في المبدأ وفي العقيدة والخطابات والتصاريح تعتبر القضية الفلسطينية وتحرير الأراضي المحتلة والمقدسات فيها القضية المركزية المحورية الاساس لمحور المقاومة والممانعة المرتبط بايران،وفي المبدأ ايضا تتحضّر كافة دول المحور وفصائله للمعركة الكبرى الهادفة لخير القضية المركزية فلسطين وشعب فلسطين وشعوب المنطقة المقاومة الممانعة.
اليوم وبعد خمسة اشهر على عملية طوفان الأقصى في غلاف غزة واطلاق معركة المساندة في الجنوب اللبناني بقوافل “الشهداء” على طريق القدس ها ان المحور اليوم عند امتحان يُفصَل فيه القمحُ عن الزؤان ويُكرم فيه المرء أو يهان.
لقد استعجل “المقاومون” الممانعون وأسرعوا وتسرّعوا بتوقّع وحتى إعلان الانتصار على العدو الاسرائيلي مُبشرين بقرب زوال اسرائيل من الوجود على الرغم من وقوع أكثر من مئة ألف من الفلسطينيين الغزاويين بين قتيل وجريح معظمهم من الأطفال والنساء وعلى الرغم من تدمير عشرات الآلاف من الوحدات السكنية على رؤوس قاطنيها وعلى نزوح مئات الآلاف من السكان الرازحين تحت خطر الموت جوعا وقد اعتبر البعيدون قبل الأقربين ان ما يجري في غزة هو إبادة جماعية وثّقتها دولة جنوب افريقيا لمحاكمة وادانة اسرائيل امام محكمة العدل الدولية.
كل ما ذكر للأسف تعتبره اطراف الممانعة والمقاومة في كل من فلسطين ايران ولبنان واليمن والعراق وسوريا كأنه “خسائر جانبية” مستحقة على طريق الانتصار الكبير دفعها الفلسطيني ويدفعها معه اللبناني والعراقي واليمني والسورية من ماله ودمه وحياته.
على سبيل المثال يقول رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد في 3 آذار 2024:”“نقول للعدوّ الإسرائيلي نحن بانتظار أن تُخطئ الخطيئة الكبرى لنضَع مَصير كيانك على المحكّ” وكأن رعد يعتبر ان تدمير غزة وقتل أطفالها المتماديان وتطويق شعبها على طريق موتهم جوعا تعتبر كلها كأنها هفوة صغيرة مغفورة لا تستحق وضع مصير العدو على المحك.
في المقابل وامام “المعركة الجانبية” في سوريا والتي انخرط فيها حزب الله منذ العام 2011 مقاتلا فيها سوريين عرب يقول أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في 16 آب 2013:اذا احتاجت المعركة سأذهب أنا وكل حزب الله الى سوريا” ليستعرض “المئة الف مقاتل” من حزبه لاحقا في 18 تشرين الأول 2021 مهددا طرفا لبنانيا مع التنويه أننا على الرغم من مرور أشهر على انتهاكات العدو من الجنوب مرورا ببعلبك وصولا الى الضاحية لم نلمس فعالية المئة الف مقاتل المجهّزين المرصودين لشوارع عين الرمانة على سبيل المثال.
الأهم ان ما لم يفعله نصرالله في حربه “على طريق القدس” وازالة اسرائيل من الوجود كان مستعدا ان يخاطر بحياته ويفعله “على طريق “اسقاط” مرشح القوات اللبنانية” في بعلبك الهرمل اذ يقول في 16 آذار 2022 “وفي حال رأينا أن هناك وهناً في الإقبال على الإنتخابات في بعلبك -الهرمل فسأذهب بنفسي شخصياً لأتجول في قراها ومدنها وأحيائها للسعي في إنجاح هذه اللائحة مهما كانت الأثمان ولو تعرضت للخطر”
وللدلالة أخيرا على عدم إعارة المحور أي اهتمام او عناية أو قلق لما يعانيه الفلسطينيون وقد يعانيه اللبنانيون من جوع ودمار وموت، لن نجد أوفى وأصدق إنباءً وشرحا من قول حسن نصرالله نفسه اذ ورد على لسانه في صحيفة النهار تاريخ 27 كانون الثاني 1986: :”يجب أن نعمل على إنضاج الممارسة للحالة الجهادية، فعندما يصبح في لبنان مليونا جائع، فإن تكليفنا لا يكون بتأمين الخبز، بل بتوفير الحالة الجهادية حتى تحمل الأمة السيف…” وفي ما نقلته صحيفة السفير تاريخ في 3 تموز 1991 عن نصرالله من ان”الدنيا، في فكر الحزب فانية محدودة. نحن قوم ننمو ونكبر بالدمار”