في ظل توغل كل من واشنطن وباريس والرياض في الملف اللبناني، إضافة إلى ما بينهما من حراك للموفدين الدوليين الواحد تلو الأخر، للتفتيش والتنقيب عن حلول للازمة اللبناني، فالسؤال المطروح أين روسيا في خضم هذه الحركة الدولية الإقليمية العربية؟ فهل دورها تقلص في المنطقة لاسيما في لبنان؟ وإذا كانت تاريخياً تستقطب الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا “الأم الحنون” هذا الدور ، فما هي مقاربة موسكو الوضع الناشئ في البلد؟.
على إيقاع وصول وذهاب الموفدين الدوليين وتفاعل عمل اللجنة الخماسية، تحركت موسكو بهدوء حيال الملف اللبناني وتحديداً بعد لقاء المبعوث الخاص للرئيس سعد الحريري الدكتور جورج شعبان، بنائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، فماذا عن موقف موسكو ودورها في هذه المرحلة، هل لديها من صيغة ما للحل في لبنان؟
في السياق، تشير مصادر متابعة ومواكبة للدور الروسي لـLebTalks، أن موسكو تعمل وتسعى من أجل تجنيب الساحة اللبنانية الحرب الشاملة، ولهذه الغاية ثمة معلومات موثوقة عن تواصل قامت به تجاه كل من إيران وتل أبيب لإيجاد الحلول الناجعة للملف اللبناني، وبمعنى أخر تحييده عن الحرب في غزة لاسيما عدم إقحام نفسه في الحرب الواسعة، بحيث ثمة ظروف وأجواء في لبنان تعتبر الأخطر في تاريخه وتحديداً اجتماعياً واقتصادياً ومالياً إلى حالة الإنقسام السياسي وانعدام الوزن الداخلي في هذا الإطار،.
وبناء على هذه الأجواء فالاتصالات التي قامت بها العاصمة الروسية مع كل من المسؤولين الإسرائيليين والإيرانيين لها دورها ووقعها، وإن كانت العلاقة مع تل أبيب لم تعد كما السابق بعد عملية طوفان الأقصى ورفض موسكو تصنيف حماس منظمة إرهابية إلى أمور ومسائل كثيرة لاسيما أن روسيا مع حل الدولتين للقضية الفلسطينية كمدخل للحل العادل والشامل، بينما إسرائيل ترفض ذلك حتى الأن.
لذا، فالدور الروسي تمحور باتجاهات أخرى أي ثمة موقف لافت من قبل نائب الرئيس الروسي ميخائيل بوغدانوف لدى استقباله الدكتور شعبان، عندما أكد على ضرورة عودة الرئيس سعد الحريري لممارسة دوره السياسي كما السابق، لاسيما أنه يمثل حالة الاعتدال السني والوطني وله علاقاته الدولية والعربية، وموسكو تعاطت معه طوال فترة حكمه ومع والده، فهما يشكلان حالة الاعتدال والتوافق المطلوب في لبنان وخصوصاً في هذه المرحلة، وقادر من خلال شبكة علاقاته ودوره وحضوره النهوض بالبلد، لذلك أصرت وتطالب بهذه العودة وهي على تواصل دائم معه.
وتردف المصادر مشيرة، إلى أن روسيا لا تتدخل في الإستحقاق الرئاسي وترفض أي تدخل من هذه الدولة وتلك، بل ذلك يعود للبنانيين أنفسهم أن يقرروا مصيرهم وينتخبوا رئيساً للجمهورية، لكنها لديها قلق وهواجس من الشغور الرئاسي، وتسعى جاهدة مع من لديها علاقات معهم من أجل مساعدة اللبنانيين وعدم التعطيل من قبل بعض الجهات للإستحقاق، إذ ثمة ضرورة لإنتخاب رئيس للجمهورية في أقرب وقت ممكن وتشكيل حكومة جديدة والنهوض وإجراء رزمة إصلاحات وعندها تنتظم المؤسسات في هذا البلد.
وأخيراً، مع بداية تفاعل الدور الروسي ينقل بأن هناك حركة ستستقطبها موسكو عبر الزيارة المرتقبة للنائب السابق وليد جنبلاط برفقة نجله تيمور على رأس وفد، وسيكون هناك لقاء مع وزير الخارجية سيرغي لافروف وأخر مع بوغدانوف، للتباحث بوضع لبنان والمنطقة وعلى المستوى الدولي في ظل التطورات والمستجدات الراهنة.
من هذا المنطلق، فالدور الروسي ينحصر في هذه المرحلة بهذه العناوين واللاءات، لكن لم يسبق لروسيا أن تخلت عن لبنان، إذ هي على مسافة واحدة من سائر المكونات السياسية والروحية اللبنانية.