بالوقائع: “الادعاءات” برضوخ “القوات” “للإملاءات” ترتدُّ على مطلقيها

geagea

كتب أنطوان سلمون

في حمأة الاحداث الخطيرة والأحاديث التي تنذر بأخطر منها أمنياً عسكرياً اقتصادياً وحتى وجودياً على لبنان وجنوبه وأهله، احتلت الحملة السياسية الاعلامية المبرمجة المنظمة على القوى السيادية المعارضة وفي مقدمتها رأس حربتها حزب القوات اللبنانية ورئيسها سمير جعجع واجهة “أخبار” الممانعة بوسائلها المتعددة الورقية والاذاعية والتلفزيونية والالكترونية بطوفان تجنّدت له القوى الممانعة من رأس السلطة التشريعية الى أصغر ناشط على صفحات التواصل الاجتماعي للفتح العظيم والجهاد الكبير وليكون التكليف بأولية نيل الممانعة وإعلامها وإعلامييها من شريك يمثّل ما يمثل في الوجدان اللبناني المسيحي وما يثير الاستغراب حتى الاستهجان ان “أخبار” ساحات القتال والمواجهات مع العدو الذي لا ينفك يدمّر بغزة في فلسطين وبالجنوب اللبناني ويقضي على عشرات الآلاف من الفلسطينيين والمئات من اللبنانيين احتلت درجة ورتبة أدنى لصالح الهجوم على القوات ورئيسها.

ان كل ما أوردناه آنفاً قد يكون مقبولاً بحدّه الأدنى لو أن مضامين الحملة المذكورة ومضابط الاتهام كانت موضوعية حقيقية صادقة وغير مجحفة ومفترية، لكن التدقيق العلمي الموضوعي التاريخي يدل على عكس ما ادُّعيَ في مواضيع كثيرة. فعلى سبيل المثال في موضوع العودة الى “النبش” في دفاتر الحرب القديمة الواضعة أوزارها بعد اتفاق الطائف فان النابشين أنفسهم كانوا ذو باعٍ طويل في خوض هذه الحرب وفي ارتكاباتها وفي التسبب بمآسٍ كثيرة فيها وبعدها.

في الموضوع الأساس وفي التهم الجاهزة التي دأبت الممانعة على إطلاقها على كل من يعارضها رأياً او موقفاً أو مبدأً وهي التماهي مع العدو والخضوع للإملاءات الخارجية وانتظار التعليمات من الخارج الغربي أو العربي، فإن الوقائع ومسار القوات تدحضها وتؤكد عكسها لا بل تعكسها على مطلقيها أنفسهم بانسياقهم وانسجامهم مع هذا الخارج خصوصاً الغربي في محطات كثيرة وفي أمثلة عديدة.

-في العام 1992 وبعد أن وضعت الحرب أوزارها وبعد سنتين على الانقلاب السوري على اتفاق الطائف برعاية دولية وعلى الأخص أميركية زار رئيس القوات الولايات المتحدة الأميركية وفي لقائه وقتها مع مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط ادوارد جيرجيان “نصحه” هذا الأخير بالقبول بالخيار السوري والالتحاق بسلطة الوصاية فرفض جعجع مما رتّب على القوات لاحقاً الاضطهاد فالملاحقة فالاعتقال والاغتيالات.

-في فترة اعتقال الدكتور جعجع والتي دامت أحد عشر عاماً ونيف حاولت سلطة الوصاية ترغيباً وترهيباً مساومته على إراحته في سجنه وحتى حريته مقابل الالتحاق بلوائح السلطة في الانتخابات والانقلاب على المبادئ والجواب يكمن في بقائه حرّ الضمير والقرار في زنزانة مترين بمتر ثالث طابق تحت الأرض بظروف انسانية صعبة.
-بعد خروجه من المعتقل وبعد غزوة “الحزب” لبيروت في 7 أيار 2008 كانت القوات رافضة لخضوع قوى 14 آذار وتلبيتها الدعوة لمؤتمر الدوحة الذي كان تحت رعاية خليجية ودولية وتحفظ جعجع على مقرراته.

في 2010 عارضت القوات معادلة السين – سين.

في 2015 عارضت توجه المملكة العربية السعودية الرئاسي وننقل هنا من صحيفة اللواء في 23 كانون الأول 2015، ما نقلته مصادر نيابية: “ان جعجع لم يتجاوب مع المسعى الأخير الذي قام به سفير المملكة العربية السعودية في لبنان علي عواض عسيري بأن “يأخذ الأمور بالتي هي أحسن”، كما عارضت في العام نفسه ترشيح فرنسا لفرنجية”.

