لا شك في انّ إستعادة ذكرى إستشهاد الرئيس بشير الجميّل، تشكل حافزاً لنا لتوطيد الإيمان بهذا الوطن ومُقوّماته، الرئيس الشاب ناضل ليعيد الى لبنان وحدته وسيادته والى الانسان حريته وكرامته والى الدولة هيبتها.
بعد 42 عاماً بقيت كلماته وصايا لم يستطع اللبنانيون تنفيذها بعد، نسترجع ذكرى ذلك الانتصار الذي لم يغب لحظة عن وجداننا لانه حلم فكيف ننساه؟، او ننسى تلك الثورة المتمرّدة على التسويات والداعية دائماً وابداً الى قول الحقيقة الصعبة، في نبرة خطابية إستقطبت المؤيدين والمعارضين على السواء؟.
لقد أراد بشير ان يبني الدولة السيّدة الحرّة المستقلة، فأطلق شعارات وتحذيرات لا تزال تترّدد في الاذهان حتى اليوم، ناضل بمنطق الدولة القوية التي لا تساوم، فوّجه رسالة الى الفاسدين قائلاً:” لا مكان لكم في لبناني الخاص بي”، لان لبنانه كان مميّزاً…
خرق مساحة لبنان كلها خلال واحد وعشرين يوماً، فكان كالسهم الذي أتى في مهمة محدّدة، ليجعل من لبنان وطناً مصاناً ودولة قوية،” إذ من الأفضل أن ندفع ثمن وطن على أن ندفع ثمن مزرعة”، كلمات ردّدها الرئيس بشير الجميّل في 23 آب 1982 تاريخ إنتخابه رئيساً للجمهورية، وكأنّه كان يقرأ المستقبل… لأنّنا ما زلنا حتى اليوم ندفع ثمن تلك المزرعة!
عبارات وكأنّها تقال اليوم : “يدي ممدودة الى الجميع ، لقد ارتكبنا جميعاً أخطاء عدة، ولكن لنا الحق بأن نعيش في دولة حرّة مستقلة، وآمل ألا نعود إلى تلك الأخطاء”، فشدّد على أن يتحمّل كل واحد مسؤوليته، فجعلنا نعيش رؤية لم يستطع أحد تحقيقها، واليوم وبعد 42 عاماً على إستشهاده، ما زلنا نسأل عن السيادة والاستقلال المفقودين، علّنا تسترجع أياماً عاشها لبنان بكرامة نفتقدها منذ غياب بشير.
في هذه الذكرى ووسط كل ما نعيشه من مصاعب وويلات، نشعر بالحنين الى بشير والى ولادة جديدة لدولة الحق والقانون والمساواة، برئاسة رجل دولة قلّ نظيره.
بشير نجح في أن يجعل من ذلك النصر قوّة لجميع اللبنانيين، عبر وعوده المطمئنة لهم، فحين نسمع تلك الخطابات نعتقد للحظات أنّ بشير حيّ معنا، فنعتذر من ذلك الرئيس الذي لم نستطع تحقيق حلمه، لكننا نستذكر أقواله التي تحاكي أوجاع الوطن، في ظل اللادولة التي نعيش انهياراتها اليومية وسقوط مؤسساتها، وغياب مسؤوليها الذين حوّلوا لبنان الى ما يشبه المزرعة.
إستذكار هذه المشاهد يدفعنا دائماً الى سؤال نردّده يومياً: ماذا لو بقي بشير حيّاً؟.