Search
Close this search box.

مقاومةٌ أعادت الاحتلال والعين على إحياء ال 425

بقلم جورج أبو صعب
 

غريبةٌ مواقفُ لبنان الرسمي ومن خلاله مواقف حزب الله … فعندما كانت إسرائيل تبحث عن تطبيق القرار 1701 وتراجع الحزب وترسانته المسلّحة الصاروخية الى ما وراء الليطاني، كانت الحكومة اللبنانية وحزب الله يرفضان … بحجة أن إسرائيل خرقت القرار الأممي، وأن حرب الإشغال والمساندة لغزّة فوق كل اعتبار، أما اليوم فباتت الحكومة اللبنانية تعلنُ استعدادها لتطبيق 1701 وحزب الله يوافق ويطلب وقف إطلاق النار ويُبدي استعداده لفصل المسارَين بين بيروت وغزّة.

إنما الذي فاتَ الجانبين اللبنانيين أن إسرائيل، وخلال كل هذه الفترة، بدّلت أولوياتها وباتت تسابقُ الجانب اللبناني في طلب ربط الساحات ورفض وقف إطلاق النار، فانقلب سحر التصعيد على الجانب اللبناني الذي صعّدَ في البداية وباتت المعادلة مختلفة تماماً، إذ بدَلَ طلب تراجع الحزب الى ما وراء وراء الليطاني، أصبحت تريدُ سحق القدرات العسكرية والصاروخية لحزب الله على امتداد الأراضي اللبنانية.
 

إسرائيل لم تبادر فقط الى رفض وقف النار وتطبيق القرار 1701، بل ذهبت الى ما هو أبعد ألا وهو قرارها بالتغلغل داخل الأراضي اللبنانية لتأمين منطقةٍ آمنةٍ لشمالها، في نفس الوقت الذي صعّدت فيه هجماتها وغاراتها وعدوانها على الأراضي اللبنانية وصولاُ الى العمق البيروتي منذ يومين.

بالمقابل وبموازاة الهجمات على لبنان، استهدفت إسرائيل قوات “اليونيفيل” في الجنوب اللبناني في رسالة واضحة منها بأنها لم تعد تريد القرار 1701 ومندرجاته لأن هذا القرار الأممي لم يعد موضع حاجةٍ لديها بعدما تيقّنت القيادة في تل أبيب بأن الظروف الإقليمية والدولية تتيحُ لها الذهاب الى أبعد من مجرد منطقةٍ عازلةّ في جنوب لبنان أو مجرد ترتيبات إحياء القرار الأممي … ولعل السبب الأبرز في استدارة إسرائيل عن مطالبها الدخول الإيراني المباشر على خط السياسة اللبنانية الرسمية منذ زيارة وزير الخارجية الإيراني لبيروت وحتى ما قبلها، إذ وضعت إيران لبنان تحت إدارتها المباشرة .. فبعدما ضَعُفَ الوكيل تدخّل الموكِل الأصيل …
 

اليوم إسرائيل تريد ضرب القدرات العسكرية لحزب الله في لبنان، فيما إيران تريد تحدّي ومواجهة إسرائيل باللبنانيين وبلبنان، ففي وقتٍ أصبح المطلوب تجريد الحزب من ترسانته بات المطلوب إيرانياً مواجهة إسرائيل بالمباشر عبر وضع اليد الإيرانية على قرار لبنان الاستراتيجي، إذ بعد الاحتلال الإيراني “بالواسطة” بات الاحتلال الإيراني “بالمباشر” …
 

تقفُ إسرائيل راهناً أمام خيارَين عسكريين: إما تفكيك بنية حزب الله العسكرية وتدمير قدراته ولو تطلّب الأمر بعض الوقت لأسابيع أو أشهر، وإما جعل الحزب “يتشظى” ويتفكّك من الداخل، وهذا أمرٌ اختبرته إسرائيل سابقاً،
من هنا فإن المصادر الديبلوماسية الغربية التي تبدي تشاؤماً كبيراً حيال احتمالات المرحلة المقبلة في لبنان والمنطقة، لا تُخفي حقيقة موقف إسرائيل التي تجد نفسها حالياً أمام فرصةٍ ذهبيةٍ للقضاء على خصومها في المنطقة مهما كلّفها الأمر … فما يدورُ في أذهان القيادة الإسرائيلية كيفية مواجهة إيران التي باتت حتمية تمهيداً لتغييرٍ جوهري في صورة الشرق الأوسط وتوازناته، إذ بعد نزع ورقة غزّة من طهران ونزع ورقة لبنان ولو بعد حين، سيكون من السهل على القيادة الإسرائيلية الانقضاض على إيران نفسها، ولربما خطة الانقضاض هي التي تٌدرسُ حالياً في أروقة القرار بين تل أبيب وواشنطن، والمهم بالنسبة الى إسرائيل هو أن تضع شروط منطقة “شرق أوسط جديد” تنتهي بموجبه كل التهديدات لأمنها ومستقبلها انطلاقاً من اتفاقيات سلام توقّعها مع جيرانها وعمقها الإقليمي، وبالتالي هذا الهدف يمرُّ حتماً بسحق حزب الله في لبنان بعدما تم سحق حماس في غزّة بحسب التقييم الإسرائيلي … وإخضاع إيران …
 

رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرّفة يدركان أن أفضل الظروف متوفّرة حالياً في المنطقة في ظل عجزٍ دولي عن “فرملة” اندفاعتهما نحو المزيد من المواجهة واعتماد لغة الحرب لحسم المواقف حتى مع إيران وإنهاء الميليشيات ومنع امتلاك إيران للقدرة النووية …


 من هنا، فإن إسرائيل التي تريد السلام على طريقتها تسعى الى إسقاط التطرّف ضدها تمهيداً للإبقاء على قوى الاعتدال الإقليمي والعربي لضمان نشوء شرق أوسط جديد بحسب ما تراه … ولكن بأي ثمن؟!


هل يعود لبنان وبفضل تهوّر وتسرّع وعدم مسؤولية حزب الله ومحوره الى زمن المطالبة بتطبيق القرار 425 بدل القرار 1701 و1559؟ الظروف التي أحاطت بتحرير الجنوب في العام 2000 لم تعد موجودة حالياً، لا عربياً ولا دولياً، وبالتالي كيف سيكون بإمكان لبنان لأشهر الى الأمام إزالة الاحتلال الإسرائيلي عن أرضه؟!

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: