“شطب الودائع”…الهدف الأول للسلطة

money-lira-vs-dollars-desk

أكثر من سيناريو يرتسم على طاولة الحكومة في مقاربتها لأي مشروع قانون يحمل عنواناً فضفاضاً هو استرداد الودائع بينما يختزن في مضمونه، مخططاً لتصفية القطاع المصرفي بذريعة إعادة هيكلية القطاع وشطب الودائع بشحطة قلم بحجة العمل على حمايتها من خلال صندوق وهمي بمواعيد مجهولة وضبابية.

إلاّ أن الأخطر ما في الخطة، هو أن من يقف وراءها قد وضعها بمنأى عن الأطراف المعنية وهي المصارف أو جمعيتها، علماً أنها المعنية الأولى بتطبيقها، وذلك من دون الاخذ بالإعتبار الواقع المصرفي والتداعيات الناجمة عنها، لجهة ضرب كل حظوظ النهوض بالإقتصاد الوطني، عبر ضرب القطاع المصرفي.

ويقود هذا الواقع حكماً إلى السيناريو الأسوأ وهو الذي كان قد عرضه محامي جمعية المصارف أكرم عازوري منذ أيام حيث والذي خصصه لعرض قرار مجلس شورى الدولة القاضي بإبطال قرار مجلس الوزراء المتعلق بالموافقة على استراتيجية النهوص بالقطاع المالي، في شقّها المتعلق بإلغاء جزء كبير من التزامات مصرف لبنان بالعملات الاجنبية، مؤكداً على تأييد جمعية المصارف لأي خطة تعدها السلطة التنفيذية وإن كانت متأخرة، وبالتالي دعمها الخطة الحالية بعد تعديلها من خلال المناقشة البناءة، علماً أنه لا يمكن تسمية الخطة بخطة النهوض بالقطاع المصرفي من دون أن تعلن السلطة التزامها بالقانون الذي يقدس الملكية الفردية، لطمأنة أي مستثمر وتشجيعه على الإستثمار في السوق اللبنانية والإيداع في المصارف اللبنانية.”

وإذ كشف عازوري أن كل خطط الحكومة السابقة والحالية، تأتي في سياق المحاولات لتصفية مصرف لبنان والدولة من خلال قواعد حسابية محددة، كشطب الديون وتخفيف الأعباء عن مصرف المركزي وكأن الاخير هو مصرف تجاري، شدد على أن المعالجة الحقيقية يجب أن تركز على حماية القطاع المصرفي والإلتزام بحماية الملكية الفردية، وفق ما ينص عليه الدستور والمعاهدات التي وقع عليها لبنان وطبقّها القضاء اللبناني في الأعوام الخمسين الماضية بنجاح تام، وكانت الركيزة لازدهار القطاع المصرفي اللبناني، خلافاً لما هو قائم في دول المنطقة”.

لكن عازوري، الذي أقرّ بأن الحكم الذي صدر أخيراً عن مجلس شورى الدولة لا مفعول آني له ولا يفيد المصارف، بل وضع إطاراً تنظيمياً ملزماً للسلطة التنفيذية بالإلتزام بالملكية الخاصة، كما أنه يؤسس للمستقبل ويؤكد أن ملكية الودائع بحماية القانون والقضاء، تحدث في الوقت نفسه عن “ضياع الودائع وعدم وجودها”، وهو ما قرأ فيه خبير إقتصادي ومالي متابع، “دعسةً ناقصة”، حيث أنه لم يناقش توزيع الخسائر والمسؤوليات عن الخسائر المالية وعن ضياع الودائع كما تحدث، مع العلم أنه بإمكان استرداد هذه الودائع من خلال خطوات إصلاحية باتت معلومة من كل الأطراف، وفي الوقت نفسه فتح باب المحاسبة.

وفي هذا السياق، لاحظ الخبير نفسه، أن عازوري، لم يتطرق إلى الحلول المفروض تناولها في سياق معالجة عملية رد الودائع لكل المودعين، وبالتالي، اكتفى بالحديث عن أن الودائع لم تعد موجودة، وأن إعادتها تتمّ في مراحل لاحقة وبعد عودة الإقتصاد إلى الحركة وارتفاع نسبة النمو، مع العلم أن هذه الحلول ضبابية وطرحها ليس متلازماً مع الحديث عن قرار مجلس الشورى، كون ذلك أعطى انطباعاً خاطئاً خصوصاً بالنسبة للمودعين، حيث من الواجب بالدرجة الأولى طمأنتهم عبر التأكيد والتركيز في الوقت الحالي، على الرفض المطلق لأي محاولة شطب للودائع، مع ترك النقاش حول كل المقاربات المطروحة حول ردها من خلال استثمار أصول الدولة إلى مرحلة لاحقة.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: