بدا من الواضح أن المشهد الداخلي في لبنان بدأ يشهد متغيّرات كبيرة لجهة الاستعدادات والتحركات التصاعدية المتصلة بمسارين بالغي الأهمية المصيرية والمتزامنين تقريباً وهما: استكمال الاجراءات العسكرية والأمنية الملقاة على عاتق لبنان الرسمي و”حزب الله” والتحفز لجلسة 9 كانون الثاني المقبل لانتخاب رئيس الجمهورية وعدم الاطاحة بهذا الموعد بعدما ظهرت معطيات مثيرة للتشكيك في حتمية انتخاب رئيس في هذا الموعد.
وعكست معالم الحركة السياسية في كواليس المسار الرئاسي تصاعداً كبيراً لحمى الاتصالات، والتي بدا العامل الأكثر إثارة للانشداد فيها هو السعي المتعدد الاتجاهات إلى انطلاق مسار مشاورات حتى بين القوى المتعارضة والمتخاصمة سعياً إلى تقارب في طرح أسماء مرشحين “توافقيين” ينتخب أحدهم بأكثرية كبيرة وإلا الاتفاق على أن تكون الجلسة حاسمة بحيث تتحول إلى جلسة بدورات مفتوحة ولو أدت إلى انتخاب رئيس بالأكثرية العادية.
وترصد الأوساط السياسية والديبلوماسية ما تردّد عن “فاتحة” هذه الحمى بلقاء بين وفد من نواب كتلة الجمهورية القوية ورئيس مجلس النواب نبيه بري بالتوازي مع لقاء متوقع بين رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع والرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، إذ أن من شأن هذه التحركات أن تنقل المسار السياسي المأزوم إلى نقلة جديدة تطل على مرحلة ما بعد الحرب والاستعداد للجلسة الانتخابية.
ومع ذلك، فإن المطلعين على معالم الاطلالة على مرحلة تقريرية وحاسمة للاستحقاق الرئاسي بعد طول تعطيل لانتخاب الرئيس يلفتون إلى تعقيدات كبيرة تقف من دون الافراط في التفاؤل أو اطلاق توقعات استباقية، إذ أن حسابات ما بعد الحرب تداخلت بقوة مع ملف طرح أسماء المرشحين الجديين وربما تكون الأمور أمام خلط واسع جداً للاوراق والأسماء خصوصاً بعدما ثبت أن الدول المعنية برعاية اتفاق وقف النار كما الدول المعنية بالوضع اللبناني بدأت تتداول بجدية حاسمة أسماء مرشحين وتجري استقصاءات حيالهم تمهيداً لبلورة مواقفها الوشيكة من الاستحقاق.