“العوميون” مصطلح يُطلق على السوريين القوميين الاجتماعيين أو من جذور قومية الذي إنخرطوا في الحالة العونية وإنتظموا حتى في صفوف “التيار الوطني الحر”. فمع صعود نجم الجنرال ميشال عون عام 1988 وتكوينه حالة شعبية “فتوش” من المُتعبين من الحرب والميليشيات أو الحاقدين على “القوات اللبنانية” أو عشّاق البزة العكسرية، إستطاع عون أن يستقطب عدداً من القوميين السورين وهم:
* من بقيوا في المنطقة الشرقية منتظرين اللحظة المؤاتية للإنقضاض على “الجبهة اللبنانية” و”القوات اللبنانية”.
* من إشمأزوا من الصراعات الدموية بين أجنحة “القومي” من “المجلس الاعلى” الى “الطوارئ”.
* من ملّوا من الحرب ومن الاحزاب، فرأوا في عون رجلاً عسكرياً قد يستطيع إخراجهم من هذا المستنقع.
للوهلة الاولى قد يعتبر المرء ألا شي يجمع بين مشروعي أنطوان سعادة و”سوريا الطبيعية” وميشال عون و”لبنان الاكبر من أن يبلع وألاضغر من أن يقسّم”. لكن ما يجمع بينهما “جنونة العظمة” و”تأليه الزعيم” و”التفوق” على الآخرين. فعون كما سعادة زعيم مفوّه ويكاد يكون مؤلّه “الله خلقو وكسر القالب”. العونيون يعتبرون أن “شعب لبنان عظيم” مقارنة بالاخرين و”القوميون” يعتبرون أن اهل بلاد الشام أعلى رفعة من شعوب وأعراق عدة.
بعد العام 2005 وعودة الجنرال عون بـ”تسونامي شعبي” جعله أساسياً في الحياة السياسية، قدّم عددٌ من ابناء البيئة “القومية” “لجوءاً سياسياً” لدى “التيار” الصاعد في ظل الشرذمة القومية والتراجع الدراماتيكي عددياً لأتباع سعادة وصعوبة الوصول عبر “القومي” الى مناصب سياسية مهمة.
النموذج الأنجح للحالة “العومية” كان رئيس بلدية ضهور الشوير الياس بو صعب الذي إستطاع تقديم اوراق إعتماده الى الرابية مستنداً الى عوامل عدة منها: علاقاته الدولية خصوصاً في الإمارات وبريطانيا، وضعه المادي الجيد، إستقطابه لناخبين في المتن إنطلاقاً من خلفيته “القومية” ومن الاسلوب الخدماتي الذي إعتمده في البلدية. فدخل بو صعب ببطاقة برتقالية النادي النيابي والوزاري والأهم نادي الموقع الاول أرثوذكسياً عبر موقع “نائب رئيس مجلس النواب”.
بو صعب الذي لم يستطع أن يبقى مستقلاً متحالفاً مع “التيار الوطني الحر” بل إنتسب وكان لاعباً رئيسياً في الإصطفافات الداخلية في “التيار” الى جانب خليفة عون النائب جبران باسيل – خصوصاً في المرحلة الاولى – بوجه النائب ابراهيم كنعان متنيّاً.
إلا أن طموح بو صعب لخلق حيثية خاصة به من جهة وإدارة باسيل اللعبة الداخلية في “التيار” بقبضة من حديد تسببا بتباعد تدريجي بينهما. ثم أتى قانون الانتخاب الحالي والدورة الاخيرة عام 2022 حيث كان “تجيير” كل الاصوات العونية لمصلحة المرشح الخاسر إدي معلوف، ما فاقم الخلاف بين الطرفين الى ان إنتهى الأمر اليوم ببو صعب خارج ميرنا الشالوحي.
خروج بو صعب من “التيار” شكّل ضربة قوية للنموذج الأنجح للحالة “العومية” وخلق ضياعاً لدى “العوميين” الذي يطرحون تساؤلات في الغرف المغلقة عما تبقى مما دفعهم يوماً للتخلي عن حزب أنطون سعادة والإنضواء في صفوف تيار ميشال عون. هم يتحدثون عن تراجع النفس العلماني لمصلحة النفس الطائفي خصوصاً مع تعيين الدكتور ناجي حايك نائباً للرئيس من جهة وإقصاء نائبة الرئيس السابقة مي خريش من “التيار”.
فهل يسعى بو صعب متنياً الى سحب “العوميين” من “التيار” ليعزّز حيثيته السياسية الشخصية؟! وهل تراجع الحجم الشعبي للعونيين وتالياً قوتهم الانتخابية وتقلص مروحتهم الخدماتية بعد إنتهاء العهد سيدفع بهؤلاء الى البحث عن مكان آخر لتقديم “لجوء سياسي” لديه أكان الياس بو صعب أو الياس المر الذي أعلن عن عودته الى الميدان السياسي المباشر وتشكيل “حركة الجمهورية”؟! الاجوبة مرهونة بالايام المقبلة.