ذكرى مجزرة القاع ورأس بعلبك والجديدة.. قلاع صمود لم يستطع احد خلخلتها

kaa

كان ليل 27- 28 حزيران من العام 1978 هادئاً، في بلدات القاع ورأس بعلبك وجديدة الفاكهة في البقاع الشمالي، لو لم يخرقه ضجيج وهدير الشاحنات السورية التي تقل مسلحين بلباس مدني، ساعات من الغدر والقتل عاشتها البلدات الثلاث، التي لم تكن تعلم ان الغدر سيطالها، وبأن بعض شبابها سينضمون الى قافلة شهداء المقاومة المسيحية، وسيسقطون مع بزوغ ذلك الصباح شهداء بسبب إنتمائهم الحزبي، وبهدف تهجير المسيحيين من تلك البلدات البقاعية الحدودية على ايدي تلك العناصر، بحثاً عن شباب كتائبيين لإقتيادهم تحت حجة التحقيق فقط ، فحصلت مداهمات للمنازل وإعتقال في ذلك الليل المشؤوم إنتهت بإستشهادهم بأبشع الطرق.

الهدف الأول من تلك المجزرة، كان تهجير المسيحيّين من المنطقة، حيث وُضعت حينها خطة ممنهجة لتحقيق ذلك، لكن أغلبية الأهالي أصرّوا على البقاء ولم يغادروا، فبقي ولاء الانتماء للأرض والبلدات قوياً، ولم ينجح مرتكبو تلك المجزرة في هدفهم، رغم سقوط 26 شاباً دفعوا ثمن نضالهم، فسطّروا ملحمة بطولة ورمزاً للمقاومة والشهادة من اجل لبنان.

منعوا الكاهن من الصلاة لراحة أنفس الشهداء

الى ذلك أشار بعض اهالي بلدة رأس بعلبك خلال حديث لموقع LebTalks وبالاستناد الى احد التقارير الذي تلقّته الأجهزة الأمنية في تلك الفترة، بأنّ احد الضباط السوريّين دخل أحياء البلدة، وإقتاد ستة شبّان كتائبيّين، وفي الوقت عينه دخلت مجموعة أخرى بلدة جديدة الفاكهة لتقتاد خمسة شبّان، فيما داهمت قوة مماثلة بلدة القاع واعتقلت خمسة عشر شاباً من منازلهم . لافتين الى ان القوات السورية اخلت الشوارع من الحواجز في البلدات المذكورة، قبل يوم واحد من إعتقال الشبان، وسط دهشة الأهالي وتساؤلاتهم عن سبب إزالة تلك الحواجز.

وتابع الأهالي: "في تلك الليلة المشؤومة جال ضابط سوري في رأس بعلبك، بحثاً عن الشبان تحت حجة التحقيق معهم لا اكثر ولا اقل، وهم جُلبوا بثياب النوم وإقتيدوا الى مكان مجهول، وفي اليوم التالي أبلغ السوريون كاهن الرعية ميشال بركات، مكان وجود جثث الشهداء لدفنهم، وهو رأى هول تلك المشاهد البربرية، وقد ضغطوا عليه كي لا يقيم الصلاة لراحة أنفسهم، لكنه فعل وبمَن حضر من المصلّين فقط.

سجّل أسود أضيف الى إجرامهم

ومن منطقة القاع تحدث عدد من الأهالي لموقعنا ايضاً، مستذكرين بأن سيّدة من قرية البزالية - بعلبك شاهدت في ساعات الفجر الأولى من ذلك التاريخ، سيارات عسكرية سورية، تنقل أشخاصاً مدنيّين في محلة وادي الرعيان، وسمعت لاحقاً إطلاق رصاص بغزارة، ثم رأت السيارات تعود خالية من الأشخاص. وإثر هذه المعلومات وُجدت جثث 26 شاباً مكبّليّ الأيدي، واجسادهم ممزقة بالرصاص. فيما حاول ضباط الوحدات الخاصة السورية طمس الحقائق وتضليل التحقيق، فهدّوا الأهالي حينها ومنعوهم من تقديم شكوى قانونية.

هذا ووصف احد أبناء بلدة القاع، الذي عايش تلك الجريمة، بالمجزرة التي لا تنتسى، والتي تضاف الى سجلّهم الأسود الحافل بالقتل. وقال: "لقد إستهدفوا العزّل والمدنيّين الآمنين، وذكّر بالشهيد حنا مطر الذي سقط في تلك الليلة، لانه مؤمن بلبنان وبالمقاومة اللبنانية. وابدى أسفه لان القاتل لم يُحاسَب مع أنه معروف.

تحية إجلال للابطال
في الختام وبالذكرى الـ46 لتلك المجزرة الرهيبة، تحية إجلال للأرض التي أنجبت الابطال ولم تبخل بتقديم الشهداء على مذبح الوطن، ولأهالي القاع ورأس بعلبك وجديدة الفاكهة الصامدين في البقاع الشمالي على الرغم من كل المخاطر، هم شهداء قضية لا تموت ولن تموت، وسيبقون في ذاكرة وضمائر رفاقهم وأبناء بلداتهم مهما طال الزمن.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: