Search
Close this search box.

يهود إيران تحت مجهر نظام الملالي: الإمبراطورية الفارسية تجمعهم …و”الطيلسان” يفرّقهم (لينا البيطار)

لينا البيطار

اذا كانت إسرائيل في مسعى دائمٍ منذ إعلان قيام دولتها في العام 1948 من أجل جمع “شتات” اليهود حول العالم في كيان واحد، فإن سياسة إيران تبدو مغايرة لهذا التوجّه وهي سعت منذ قيام الجمهورية الإسلامية بعد الإطاحة بنظام الشاه في العام 1979 الى اعتماد سياسة “الإبقاء على مواطنيها اليهود” في إيران، وعدم الخلط بينهم من حيث الهوية والحقوق وبين سياسة إسرائيل وحلفائها وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأميركية في ظل الصراع العسكري القائم بين طهران وهذه الدول منذ عقود طويلة.

يهود إيران الذين يُطلق عليهم تسمية “الطيالسة” نسبةً الى الرداء (الطيلس أو الطيلسان) الذي يلبسونه أثناء الصلاة لدى المتديّنين منهم وفي الحياة اليومية لدى البعض خصوصاً مَن يُطلق عليهم إسم “يهود الحريديم” ينتمون الى الأقليات الدينية داخل إيران ولا يتجاوز عددهم 8 الآف يهودي، لكنهم يشكّلون ثالث أكبر جالية يهودية في منطقة الشرق الأوسط بعد إسرائيل وتركيا، وهم منذ العصور التوارتية المتأخرة حافظوا على وجودهم داخل الإمبراطورية الفارسية، فعاشوا في مجتمعاتهم الخاصة محتفظين بهويتهم العرقية والدينية واللغوية (غالبيتهم يتحدثون اللغة الفارسية كلغةٍ أم فيما تتحدث أقلية صغيرة اللغة الكردية)، حتى أنهم بعد الثورة الإيرانية فضّلوا البقاء “في بلدهم الوحيد” إيران، على الرغم من الصلات الوثيقة التي تربطهم بإسرائيل ومعارضتهم العلنية لسياسة الكيان الصهيوني.

“يهود الفرس” (Persian speaking people) لا ينفون التمييز ذا الطابع الإجتماعي والبيروقراطي الذي يتعرّضون له من قبل نظام الملالي في طهران (مدارس يهودية يُديرها مسلمون على سبيل المثال لا الحصر والعمل يوم السبت أي السبت اليهودي) لكنهم يعيشون يومياتهم بين الإنكار التام لإسرائيل أو التزام الصمت على قاعدة “ماذا يمكننا أن نفعل… هذا وطننا؟”، من هنا اعتمادهم “السلوكيات الدبلوماسية” لحماية أنفسهم، فاتصالاتهم الهاتفية وتحركاتهم تتعرّض لمراقبة أمنية مشدّدة، كما حظر دخولهم الى عددٍ من مواقع التواصل الإجتماعي وإقصائهم عن العديد من المناصب العسكرية والإدارية العليا خصوصاً النشاطات المتّصلة بالأمن القومي للبلاد مثل البرنامج النووي الإيراني، علماً أن نائباً واحداً يمثّلهم في البرلمان، وهم يتوزعون ديموغرافياً بين العاصمة طهران ومدن أصفهان وشيراز وتبريز وخوزستان وهمدان، ويمارسون شعائرهم في عدد غير قليل من المعابد المنتشرة في هذه المناطق (كنيس يوسف آباد وكنيس الحريري) إضافة الى مزارات ومقامات دينية مثل مقام النبي دانيال ومقام النبي يعقوب.

بين الانتماء الى الوطن الفارسي (يهوديان إيراني) والالتحاق ببَني دينهم الذين اجتمعوا من الشتات حول العالم في دولة إسرائيل، لا يبدو أن يهود إيران حائرون في الاختيار بين البقاء أو المغادرة، وإن تقلص عددهم من 100 ألف في مطلع ثمانينيات القرن الماضي الى 8 الآف وفق تحديث آخر إحصاء في العام 2021.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: