“التنكة” تُحلّقُ على علو 220 دولاراً.. مَن يعوّضُ على مزارعي الجنوب والبقاع خسارة موسم الزيتون؟

zeit

كتبت لينا البيطار:

عندما غنّت سفيرتنا الى النجوم السيدة فيروز “كان غير شكل الزيتون” لم تكن بالطبع تقصد الوضع الكارثي الذي لحقَ بموسم الزيتون هذا العام كما في العام الماضي من جراء العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان، مع تضرّر حقول الزيتون واحتراق عدد من الأشجار، منها المعمّرة، إذ إن لبنان يملك حقولاً تحتوي على أقدم أشجار الزيتون في العالم، فيما يُشكّلُ هذا القطاع “رأس الزراعات اللبنانية” متفوّقاً على قطاع القمح، ومسجّلاً ما نسبته 7% من إجمالي الناتج المحلي الزراعي.

“قطاف” الزيتون، خصوصاً في قرى وبلدات الشريط الحدودي، يُعتبرُ شريان الحياة الاقتصادية في الجنوب وبنسبة أقل في البقاع، علماً أن لبنان يُنتجُ ما يناهزُ 20 ألف طنٍ سنوياً، يُصدّر منها 5 الآف طن وتقارب عائدات قيمة الموسم نحو 40 مليون دولار سنوياً.

مع اندلاع المواجهات بين إسرائيل وحزب الله منذ الثامن من تشرين الأول الماضي، خسرَ المزارعون موسم القطاف الثاني الذي يبدأ عادة في منتصف تشرين الأول ويستمر حتى كانون الأول، خصوصاً مع تسجيل احتراق نحو 65 ألف شجرة زيتون تُعتبر مصدر الرزق الأساسي لنحو 100 ألف عائلة جنوبية نزحَ عدد كبير منها الى أماكن أكثر أمناً تاركين وراءهم مساحات واسعة من البساتين التي تُشكلُ ما نسبته 28% من إجمالي المساحات المزروعة بأشجار الزيتون، فيما عَمدَ مَن قرّرً البقاء في أرضه رغم المخاطر الأمنية المتمثّلة بالقصف العشوائي الى قطف الموسم قبل أوانه تحسّباً لتطورات الوضع الميداني، فأتت كمية المحاصيل متواضعةً هذا العام قياساً بالأعوام السابقة.

الى الصعوبة في قطف الموسم، واجًه المزارعون معضلة معاصر الزيتون التي خرج عدد كبير منها عن الخدمة بفعل نزوح سكان القرى الحدودية، الى تكلفة اليد العاملة وتكلفة عصر الزيتون التي قاربت هذا العام 10سنتات للكيلوغرام الواحد، وتكلفة التحميل والنقل، من دون أن ننسى صعوبة التصدير الى الخارج وكلفته العالية، علماً أن لبنان يُصدّرُ انتاجه من فائض الاستهلاك المحلي الى الولايات المتحدة الأميركية والكويت والإمارات العربية المتحدة، ومع ارتفاع الطلب على الزيت والشحّ بالكمية “حلّق” سعر تنكة الزيت الى 220 دولاراً مع وصولها الى بيروت.

أما الطامة الكبرى فهي تضرّر الأراضي من جراء إلقاء إسرائيل على حقول الزيتون القذائف الحارقة التي تحتوي على مادتي الفوسفور الأبيض واليورانيوم، علماً أنه من الصعب تعويض الأشجار في المدى المنظور، كما أن وزارعة الزراعة لم تُصدر لغاية تاريخه أي بيانٍ رسمي حول الضرر الذي لحق بالتربة، وبالتالي لا إحصاءات حول الأضرار الناتجة عن استخدام المواد الحارقة خلال أعمال القصف.

موسم “قطاف” الزيتون هو قيمة إضافية للاقتصاد اللبناني المتعثّر من جراء الأزمات المتلاحقة منذ خمس سنوات، ما شكّل ضربة قوية للمزارعين والعمال المياومين وذوي الدخل المحدود وأصحاب المعاصر، وذلك للعام الثاني على التوالي.. ويبقى الأمل مع ترداد كوبيله “مش كاين هيك تكون”، وهو عنوان الأغنية الفيروزية، أن لا تتكرّر مآسي الخسائر التي يتكبدها اللبنانيون منذ سنوات خمس ونيف..

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: