تبرعات "قجة" الفقراء لمعركة "الحزب" غير "الميّسرة"

hezeb-2

تفاجأ اللبنانيون جميعاً من بيئة الحزب المقاوم قبل غيرهم من حملة التبرع التي اطلقتها "هيئة دعم المقاومة الاسلامية" لشراء صواريخ ومسيّرات من ايران تحت شعار "مسيّرة ميسّرة" بعد ان كان مسؤولو الحزب وعلى رأسهم أمينه العام حسن نصرالله قد أكدوا واثقين بأن الحزب لم يستعمل ولم يستهلك الا جزءاً صغيراً جداً من قوته العسكرية والصاروخية المجهّزة للمعركة الكبرى النهائية والحاسمة المنتظرة.

 ينقسم اللبنانيون بشكل عامودي وحاد حول سلاح الحزب اذ يعتبره قسم منهم مقاومة شرعية ضرورية ابدية لا موقتة وقسم آخر سلاحاً غير شرعي محكوماً بالقانون ودستور اتفاق الطائف والقرارات الدولية الواجبة الاحترام والتطبيق.

لقد دافع مؤيدو بقاء المقاومة بمهامها وسلاحها عن تمسكهم بهذا السلاح بذريعة قوة الردع التي يفرضها على العدو الاسرائيلي وذريعة ضرورة تحرير الاراضي المحتلة في شبعا والقرى الجنوبية. واستند هؤلاء مع مسؤولي تلك المقاومة على الدعم الخارجي المتمثل بمحور الممانعة وعلى رأسه الجمهورية الاسلامية في ايران، وايران سياسياً عسكرياً ومالياً، وفي هذا الإطار يؤكد امين نصرالله متباهياً مفتخراً مستقوياً مطمئناً بيئته قبل بقية اللبنانيين في 24 حزيران من العام 2016، “نحن يا خيي على راس السطح موازنة “الحزب” ومعاشاته ومصاريفه وأكله وشربه وسلاحه وصواريخه من الجمهورية الإسلامية في إيران، تمام؟...طالما يوجد في إيران فلوس يعني نحن لدينا فلوس، ومالنا المقرر لنا يصل إلينا”، ليقول في نفس الاطار في 1 تشرين الثاني من العام 2019، “إذا انهار البلد ولم تعد الدولة تستطيع دفع المعاشات فإن المقاومة ستبقى موجودة وتدفع المعاشات لشعبها" كذلك قال في 17 حزيران 2020، “نحن من يأتي بالدولار إلى لبنان"

بالإضافة لمظاهر القوة المالية والعسكرية التي تجلت في كلام نصرالله والتي تتعارض مع حملة التبرّع المطلوبة من جيوب أبناء بيئته لشراء المسيّرات والصواريخ، فإن السيد نفسه كان قد عبّر عن عدم الضرورة والحاجة للشراء في كلمته تاريخ 16 شباط 2022 والتي اعلن فيها عن تصنيع حزبه للمسيّرات وبقوله "اللي بدو يشتري طائرات مسيرة يقدم طلب صار في عنا فائض"

على الرغم من كل ما قيل على لسان مسؤولي الحزب عن قوة وجهوزية "المقاومة"، لقد سبق للحزب ولهيئة دعمه ان قامت بحملة تبرع مماثلة في 2017 و2018 حملت عنوان "تجهيز مجاهد" بعد انخراط "مقاومته" في الحرب والوحول السورية... تماماً كمثل انخراطه في حرب غزة على الرغم "اننا دولة على حافة الانهيار ان لم نكن قد أصبحنا داخله" على ما لحظه نصرالله نفسه في 20 كانون الثاني 2023 .

انطلاقاً من هذا التكذيب ذي الوجهين لقدرات "المقاومة" ولحقيقة "حاجتها" للتمويل من جيوب المتبرعين من بيئة الحزب الداخلين في الانهيار، نعود الى ما قاله نصرالله عن الواجب الشرعي الديني للتبرع بمعزل عن "حاجة المقاومة" اذ قال في 30 نيسان 2010 "هل فعلاً تحتاج المقاومة إلى أن يكون لها قجج صغيرة في البيوت يأتي الأطفال الصغار ليضعوا في هذه القجة من مصروفهم، هل حقيقة المقاومة بحاجة لهذه الاموال؟...بمعزل عمّا إذا كانت بحاجة أو ليست بحاجة، أن دفع المال للمقاومة هو حاجة للمتبرعين وللمساعدين، حاجة شرعية وحاجة أخلاقية وحاجة إيمانية وحاجة وطنية وحاجة دينية، لأنهم من خلال المال يشاركون في الدفاع عن بلدهم، في تحرير أرضهم، في الحفاظ على كرامتهم وعزتهم".

هنا يطرح تساؤل آخر، هل ذهبت أموال المتبرعين من "القجة" ومن الحملات الى مستحقيها من "المقاومين" يرد السيد حسن نصرالله بشكل غير مباشر في 16 تشرين الثاني من العام 2010 في صحيفة الأخبار التي نقلت من حديثه امام كوادر من الحزب قوله" اليوم، تسللت إلى أوساطنا أجواء بعيدة عما عهدناه، ودعا السيد مسؤولي الحزب للعودة إلى المساجد، متوجهاً إليهم وطالباً الاهتمام بمن يعملون معهم، خصوصاً أولئك الذين يعملون تحت إمرتهم. كما دعاهم إلى تحسس آلام الفقراء في مجتمعاتهم، والالتفات إليهم، والابتعاد عن مظاهر الترف التي لا تورث سوى الشبهات، وتدفع الناس إلى طرح السؤال الطبيعي في هذه الحالة، “من أين لك هذا”؟".

ومن نفس الصحيفة نقرأ عن "وزير مالية" الحزب ومدير التبرعات والودائع رجل الاعمال صلاح عز الدين في 8 أيلول من العام 2009،“تتكاثر الأحاديث في القرى المتضررة من إفلاس رجل الأعمال صلاح عز الدين، وسعي بعض الجهات إلى البحث الجدي عن إيجاد سبل للتعويض على المودعين. ونقلت بعض المصادر عن تدخل ممثلي الحزب في هذه البلدات لفضّ القلق الذي يسببه الأمر لدى الخاسرين من الإفلاس. بدأ هؤلاء بالفعل في بعض القرى، بتعبئة استمارات شبيهة باستمارات المتضررين من عدوان تموز بهدف إحصائهم وإحصاء أموالهم المودَعة، وصولاً إلى التعويض عليهم بآلية تتوضح لاحقاً، وفي بلدة طورا تداول الأهالي أخباراً عن مبادرة أحد شركاء عز الدين لرد أجزاء من أموال المودعين من أمواله الخاصة استباقاً لما سيبتّه القضاء خلال سنوات ربما".

كذلك وفي نفس الاطار تداولت مواقع التواصل الاجتماعي، تقريراً مصوراً عن “حياة الثراء الفاحش لنساء رجل الأموال الأول في "الحزب” محمد جعفر قصير في 6 تموز من العام 2023، وانتشر هذا الفيديو خارج وداخل بيئة الحزب التي تفاعلت بشكل ملفت مع مضمونه.

ان كل ما ورد موثقاً ما هو  الا غيض من فيض الارتباك الحاصل داخل "الحزب" وداخل "بيئته" المتضررة الأولى وبين هذه الأخيرة المتعثرة مادياً اقتصادياً واجتماعياً وبين الحزب المسيّر من ايران والميسور  من أموالها "المقررة له"، وكأن بلسان حال ابناء تلك البيئة يقول: "الحزب" يأكل الحصرم وأبناؤه يضرسون".

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: