“في بلبنان لوبي إسرائيلي، مِن هوي وزغير حملو اريال شارون على ايدو وربتلو على كتفو هو وطفل. هذا اللوبي بيكرهنا ولا يحبنا وهو عنصري وهو طائفي وهو إنعزالي. أصلاً لا يريد العيش مع أحد. الحمد لله هيدا مكسور ومعزول ومنقدر نحاصرو. هذا اللوبي هو كل الاحزاب التي سبق ان إنخرطت بتحالف ميداني وعسكري وأمني مع العدو الصهيوني، لا تزال على نفس عقليتها بالنظر للعدو الصهيوني، لا نروح ولا نجي، هودي لا حبونا ولا رح يبحبونا لانهم انعزاليون…نحن من زمان نرفض الحوار مع القوات اللبنانية لأن لنا تصنيفاً لهم لم يتغيّر بل عكس زاد سوء”.
النائب السابق نواف الموسوي تاريخ 21 نيسان 2024
لا يستطيع القارىء الا ان يذكر ويتذكر ان ما ورد في المضبطة الاتهامية بالعمالة لاسرائيل، المذكورة أعلاه انما استعمل واستهلك سابقا في مراحل كثيرة، وعلى أحزاب وحركات وجهات وشخصيات متعددة معادية سابقة، حليفة حالية، منذ تصدير الثورة الاسلامية الى لبنان في 1979 واعلان تأسيس حزبها في 16 شباط 1985
لا يستطيع القارىء المتابع للتاريخ الحديث القريب الا ان يتذكّر ويذكر ما قاله النائب نواف الموسوي(قبل اقصائه من النيابة بقرار من حزبه) من تحت قبة البرلمان عن “نفس العملاء” في 13 شباط 2019
“شرف للبنانيين أن يصل عون ببندقية المقاومة الى بعبدا، بدلا من أن يصل على دبابة اسرائيلية”مستهدفا في ال2019 نفس الذين استهدفهم في 2024 وهذا ما أثار يومها موجة مسيحية من السخط والاعتراض والاستنكار والاستهجان لتعرّض الموسوي لبشير الجميل الرمز الوطني والذي اجمع عليه المسيحيون والكثير من المسلمين…هذا الأمر دفع بحزب الله ان يعتذر من المجلس النيابي والمسيحيين واللبنانيين من تحت قبة البرلمان اذ قال رئيس كتلة الوفاء للمقاومة الحاج محمد رعد في مداخلة خلال مناقشة البيان الوزاري في 15 شباط 2019 : “حصل سجال غير مرغوب به بين بعض الزملاء وانطوى على كلام مرفوض صدر عن انفعال شخصي من أحد إخواننا في الكتلة وتجاوز الحدود المرسومة للغتنا بالتخاطب والتعبير عن الموقف”.
وتوجه إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري بالقول: “أستحميكم عذراً وأطلب باسم كتلة الوفاء للمقاومة شطب ذلك الكلام”
“الكلام المرفوض الذي صدر عن انفعال شخصي والذي تجاوز الحدود المرسومة للغة الحزب بالتخاطب والتعبير عن الموقف” والذي استدعى الاعتذار والشطب في 2019 عاد وكرره وقاله النائب “المُقال” المحتفظ بصفته ومسؤولياته الحزبية مع اضافات من الاتهامات والافتراءات مسيئة أكثر وأكبر في 2024 دون اعتذار حزبه او مطالبته بشطب ما قيل.
انطلاقا من اننا حاليا امام خطر سيادي وجودي يتمثل بهيمنة سلاح حزب الله على القرار اللبناني وفي خضم مواجهة سياسية معارضة معترضة على الوضع الشاذ تخوضها احزاب وشخصيات سيادية،من المفيد تذكّر وذكر حقبة ومواجهة مماثلة هي حقبة الوصاية والاحتلال وهيمنة النظام الأمني السوري اللبنانية وسلطاته على العمل السياسي والنقابي والطلابي في لبنان.
فقد عزف النظام السوري وحلفاؤه واتباعه سابقا كما يلعب الحزب الوريث اليوم معزوفة العمالة لاسرائيل بوجه كل من عارضه وكل من لم يؤيده في السياسة والاعلام والفكر والادب ولا يسعنا الا ان نتذكر سيمفونيات العمالة لاسرائيل والتي اطلقت بوجه بكركي وخاصة بعد بيان المطارنة الموارنة في 20 أيلول 2000 وشخصيات قرنة شهوان ولقاءات البريستول .
