كتب أنطوان سلمون: على الرغم من كل سرديات وموشحات النصر وكسر اسرائيل، وعلى الرغم من التشبث المبدئي اللفظي بالاحتفاظ بالمقاومة وسلاحها وثلاثيتها الذهبية والتي وردت على السنة اعلاميي الحزب ونوابه وبعض قيادبيه، لفت ما ورد على لسان الشيخ نعيم قاسم أمين عام الحزب في ختام اطلالته التي سبقت ومهدت للاعلان عن قبول لبنان الرسمي مفوّضاً من الحزب باتفاق وقف اطلاق النار بكامل بنوده وكامل مندرجاته، ليكون ما خلص اليه في خاتمة اطلالته الاخيرة، والتي تأجلت وفقاً للتطورات، اقراراً بحقيقة ما حصل وباستشراف ما قد يكون قد استوعبته قيادة الحزب ومن خلفها ايران، من جديّة في التعاطي اللبناني المعارض والحليف المستجد، والعربي، والأميركي والدولي والاسرائيلي، مع سلاح الحزب ودوره وتأثيراته ومستقبله اذ قال حرفياً بما يشبه الرد على المحتفلين والمغالين والمتملصين.
بعد الحرب هناك ٤ أمور:
– سنبني معاً بالتعاون مع كل الشرفاء والدول التي ستساعد
– سنقدم مساهمتنا الفعالة لانتخاب الرئيس من خلال المجلس النيابي بالطريقة الدستورية
– ستكون خطواتنا السياسية تحت سقف الطائف
– سنكون حاضرين في الميدان السياسي لنبني ونحمي
ولأن الخارطة السياسية الانفتاحية وخطواتها التي استخلصها قاسم قد وضعها تحت سقف الطائف، قبل ان يوضع لبنان الرسمي وحزبه تحت بنود اتفاق وقف اطلاق النار ووهج الضمانات الأميركية لاسرائيل متسلحة بلجنة الرقابة التي يرأسها ضابط اميركي، يصبح من المفيد والملّح ان نحيل قيادة والحزب ونوابه واعلامييه وناشطيه المغالين المنتشين بالنصر الى ما ورد في دستور اتفاق الطائف السقف الذي سيظلل ويلهم خطوات قيادة الحزب السياسية في المستقبل.فنقرأ في مقدمته والتي تعد جزءا لا يتجزأ من الدستور.
لبنان وطن سيد حر مستقل، وطن نهائي لجميع ابنائه, واحد ارضا وشعبا ومؤسسات، في حدوده المنصوص عنها في هذا الدستور والمعترف بها دولياً… ارض لبنان ارض واحدة لكل اللبنانيين. فلكل لبناني الحق في الاقامة على أي جزء منها والتمتع به في ظل سيادة القانون، فلا فرز للشعب على أساس اي انتماء كان، ولا تجزئة ولا تقسيم ولا توطين…
كما نقرأ في بنود الدستور وسقف الشيخ قاسم وحزبه غياب اي ذكر لتشريع “مقاومة الحزب” وحضور قوي واضح وجلي في النص الدستوري الصريح الذي يفضي الى “نزع سلاحه شأنه شأن بقية الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية” اذ تورد نصوص الدستور والذي تعهد امين عام الحزب بـ”العمل تحت سقفه”.
ثانياً: وتحت عنوان “بسط سيادة الدولة اللبنانية على كامل الأراضي اللبنانية” بما انه تم الاتفاق بین الأطراف اللبنانیة على قیام الدولة القویة القادرة المبنیة على أساس الوفاق الوطني، تقوم حكومة الوفـاق الـوطني بوضـع خطـة أمنیـة مفصـلة مـدتها سـنة، هـدفها بسـط سـلطة الدولـة اللبنانیـة تـدریجیاً علـى كامـل الأراضـي اللبنانیة بواسطة قواتها الذاتیة، وتتسم خطوطها العریضة بالآتي:
1ـ الإعلان عن حل جمیع المیلیشیات اللبنانیة وغیـر اللبنانیـة وتسـلیم أسـلحتها إلـى الدولـة اللبنانیـة خـلال سـتة اشـهر تبـدأ بعـد التصـدیق علـى وثیقـة الوفـاق الـوطني وانتخـاب رئـیس الجمهوریة وتشـكیل حكومـة الوفـاق الـوطني واقـرار الإصـلاحات السیاسیة بصورة دستوریة.
