كتب وليد شقير في “نداء الوطن”:
كأن الوسيط الأميركي آموس هوكستين توقع أن تفشل المحاولات المصرية والقطرية في التوصل إلى اتفاق على الهدنة الموقتة وعلى صفقة تبادل جديدة للرهائن الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين في غزة، حين قال في بيروت إنه ليس بالضرورة أن ينسحب اتفاق وقف النار في القطاع على الوضع في جنوب لبنان، بين إسرائيل و»حزب الله».
جديد طروحات هوكستين حسب مصادر متعددة بالفصل بين الجنوب وغزة، إبداؤه بعض الليونة حيال شرط إسرائيل سحب «حزب الله» قواته وأسلحته الثقيلة من الحدود إلى جنوب الليطاني. هو ركز على وقف النار في الجنوب في مرحلة أولى، على أن تجري ترتيبات لاحقة حول وجود مقاتليه وأسلحته وعناوين من نوع تحديد الحدود البرية وانتشار الجيش. ما له أولوية عند واشنطن هو وقف الأعمال القتالية جنوباً كي يعود مستوطنو شمال إسرائيل إلى منازلهم.
من التفسيرات التي لدى بعض الذين واكبوا زيارة الوسيط الأميركي الإثنين الماضي لعدم اقتراحه انسحاب قوات «الحزب» في الأفكار الشفهية التي تبادلها مع المسؤولين اللبنانيين، يمكن ذكر الآتي:
– خلال زيارته السابقة في كانون الثاني الماضي، تبلغ بأنه يصعب سحب مقاتلي «الحزب» لأنهم أبناء القرى الجنوبية التي يدافعون عنها بوجه إسرائيل. هذا ما تبلغه على الأقل من رئيس البرلمان نبيه بري.
– أنّ ربط انسحاب «الحزب» إلى جنوب الليطاني بترتيبات إظهار الحدود في النقاط الست المتنازع عليها في الحدود البرية سيأخذ وقتاً بينما الملح وقف القتال جنوباً مخافة توسع الحرب، الذي لا تريده إدارة الرئيس جو بادن. ولذلك جرى الحديث عن التهدئة على «الخط الأزرق»، تجنباً لربط الأمر بمسألة الانسحاب من مزارع شبعا المحتلة.
– أنه يمكن العودة ولو جزئياً إلى الستاتيكو الذي كان سائداً في الجنوب قبل عملية «طوفان الأقصى» في 7 أكتوبر، حيث كان لـ»الحزب» وجود مسلح شمال الليطاني مع استقرار في الوضع الأمني على الحدود تعايشت من خلاله قوات الأمم المتحدة (اليونيفيل) مع هذا الوجود على رغم بعض الحوادث التي كانت تعالج بالاتصالات بينها وبين الجيش اللبناني، وعبر اللجنة الثلاثية التي تضم الجيشين اللبناني والإسرائيلي وقيادة «اليونيفيل». وقام هذا الستاتيكو على مبدأ «السلاح غير الظاهر» (invisible) في منطقة عمليات القرار الدولي الرقم 1701. وكانت الحوادث تقع بين القوات الدولية وبين «الأهالي» حين كان «الحزب» يشتبه بأن القبعات الزرق يقتربون من مراكز أو منازل هي مخابئ للأسلحة. وتردد أنّ اعتماد هذا المخرج لفكرة سحب «الحزب» سلاحه إلى جنوب الليطاني كان من الأفكار التي طرحتها «اليونيفيل» سابقاً.
إنجاح هذه الصيغة، بصرف النظر عما طرحه هوكستين من مغريات حول خطط لإعادة إعمار ما تهدم خلال الأشهر الخمسة الماضية… يتوقف على إقناع الجانب الأميركي للمسؤولين الإسرائيليين بأنّ الأولوية هي لوقف النار من أجل تسريع دينامية التفاوض. وقد يبقي «الحزب» على وجوده العسكري في المرحلة الأولى لكن مع خفض كثافته.
في كل الأحوال نُقل عن هوكستين قوله إنّ الوقت حالياً لا يسمح بالحديث عن التطبيق الحرفي للقرار 1701، خصوصاً أنّ إسرائيل قد لا تلتزم بوقف الخروقات الجوية التي تعتبرها ضرورية لأمنها.
ثمة تفسيرات ومعطيات أخرى لدى بعض المتابعين لما اقترحه الوسيط الأميركي منها:
– أنّ معظم قوات «الرضوان» سحبت من ميدان المعارك قرب الحدود تجنباً للخسائر في صفوفها نتيجة عمليات الاغتيال التي تنفذها إسرائيل بالمسيرات والمعلومات الاستخبارية…
– أنّ تطبيق مبدأ الوجود المسلح «غير المرئي أو الظاهر» يشمل إلغاء عدد من حقول الرماية والتدريب العلنية والمعروفة التي أقامتها المقاومة في الجنوب خلافاً للقرار 1701. كذلك عدم بناء أبراج مراقبة كالتي أنشأتها المقاومة سابقاً وجرى تدمير معظمها…
– أنّ جزءاً مهماً من الأسلحة الثقيلة التي كان يحتفظ بها «الحزب» جنوب الليطاني قد استنزف في معارك الأشهر الخمسة، وأنّ وقف القتال إذا نجح يشمل عدم إدخال «الحزب» أسلحة جديدة من مستودعاته خارج الجنوب. كما يشمل ذلك الحدّ من نشاطات جمعيات مثل «أخضر بلا حدود» البيئية التي كان الجيش الإسرائيلي يعتبرها غطاءً للتسليح…