كتب أنطوان سلمون:
الأكيد ان امتزاج مشاعر الصدمة والحزن والغضب مع الخوف على المصير الذي أحس به اللبنانيون عامة والطائفة الشيعية خاصة والمقربون والمنتسبون للحزب، مع تأكيد رئيس قسم الاعلام العربي في وحدة الناطق باسم جيش العدو الاسرائيلي افيخاي أدرعي القضاء على أمين عام الحزب حسن نصرالله، وخاصة مع تأكيد المؤكد ببيان الحزب الذي نعى أمينه العام شهيداً على طريق القدس، سبق أن أحس به اللبنانيون والطائفة الدرزية عند اغتيال زعيمهم كمال جنبلاط.
واحس به اللبنانيون والمسيحيون عند اغتيال الرئيس بشير الجميل، كما أحس به اللبنانيون والمسلمون السنة عند اغتيال المفتي حسن خالد والرئيس رفيق الحريري، ليكون فهم وتفهم واحترام وتقدير المشاعر المتبادل بين اللبنانيين في رفضهم الاغتيال السياسي من الزعيم كمال جنبلاط مروراً بضحايا هذا الاغتيال من شهداء 14 آذار وثورة الارز الاحياء منهم والاموات من مسيحيين ودروزٍ ومسلمين سنّة وشهداء المرفأ من كل الطوائف وصولاً الى اغتيال حسن نصرالله، منطلقاً لوحدة عميقة حقيقية دائمة بعيدة من التزلف والتمييز والاستنسابية والتببيض.
لا شك ان ازاحةَ رمز ومسؤول لبناني لطالما أثّر بفعالية في الساحتين اللبنانية والاقليمية وقد التف حوله كثيرون كما اختلف مع توجهاته وممارساته ومشروعه كثيرون، أشعلت موجاتٍ لم تنته وربما لن تنته من الاسئلة والتساؤلات والشكوك والسيناريوهات وسببت طوفاناً من الاحتمالات والتسريبات عن العملية الزلزال وما سبقها من تحضيرات وكيفية وخلفية تتفيذها أمنياً استخباراتياً وعسكرياً.
لا شك وبعيداً من امتزاج المشاعر وسبراً للحقائق وتجميعاً للوقائع واستنتاجاً لها من الضروري الاشارة، والتذكير ان زلزال حارة حريك في السابع والعشرين من أيلول سبقته مؤشرات كثيرة لعدم استبعاد وقوعه لم يعرها الحزب وأمنه اهتمامه ربما او لم يستطع تداركه بما فقده من سيطرة أمنية وتقنية ومعلوماتية واستخباراتياً وهذا ما أظهرته الخروقات والاختراقات منذ الثامن من تشرين الأول 2023 وحتى لحظة اغتيال أمين عام الحزب وما بعده، والتي تمظهرت وظهرت في اغتيال العناصر والكوادر والقادة في الحزب وتجلّت مدوية مع دوي تفجير ما لا يقل عن ثلاثة آلاف جهاز “بيجر” بحامليهم من عناصر ومسؤولي الحزب وفي استكمال مجزرة البيجر في اليوم التالي مع مجزرة ثانية عبر تفجير أجهزة الحزب اللاسلكية.
عند غياب المعلومة الحقيقية تكثر التحليلات وتتعدد الاحتمالات والسيناريوهات والتسريبات التي قد تكون متعمدة مضللة، انطلاقاً من ان المعلومة الحقيقية تبقى ملك صاحبها او فاعلها الى يوم او لحظة الافراج عنها بتوقيته وقراره.
في الحدث الجلل الذي وقع في 27 ايلول 2024 وقعنا على معلومات مسربة عن مسؤولين أميركيين واوروبيين واسرائيليين غير معلومين لمحطات ووكالات وصحف ومواقع الكترونية، عن الكيفيات والخلفيات.
من المفيد التنويه على ان طلاب السنة أولى في كليات الاعلام في العالم والعاملون معاهد ومراكز التحليل السياسي والأمني والعسكري يعلمون ويتعلمون ان الف باء تحليل المعلومات والاستخلاص والاستنتاج منها حقيقة متينة موثوقة، يتلخص في وصفة مكوناتها “منَ، متى، أين، ماذا، لماذا وكيف” وما اصطلح عليه بالانجليزية :5W&1H
على سبيل المثال في “من” who قام بالعملية الجواب معروف اما في من who سرّب المعلومات التي أدت الى نجاح العملية فقد قرأنا في le parisien انه عميل ايراني وهنا وجب علينا وانطلاقاً من الوصفة المذكورة نفسها ان نسأل “من” سرّب المعلومة و”لماذا” وهل هو بصدد كشف عميله الكنز الثمين او انه يقوم باستكمال مفاعيل الضربة عبر دس اسفين بين الحزب ووليّه الايراني داعمه وخشبة خلاصه الأخيرة والوحيدة.
اما في ما تسرّب الى le parisien في “متى” وبـ”ماذا وبكم ولماذا” لا نكون امام افشاء أسرار او كشف خفايا اذ انها حقائق علمية مادية باستطاعة الخبراء في مجال المتفجرات والاسلحة والأمور الحربية والعسكرية والادلة الجنائية والجينية كشفها واعلانها والتاكيد عليها.
يبقى ان خلفيات الحدث وكواليسه ودهاليز التحضير له وادواته وشبكاته وشخصياته السرّية ستبقى من اسرار الدولة الأمنية والاستخباراتية الكبرى المحفوظة في ارشيف الموساد والشاباك وآمان والحكومة الاسرائيلية الأمنية المصغرة.
ويبقى ان الحقيقة الواحدة المعروفة من حدث 27 ايلول 2024 هي في ما رأينا لا في ما سمعنا وارادونا ان نقرأ والى ان يقضي الله امراً كان مفعولاً رحم الله الشهداء كل الشهداء وحما الله لبنان واللبنانيين من الآتي الأعظم.