ثالثاً: وتحت عنوان “تحریر لبنان من الاحتلال الإسرائیلي”
“استعادة سلطة الدولة حتى الحدود اللبنانیة المعترف بها دولیاً تتطلب الآتي:
أـ العمل على تنفیذ القرار 425 وسائر قرارات مجلس الأمن الدولي القاضیة بإزالة الاحتلال الإسرائیلي إزالة شاملة .
ب ـ التمسك باتفاقیة الهدنة الموقعة في 23 آذار 1949 م.
ج ـ اتخـاذ كافـة الإجـراءات اللازمـة لتحریـر جمیـع الأراضـي اللبنانیـة مـن الاحـتلال الإسـرائیلي وبسـط سـیادة الدولـة علـى جمیع أراضیها ونشر الجیش اللبناني في منطقة الحـدود اللبنانیـة المعتـرف بهـا دولیـاً والعمـل علـى تـدعیم وجـود قـوات الطوارئ الدولیة فـي الجنـوب اللبنـاني لتـأمین الانسـحاب الإسـرائیلي ولإتاحـة الفرصـة لعـودة الأمـن والاسـتقرار إلـى منطقة الحدود.
لنصل الى ما قَبِلَ به الحزب “منتصرا” بعد حرب الـ٦٦ يوما من بنود بسط السيادة ونزع السلاح ومراقبة نزعه ومنع عودته وعودة حامليه في اتفاق 27 تشرين الثاني 2024 ونكتفي في هذا الاطار ومن هذا الاتفاق ما تكاد تكون تفسيراً وملخّصاً لروح وجوهر البنود المذكورة والتي شكلّت بنيان اتفاق وقف اطلاق النار او ما أطلق عليه الممانعون اتفاق “الانتصار”، وهي مقدمته التي يرد فيها:
“تعكس هذه التفاهمات الخطوات التي تلتزم بها إسرائيل ولبنان من أجل التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701، مع الاعتراف بأن قرار مجلس الأمن رقم 1701 يدعو أيضًا إلى التنفيذ الكامل لقرارات مجلس الأمن الدولي السابقة له، بما في ذلك “نزع سلاح جميع الجماعات المسلحة في لبنان”. بحيث تكون القوات الوحيدة المخولة بحمل السلاح في لبنان هي القوات المسلحة اللبنانية وقوى الأمن الداخلي ومديرية الأمن العام والمديرية العامة لأمن الدولة والجمارك اللبنانية والشرطة البلدية. (يشار إليها فيما يلي بـ”القوات العسكرية والأمنية الرسمية في لبنان”).
عليه وعملاً بالمبدأ القانوني “الاعتراف هو سيد الأدلة” يكون اعتراف والتزام الشيخ نعيم قاسم بدستور الطائف وتكون موافقة الحزب على بالوكالة والتفويض على المفاوضات، التي افضت الى التوقيع وبالاصالة في مجلس الوزراء عبر وزيري الحزب على مقدمة وبنود اتفاق وقف اطلاق النار، رضوخاً وقبولاً بنزع سلاح الحزب واعترافاً بـ”تلاشي مشروعية العمل المسلح للحزب” المتلاشية اصلاً منذ الانسحاب الاسرائيلي في العام 2000 على ورد في الصفحة 20 من “الطريق الآخر” -الكتاب البرتقالي وهو البرنامج الانتخابي الذي اصدره “التيار الوطني الحر” في ايار 2005.