يستعيد اللبنانيون والمسيحيون مع كلام الموسوي مشهد”تظاهرة السواطير” في 11 نيسان 2001 يوم احتشد اتباع “جمعية المشاريع” (الأحباش) يرافقهم عدد كبير من العمال السوريين، أمام عدد من مساجد ومراكز الجمعية، في مشهد مستهجن، حاملين الفؤوس والسلاسل المعدنية والخناجر، يعترضون بحراسة أمنية رسمية على اعتصامات طلابية للأحزاب المسيحية قوات-كتائب-احرار-تيار وطني حر… لمناسبة ذكرى اندلاع الحرب اللبنانية والتنديد ب”سلطة الوصاية” على “المتحف” ، حيث هدّد وندّد “حملة السواطير” بالمعتصمين “العملاء”.
يومها عقد نائب رئيس الجمعية النائب السابق عدنان طرابلسي مؤتمرا صحافيا أعلن فيه ان الجمعية “لن تسكت بعد اليوم عمّن تسوّل له نفسه العبث بأمن الوطن وانتمائه العربي، وكل من يسعى للعودة الى الارتباط بالمخطط الصهيوني الحاقد على لبنان”
الحزب الذي يمثّل المكوّن الشيعي بأغلبيته لا يريد الحوار مع القوات اللبنانية ويعمل على عزلها وتخوينها واتهامها بالعمالة علما بأن الانتخابات الأخيرة النيابية والنقابية والطلابية اعطت القوات أكثرية تمثيلية مسيحية موصوفة معروفة.
مع ان السيد حسن نصرالله كان قد صرّح في 19 تشرين 2021 “ان الحزب لا يعتبر المسيحيين أعداء” فالحزب وقياديوه لا ينفكون يهينون رموز المسيحيين من بكركي الى شهدائهم الى زعمائهم مخونين هادرين لدمائهم ودماء ممثليهم الحقيقيين وفي هذا الاطار وفي الحدود المرسومة ل”لغتنا في التخاطب” الذي تحدث عنها الحاج محمد رعد معتذرا عن ما ورد في كلام نواف الموسوي بحق بشير الجميل نذكّر بقول الموسوي لرئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميل ومن تحت قبة البرلمان في 14 كانون الاول 2012:”صباطي اشرف منك”…
تهمة العمالة وسّع بيكارها وكبّر حجرها نواف الموسوي نفسه اذ أصبحت تشمل كل المغتربين والمنتشرين في العالم(اغلبيتهم من المسيحيين) والذي يتكل عليهم وعلى تحويلاتهم اللبنانيون والاقتصاد اللبناني اذ سبق له ان قال في 2 آذار 2010″يحق لكل مواطن عربي أن ينظر الى كل حامل جواز سفر احنبي على أنه “عميل” محتمل”
استسهالا أيضا لاستعمال نغمة العمالة واسقاطها على “المعارضين” لمنعهم من ممارسة حريتهم وحقوقهم الديمقراطية الدستورية يقول المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان في 11 حزيران من العام 2023 “من يصوّت لجهاد أزعور إنما يصوت لمرشح تل أبيب”.
ان التشدد والصرامة في تعاطي الحزب مع الذين يرغب ان يفترضهم “عملاء” يقابله غض نظر، تراخي، تساهل، وحتى تعامل مع بعضهم فهو تحالف معهم وجيّر اصواته لهم ووضعهم على لوائحه الانتخابية في بعلبك الهرمل وبعبدا عاليه كما تحالف انتخابيا مع الشيعة الذين صوتوا لبشير الجميل في 23 آب 1982 وفي دورات متتالية ،هنا يجدر التنويه ان 12 نائب شيعي من أصل 18 صوتوا للرئيس الشهيد بشير الجميل…كذلك وحسب وصفة الحزب للعمالة فان الحليف المقاوم ميشال سماحة هو من خرّيجي مدرسة العملاء تلك.
انها تهمة العمالة À la carte رفعتها الأنظمة التوتاليتارية والاحتلالات على انواعها بوجه معارضيها ومقاوميها وحكمت من خلالها وحجبتها عن أزلامها، ورفعها الحزب الإيراني في لبنان بوجه الاحزاب والحركات والتيارات التي عارضته ونافسته وحاربها وحاربته وحجبها عن أتباعه وحلفائه وها هو يرفع “التهمة” اليوم مستشرسا بوجه آخِر معقل من معاقل المعارضة والمقاومة السياسية والدفاع عن السيادة والحريات والاستقلال ويحجب “العمالة” عن المقربين المحظيين.
انصافا للحق والعدالة والمبادىء لن تكون حظوظ “الحزب” بأفضل من حظوظ “الأنظمة” و”الاحتلالات” على انواعها.