في 18 كانون الثاني 2016 أعلن رئيس حزب القوات تبني ترشيح ميشال عون لرئاسة الجمهورية على الرغم من رفض السعودية وأميركا لهذا الترشيح وهنا نستشهد بما أقرته “أخبار” الممانعة في مانشيتها في 20 كانون الثاني 2016 “الفيتو السعودي مستمر”.

في 2020 رفضت القوات الخضوع للإملاءات الفرنسية في موضوع تكليف مصطفى أديب لرئاسة الحكومة اللبنانية.

في 2022 عارضت انفتاح المملكة العربية السعودية على دمشق كما رفضت المطلب الأميركي بالامتناع عن تمرير صفقة الترسيم البحري على المجلس النيابي كذلك رفضت الخضوع للضغوط الخارجية الاوروبية والاميركية بإقرار قانون الكابيتال كونترول من دون تعديلات جذرية وخطة تعافي شاملة.

في 2023-2024: رفضت القوات الخضوع للاملاءات الفرنسية في ترشيح فرنجية وما زالت.

في المقابل يكشف رأس الممانعة المنظِّمة لحملة الافتراءات تلك في 25 أيار 2013 عن ان “حزبه” “قاتل في البوسنة والهرسك في السابق (1992-1995) من اجل الدفاع عن المسلمين” ليكشف ويفضح في خطابه انه كان الى جانب الجيش الاميركي في البوسنة بوجه الصرب المدعومين من روسيا وتجدر الاشارة الى ان نصرالله نفسه وفي نفس الخطاب يقول “إن الحزب لا يمكن أن يكون في جبهة فيها أميركا”.

  • يعبّر نصرالله في رسالة الى فرنسا نشرتها صحيفة “لو فيغارو” الفرنسية بتاريخ 9 نيسان من العام 2005، “إن فرنسا البلد الذي نحفظ له نحن الحزب بود كبير، دوره الأساسي في إنجاز تفاهم نيسان”، ان التفاهم الذي وُقّع في 26 نيسان 1996 تحت رعاية وزيري خارجية الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وارن كريستوفر وفيليب دو شاريت، ما زال يعتبره الحزب من سلسلة انتصارات الحزب المجيدة. وضمن هذا الإطار يكشف الرئيس الايراني السابق حسن روحاني في 19 أيلول من العام 2015،” ان شعار “الموت لأميركا” الذي يردده الإيرانيون ما هو إلا “شعار” وليس إعلان حرب ضد السياسة الأميركية”.

-يقول عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب نواف الموسوي في 13 شباط من العام 2019‏، “أننا نفتخر بأن “الحزب” أوصل فخامة الرئيس ميشال عون من خلال بندقية المقاومة”، في حين أن رئيس مجلس النواب نبيه بري يكشف في 31 تشرين الأول 2016 ان انتخاب عون هو “تسوية أميركية-ايرانية”.

-في ترسيم الحدود البحرية، يقول نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب في 11 تشرين الأول من العام 2022، إن “اميركا قامت بجهود جبارة لنجاح هذا الملف”. وكان نصرالله قد برّر تقاطعه مع الوسيط الأميركي “غير النزيه”- حسب توصيف نائبه الشيخ نعيم قاسم -بقوله في 17 أيلول من العام 2022، إن “هدفنا أن يتمكّن لبنان من استخراج النّفط والغاز، بدنا ناكل عنب”.

-في حماية داعش “الأميركية”: في 1 تشرين الأول من العام 2022، أعلن نصرالله أن “أميركا هي من صنعت داعش”، وكان صدر عن “الحزب” في 2 أيلول من العام 2017، بيان طالب فيه الحزب بحماية الباصات التي تنقل مسلحي داعش من “اعتداء” الطائرات الأميركية، مطالباً المجتمع الدولي “بالتدخل لوقف هذه المجزرة”. وعلى ذكر المجتمع الدولي، كان لنصرالله موقف آخر إذ قال في 28 تشرين الأول من العام 2005، “إن المجتمع الدولي يبذل كل جهده ليحقّق مصالح أميركا وإسرائيل فقط وفقط وفقط”.

وطبعا لن نتحدث عن ارتباط الحزب العضوي وتبعيته الدينية السياسية العسكرية والمالية المطلقة لولي الفقيه الايراني وجمهوريته الاسلامية.

إن أفضل تعبير لما ورد نقرأه في كلام السيد المسيح الذي يقول في الكتاب المقدس انجيل لوقا 41:6: “لِمَاذَا تَنْظُرُ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ، وَأَمَّا الْخَشَبَةُ الَّتِي فِي عَيْنِكَ فَلاَ تَفْطَنُ لَهَا؟” .

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: