ثلاثة واربعون عاماً مرّت على حصار زحلة في ذكرى لا تنتسى، 2 نيسان 1981، تاريخ مجيد حافل بتضحيات الشهداء، الذين سطّروا ملاحم بطولية لا مثيل لها.
اليوم نستذكر إنتصار تسعين مقاتلاً من المقاومة المسيحية، بدأوا بالتصدّي للجحافل السورية مع اهالي زحلة، ومن ثم تكاثر العدد للدفاع عن مدينتهم، ليجعلوا منها مدينة للسلام والاُسود في آن، ضمن عبارة رافقتهم منذ ذلك اليوم المشبّع بالمقاومة والنضالات، فإستبسلوا في الدفاع عن عاصمة البقاع، على الرغم من عددهم الضئيل في بدء المعركة وتصدّيهم بقوة لجحافل الجيش السوري.
في المناسبة يستذكر احد المقاتلين الذين شاركوا في المعركة، ويقول لموقع LebTalks:” نعود بالذاكرة الى شهر كانون الأول من العام 1980، حين قام السوريون بعمليات إستفزازية في مدينة زحلة، بعد ان شعروا بأن إمتداد القائد بشير الجميّل وصل اليها، لذا خلقوا ” زكزكات” للسيطرة على زحلة، فبدأوا يحتلون القمم والتلال هناك. وفي الشهر عينه حصلت معركة ” الحمّار” حيث قاموا بالتحصينات لكن شبابنا تصدّوا لهم بقوة، وبعد أيام من حصول الاشتباك المذكور، جرى لقاء بين المسؤولين السياسيين والعسكريين التابعين للمقاومة المسيحية في زحلة، والمطارنة ووجهاء المدينة، ووُضع برنامج لتنظيم وتدريب شباب زحلة، وتم إستدعاء مئة شاب للتدريب في ثكنة ادونيس، الى حين بدأت المعركة فعلياً في 2 نيسان 1981، حيث حصل توتر بيننا والجيش السوري في زحلة، بالتزامن مع معارك في بيروت. وفي ذلك اليوم إنهمرت القذائف على زحلة، وشعرنا بهول المعارك، فإستدعينا المئة مع مجموعة من وحدات الدفاع والمغاوير ووحدات بيروت، إضافة الى مقاتلين من ثكنة البقاع ، وصعدوا جميعهم في الجرود وصولاً الى زحلة.
ولفت الى وجود نقاط صعبة في المعركة آنذاك، ومنها السهل وقاع الريم، لكن الشباب تصدّوا للجحافل ببسالة، وتكاثر عددهم الى الفين بعد ثلاثة اشهر، بعدها تحولت زحلة الى قلعة صمود لم يستطع احد دخولها. مع الإشارة الى اننا كنا نعاني من نفاذ الذخيرة، لكننا إستطعنا الصمود بقوة طوال ثلاثة اشهر، حاولوا خلالها الدخول بالدبابات لكن مغاوير المقاومة المسيحية تصدّوا لهم ، وجرت تحصينات للتلال وصدّ هجومات عديدة، اذ حاول السوريون الدخول بالمدرّعات لكننا قاومناهم، كما جهدوا للدخول من السهل ومن اطراف زحلة، فحصلت معارك ضارية جداً، سقط خلالها العديد من الشهداء والجرحى، وترافق كل هذا مع أوضاع صعبة عاشتها زحلة، كالقنص والقصف المتواصل وغياب الحاجات الضرورية، من كهرباء ومياه ومتطلبات معيشية”.
ورداً على سؤال حول كيفية إنتهاء المعركة، أشار المقاتل الى ان الاعلام الدولي نظر الينا بشكل سلبي مع بدء المعركة، لكن بعد فترة وجيزة فهموا مقاومتنا، وحصلت ضغوطات ومفاوضات، اذ دخل الياس الهراوي النائب حينها على خط البحث عن مَخرج مع السوريين، فصدر قرار بعدها من الأمم المتحدة بوقف إطلاق النار. وفي حزيران بدات الضغوطات العربية والأميركية وحصلت حينها إنتقادات كثيرة لحافظ الأسد، فتحرّك العالم لصالحنا ولم يستطع الأسد إكمال المعركة، فإنسحبنا مع علامات النصر التي رافقتنا في 3 باصات الى بيروت، ليحّل مكانهم عناصر من قوى الامن الداخلي اللبناني، وكان القائد بشير الجميّل في إنتظارنا لتقليدنا الاوسمة.