مضيفاً أنه خلال الأشهر الماضية هاجرت ‏أكثر من 100 عائلة مسيحية عراقية”. ورأى أن هذا الأمر “محزن، كما أن هناك ‏خشية من استمرار استغلال العوائل في بغداد ونينوى، وعدم حمايتهم‎”.‎
البطريرك ساكو: خلال الأشهر الماضية هاجرت أكثر من 100 عائلة مسيحية عراقية
في المقابل، أشار إلى أن “الوضع مريح في أربيل، وهناك فسحة من الحرية ‏والعمل، بالإضافة إلى الازدهار والتقدم والسياحة ولا توجد أي ضغوطات على ‏المسيحيين، كما أن حكومة الإقليم لا تملي عليّ أو على الكنيسة أي شيء‎”.‎
وبخصوص القرار العراقي بشأن عزله من منصبه، قال إن “القرار غير قانوني، ‏وإن هذا الاستهداف ليس لي وحدي، بل لكل المكون المسيحي”، وذلك بهدف ‏‏”جعله حلقة ضعيفة وإفراغه من النخب عبر الهجرة والترهيب‏‎”.‎
اغتيال لويس ساكو معنوياً
ولفت البطريرك لويس ساكو إلى أن “رئيس الكنيسة غادر مرتين في التاريخ ‏العراقي، مرة في عهد أرغون حفيد هولاكو في القرن الثاني عشر، وفي زمن ‏الرئيس عبد اللطيف رشيد، الذي كان يقول إنني شخصية وطنية، فيما تسبب بعد ‏ذلك باغتيالي معنوياً‎”.‎
وحذّر من أنه في حال عدم توصل السلطات العراقية إلى حلول حقيقية لمشاكل ‏المسيحيين، “فإنه في السنوات المقبلة قد نشهد خلو العراق من هذا المكون ‏الأصيل، لأن المافيات التي تهمها المصالح المادية على حساب الشعب، تسعى إلى ‏ترويض المسيحيين ليتحولوا إلى جزء من المنظومة الفاسدة‎”.‎
وأضاف: “قد يكون هناك أياد خارجية في هذا الاتجاه، لا سيما أن هذه المليشيات ‏والمافيات موالية لإيران”. مع العلم أنه وفقاً للبطريك ساكو فقد زار إيران مرتين، ‏و”كانوا لطفاء وجيدين معي، كما أن المسيحيين في إيران يعيشون بطريقة جيدة ‏ومحترمة لأن الحكومة الإيرانية تحترم مكونات شعبها‎”.‎
في غضون ذلك، لفت إلى أن “الفاتيكان يراقب عن كثب وضع المسيحيين في ‏العراق، والعالم الغربي أيضاً، وهم قلقون من الوضع الحالي”، موضحاً أن ‏‏”الحكومة غير قادرة على استرداد أملاك المسيحيين، لكن التيار الصدري بزعامة ‏مقتدى الصدر تمكن من استعادة 100 منزل، من أصل 1250 عقاراً، من ضمنها ‏منازل ومحال تجارية في البصرة وبغداد والموصل”. في حين أن “مساعي مريبة ‏تجري لربط أملاك الكنائس بديوان الوقف المسيحي من أجل استثمارها أو بيعها‎”.‎
منع استمرار الدمار
وبشأن القصف الإيراني على أربيل، في 16 يناير/ كانون الثاني الماضي، ذكر ‏ساكو أنه “مثّل صدمة بالنسبة لنا، وهو غير مقبول، ويخلق حالة من الاضطراب، ‏وإن كان هناك طرف يريد محاربة إسرائيل، فإسرائيل معروفة وليس من المنطقي ‏قصف مناطق أخرى‎”.‎
وفي ما يخص الحرب الإسرائيلية على غزة، أكد أنها “حرب عبثية وشيطانية، ‏وكان من المفترض عدم الوقوع في فخ الحرب، مضيفاً أن وقوع 27 ألف شهيد ‏من غزة “هو حدث كارثي، وعلى الدول العربية أن تتكاتف لمنع استمرار الدمار، ‏لأن الحرب قد تتوسع إذا ما تم استدراكها”. كما أن هناك حاجة “لتدخل المرجعيات ‏الدينية جميعها في توجيه خطابات واضحة وليست خجولة أو دبلوماسية”. وتابع: ‏‏”الحرب خطيئة كبرى وكذلك قتل الناس وتهجيرهم من بيوتهم وتدمير البنى ‏التحتية، ويجب المطالبة بشجاعة بإنقاذ الناس، مع التأكيد على المواطنة‎”.‎

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: