الحزب “يسوق” اللبنانيين الى القدس مروراً بقبرص

khass-antoine

أنطوان سلمون

“البلد للجميع وهذا المركب لا يحق لاحد ان يسوقه كما يشاء، جميعنا معنييون ان نشارك في وجهة هذه السفينة”.

انطلاقاً من كلام نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الذي قاله في 2 شباط 2018 يحق لأي شريك في الوطن ان يسأل ويسائل الحزب وأمينه العام عن الوجهة التي يسوق بها المركب مورّطاً البلاد والعباد.

فبعد أن قرر الحزب وحيداً “من دون وجه حق” -حسب نعيم قاسم- تكبيد اللبنانيين جميعاً ثمن انخراطه الاحادي في معارك المنطقة واعتمادها ممرات الزامية لطريق القدس كالقلمون والزبداني وحمص وغيرها من التي ذكرها نصرالله في خطابه تاريخ 11 تموز 2015 وبعد أن أعلن في الشأن اليمني في 26 تموز 2022: “انا لست وسيطاً انا طرف، انا مع السيد ‎عبدالملك الحوثي، ومع أنصار الله”، معرّضاً علاقات لبنان مع الدول الخليجية ومصالح اللبنانيين فيها للأضرار الجسيمة ها هو اليوم يعلنها حرباً على قبرص الاوروبية الملاذ الاقتصادي والامني للبنانيين بكافة طوائفهم وأطيافهم منذ العام 1975 معرّضاً اقامتهم ومصالحهم وعلاقات لبنان الرسمي دبلوماسيا واقتصاديا للأضرار ذاتها التي وقعت جرّاء التصرفات المشابهة من نفس المصدر على الدول الخليجية.

يخال المرء المستمع الى كلام نصرالله عن قبرص اننا امام شخصية حزبية معتدى عليها وتعتمد الحوار والمناقشة والمحاججة اسلوبا وطريقا لتحقيق أهدافها، في حين ان مجرد النظر الى نماذج قليلة من أنشطة الحزب في العالم وخاصة في قبرص، قد يعطينا تفسيراً لما يصيب اللبنانيين وقد يصيبهم من “سوق” الحزب وممانعته لهم الى ما لا تحمد عقباه.

-نبدأ مع محاولة اغتيال العماد ميشال عون في قبرص 1989، هذه المحاولة أحيلت إلى المجلس العدلي بمرسوم حكومي صدر بتاريخ 9 حزيران 1989 وعين القاضي الياس موسى محققاً عدلياً فيها.

وفي تفاصيل المحاولة هو انه كان مقرراً ان يهبط العماد عون في قبرص قادماً بطوافة عسكرية من لبنان في طريقه الى لقاء لجنة المساعي العربية في تونس التي كانت جامعة الدولة العربية قد شكلتها في محاولة منها لحل الازمة اللبنانية. وقبل موعد مرور العماد عون بقبرص بأيام قليلة وتحديداً في 30 أيار 1989، ألقت السلطات القبرصية على ستة لبنانيين لحيازتهم اسلحة ومتفجرات وصواريخ مضادة للطائرات ومعدات حربية اخرى مختلفة.

وتبين من التحقيق معهم أنهم مجموعة عسكرية أمنية برئاسة شخص يدعى إميل غزالي وبأنهم تابعين للحزب السوري القومي الاجتماعي وقد دخلوا جزيرة قبرص خلسة بزورق اقلهم من شواطئ لبنان الشمالية، وأنهم كانوا مكلفين من قيادة حزبهم بشخص أسعد حردان اغتيال العماد عون وهو في طريقه الى تونس.

وعاد مسؤولون في الحزب المذكور اكدوا هذه المعطيات في تصاريح علنية اصدروها في تواريخ لاحقة.

الملفت ان السلطات القبرصية سلّمت المجموعة “الممانعة” إلى السلطات اللبنانية في وقت لاحق التي عمدت إلى إطلاقها من دون أي توقيف او محاكمة.

-في تموز 2012 تم إعتقال عنصر من “حزب الله” في قبرص يدعى حسين عبدالله بعد إكتشاف ٨.٢ طن من نترات الأمونيوم في قبو منزله في لارنكا.

-في 21 آذار 2013 قامت المحكمة القبرصية بإدانة حسام يعقوب لبناني يحمل جواز سفر سويديًا اعترف بانتمائه للوحدة 910 التابعة لحزب الله قائلًا إنه كان يخضع لتدريبات في لبنان من قبل الوحدة وإنه تم إرساله للقيام بمهام جمع معلومات عن أهداف سياحية في قبرص من أجل استهدافها. كما اعترف بأنه قام بجمع معلومات عن شركة الطيران الإسرائيلية “ارقياع” وعن السياح القادمين والمغادرين في مطار لارنكا باللإضافة إلى معلومات عن فنادق قبرصية مضيفًا أنه قام بمهام لصالح حزب الله في تركيا وهولندا وفرنسا.

-اعتقال عنصر من حزب الله معروف بـ”دياب” في مطار لارنكا في قبرص آتياً من لبنان في آذار 2019 بتهم مخدرات وغسل اموال ليتبين انه مطلوب من الولايات المتحدة الأميركية ولاية فلوريدا لارتكابه عمليات غسل أموال مع آخرين في الفترة الممتدة من 2014 حتى 2016 مصدرها تهريب المخدرات وأصدرت المحكمة العليا في قبرص تاريخ 25 أيار 2020 قرارا قضى بتسليمه لسلطات الولايات المتحدة الاميركية

وغيرها الكثير من الأدلة عن سوء فهم وتفهم الممانعة ورأسها لحسن الضيافة القبرصية وسيادة دولتها على اراضيها وسلامة القاطنين فيها ومنهم الكثير من اللبنانيين.

 ان استئثار الحزب بـ”وجهة” المركب الآيل للغرق مع من يحمل من اللبنانيين برّره نصرالله بأكثرية عددية لمؤيدي حروبه بقوله مهددا شركائه في 31 أيار 2024:”اما نعود الى العد والا كل واحد يعرف حجمو”  كلام الأمين العام يرد عليه نائبه الشيخ نعيم قاسم بقوله الآنف الذكر:”جميعنا معنييون ان نشارك في وجهة هذه السفينة”…

اما ما يؤكد استثمار الحزب للخسائر على “طاولة الصفقات” بعيداً عن العنتريات والتهديدات فهو في قول نصرالله نفسه في خطاب 19 حزيران 2024: “لا نسعى للدخول في حرب شاملة مع إسرائيل والجبهة اللبنانية حاضرة بقوة على طاولة التفاوض”.

نختم مع دعوة السيد المسيح في  الكتاب المقدس انجيل مرقس 24:4 “انْظُرُوا مَا تَسْمَعُونَ! بِالْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ وَيُزَادُ لَكُمْ أَيُّهَا السَّامِعُونَ.”

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: