عشية ذكرى 13 نيسان… دعوات لعدم السقوط في فخّ الفتنة

Black smoke rises from an Israeli airstrike on the outskirts of Aita al-Shaab, a Lebanese border village with Israel, south Lebanon, Saturday, Nov. 4, 2023. The Lebanon-Israel border has been the site of regular clashes between Israeli forces on one side and Hezbollah and Palestinian armed groups on the other since the beginning of the Israel-Hamas war. (AP Photo/Hussein Malla)

“تنذكر وما تنعاد”… هذا هو لسان حال اللبنانيين عشية الذكرى التاسعة والأربعين لاندلاع الحرب الأهلية الأليمة في 13 نيسان 1975.

ولكن الواقع على الأرض، لا يوحي بأنّها ستبقى “تنذكر وما تنعاد”.

تنذكر وما تنعاد

فذكرى الحرب تحلّ هذا العام، على وقع مواجهات عند الحدود الجنوبية قد تتوسّع الى حرب شاملة، وتتزامن مع أحداث أمنية خطيرة شهدها البلد في الفترة الأخيرة، من جرائم خطف وقتل وسرقة واعتداء على مراكز حزبية، إضافة الى منشورات وفيديوهات متداولة عبر مواقع التواصل الإجتماعي ضدّ النازحين السوريين، وهي سواء كانت حديثة أو قديمة، صحيحة او مفبركة، لا شكّ أنّ الهدف منها في هذا الوقت بالذات، صبّ الزيت على النار.

صحيح أنّ الأجهزة الأمنية تحاول جاهدة لإثبات أنّ أمن الوطن ممسوك، رغم كلّ المحاولات لاختراقه في أكثر من منطقة.

ولكن عشية ذكرى 13 نيسان، تتخوّف فئة كبيرة من اللبنانيين، أن تكون هذه الأحداث المتتالية، تمهيداً لانزلاق البلاد في فخّ صراع جديد، قد نعرف كيف يبدأ، ولكن لا أحد يعلم نتائجه وتداعياته على الوطن.

فهل سيقع اللبنانيون في فخّ الفتنة التي يحاول البعض استدراجهم إليها؟

يزبك: “طويلة على رقبتن

عن هذه المخاوف تحدّث النائب غياث يزبك لـ “نداء الوطن”، فقال: “طبعاً، نحن نتخوّف من الأطراف التي تعمل على الفتنة وتحضّر لها وتحرّض عليها، ولكنّنا مطمئنون من جانبنا، لأنّنا نتمتّع بالوعي الكافي، كما أنّ الناس تملك الوعي اللازم، ويمكنها التمييز بين الخير والشرّ، وتدرك مفهوم الطابور الخامس وكيف يعمل في هذه الظروف وكيف يستدرج البلد الى الحرب”.

يزبك تطرّق الى جريمة خطف وقتل منسّق “القوات اللبنانية” في جبيل باسكال سليمان، فأكد أنّ “باسكال هو شهيد لبنان وليس شهيد “القوات اللبنانية” فحسب، وشهادته يجب أن تكون سبباً لتثبيت السلم الأهلي وليس لتطييره. والدليل على ذلك، هو أنّ الأطراف كافة، على اختلافها، والتي لا تميّز بين طائفة وأخرى، وبين حزب وآخر، جاءت لتقول اليوم “كلّنا باسكال”. وأعتقد هذا أكبر إسفين في قلب كلّ من يريد جرّ البلد الى الفتنة”، متوجّهاً الى هؤلاء بالقول: “روحوا خيّطوا بغير هالمسلّة”.

وتابع: “غداً نحيي ذكرى الحرب الأهلية المشؤومة، وأنا أؤكّد أنّ ما حصل قبل 13 نيسان 1975 لن يتكرّر اليوم في 13 نيسان 2024… “طويلة على رقبتن”.

الدويهي: سنبقى إلى جانب الدولة

بدوره، قال النائب ميشال الدويهي في حديث لـ “نداء الوطن”: التاريخ السياسي لهذا البلد يثبت، أنّه في غياب الدولة، إذا كانت الارض خصبة، كلّ شي يصبح متاحاً. لذلك علينا، كلبنانيين وكنواب، المساهمة في انتخاب رئيس للجمهورية كي يمسك الوضع الأمني والاقتصادي في البلد، ويضبط الحدود، ويجب أن نعمل على تشكيل حكومة وإنقاذ لبنان”.

وأشار الدويهي إلى أنّ “ما حصل لباسكال، قد يتعرّض له أي مواطن آخر. واليوم، رغم سعي الأجهزة الأمنية للقيام بما يلزم، الا أن القرار يجب أن يكون سياسياً، عبر انتخاب رئيس سياديّ إنقاذيّ إصلاحيّ، من أجل استعادة المبادرة في هذا البلد. أمّا في حال نجحت مساعي البعض في إشعال فتيل الفتنة، فنحن سنكون دائماً إلى جانب الدولة اللبنانية ومؤسّساتها ومع حماية دولة لبنان الكبير”.

شمعون: لن نقع في فخّ الفتنة

رئيس حزب “الوطنيين الأحرار” النائب كميل شمعون، إعتبر، من جهته، أنّ “ما يحصل اليوم لا شكّ أنّه مشروع فتنة. ولا تفسير آخر لجريمة قتل باسكال سليمان، في مفهومنا السياسي، سوى توريطنا بمشكلة مع النازحين السوريين”.

شمعون، أعاد في حديث لـ “نداء الوطن” التحذير من “خطر انقسام الجيش اللبناني، خصوصاً إذا سلكت الأمور منحىً طائفياً وذهبت إلى حدود أبعد، أتمنّى ألا نصل إليها. لذا نحن بحاجة الى الكثير من الحيطة والحذر والتنبّه لما يُحاك وراء كل هذه الأحداث الاخيرة”.

ورجّح شمعون أنّ المخطط يهدف إلى “إشعال التوتّر بين المسيحيين والسنّة، التي قد نصل اليها من بوابة خلافاتنا مع النازحين السوريين. من هنا علينا أن نعي خطورة هذا المخطّط لأنّ بعض الأطراف تحاول إلهاء الناس بموضوع بعيد كلّياً عن الحقيقة”.

وعشية ذكرى الحرب الأهلية، شدّد شمعون على “أنّنا لن نقع في فخّ الفتنة التي يسعون إليها، وهذا آخر ما قد نرغب به حالياً. فنحن نسعى الى التماسك الوطني والى دعم الشرعية، وهذا ما ننادي به دائماً، وما سنواصل السعي من أجل تحقيقه، لأنّنا نريد بناء هذا الوطن وليس هدمه كما يفعل غيرنا”.

ماروني: متيقّظون لمحاولات شقّ الصفوف

الوزير السابق إيلي ماروني، قال: “نحن نواجه فريقاً في هذا البلد، يمكن أن نتوقّع منه أي شيء، خصوصاً أنّه اليوم يملك السلاح الأسهل بين يديه، وهو سلاح الفتنة، ولكنّني أؤكّد أنّ مساعيه لن تنجح لأنّنا متيقّظون لكلّ ما يتعرّض له البلد ولمحاولة شقّ الصفوف، ونحن اليوم في مرحلة توحيد الصفوف، بين القوات والكتائب والأحرار والسياديين والمستقلين، على أمل أن تتّسع هذه الحلقة أكثر من ذلك، كي نتمكّن من إنقاذ لبنان وهذا الخطّ السياديّ، لذا لا بد أن نكون يداً واحدة وقلباً واحداً، من أجل الدماء التي تروي هذه الأرض”.

أيضاً يجزم ماروني بأنّ اللبنانيين لن ينجرّوا الى الفتنة التي يحيكها لهم البعض، وأضاف: “نحن نشعر أنّنا معنيون بجريمة قتل باسكال سليمان ونشعر بالأسى مع عائلته، لأنّنا نعرف معنى الألم الذي تعيشه، فنحن جميعاً لدينا شهداء، سواء على الصعيد الشخصي أو العائلي او الحزبي”.

عبود: لن ننجرّ إلى ما يريدونه

العاصمة بيروت، كانت في الآونة الأخيرة مسرحاً لإشكالات وجرائم متنقّلة، وبالتالي الخطر يتربّص بها أيضاً، على غرار باقي المناطق اللبنانية، وفي هذا الإطار يقول محافظ مدينة بيروت مروان عبود لـ “نداء الوطن”: “المقصود من كل الأحداث الأخيرة المتتالية، جرّ البلد الى فتنة شبيهة بما حصل خلال الوجود الفلسطيني قبل الحرب الأهلية. ونحن نسعى بكل ما أوتينا من قوّة لنبذ الحرب والحفاظ على الوحدة بين اللبنانيين وإعادة انتظام المجتمع والدولة”.

وأضاف: “البعض يستخدم ورقة النازحين السوريين لإشعال الفتنة في البلد، لذلك علينا أن نعي خطورة ما يحصل ولا ننجرّ الى ما يريدونه، ولا بدّ من ضبط النفس والسعي لتطبيق القانون والنظام على الإخوة السوريين الموجودين في لبنان”.

إذاً، في ذكرى 13 نيسان، هناك إجماع على رفض السقوط في متاهة حرب جديدة، فيما يأمل اللبنانيون أن تبقى مآسي الحرب الأهلية مجرّد ذكرى أليمة، نأخذ منها العِبَر لعدم تكرارها.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: