كتب أنطوان سلمون:
“إن بعض الظن اثم”
للأسف لم يعمل الحزب الممانع الاسلامي المدعي الأصالة في الدين والايمان بما ورد في الآية الكريمة 12 من سورة الحجيرات في القرآن الكريم، في علاقاته وأحكامه على الأقربين قبل الأبعدين مخالفاً التعاليم والشرع والفقه والعلماء وارادة رب العالمين ليصدق في الحزب ومريدوه وابواقه وصحافييه ما قاله الفيلسوف ابن سينا “بُلِينا بِقَومٍ يظنّون أنّ الله لَمْ يُهْدِي سِوَاهُم”.
تصديقاً على مطابقة قول ابن سينا على “قوم” الحزب يقول أمين عامه الراحل السيد حسن نصرالله في 1 آب 2022: “حل عنّي يعني أنت أصلاً إنسان؟ أنا الله مكلفني أنت مين كلّفك، نحنا ناس الله مكلّفنا أنت مين مكلّفك”.
لقد حاكم الحزب خصومه وحكم عليهم ونفذ عليهم أحكامه على النيات لا على وقائع ولا على ادلة ولا حتى قرائن فمنذ نشأته وحتى الساعة يخوض حروبه داخل الساحة اللبنانية مخوناً مكفراً متهماً من دون اقامة الدليل على خيانة او كفر او عمالة حركة امل والحزب الشيوعي اللبناني ومنظمة العمل الشيوعي وحزبي البعثين العراقي والسوري والحزب السوري القومي الاجتماعي والكتائب والقوات والحزب التقدمي الاشتراكي والاحباش والمستقبل وعرب خلدة وصولاً الى مؤسستي الجيش اللبناني والقضاء العدلي والعسكري والاستئنافي والتمييزي.
كما أصدر الحزب وابواقه وصحافيوه وتصدرت صحفه الاتهامات بالعمالة والاحكام على نوايا لم تعلن ولم تؤكد بحق الخصوم من شخصيات تناصبه المعارضة والاعتراض والمقاومة بالموقف والكلمة والرأي الحر وكثيراً ما كانت تمهيداً وتبريراً لعشرات الاستهدافات والاعتقالات والاعتداءات والاغتيالات.
منذ الفراغ المفتعل من الحزب في سدة الرئاسة الأولى شحذت الهمم وبيعت الذمم وسنت الاقلام وخناجر هذا “القوم” للطعن بكل مرشح لا يستسيغه الحزب ولفبركة نوايا لم تخطر على باله او كلام لم يقله وخطط لم تمر في ذهنه، وكل ذلك حرقاً لاسم وقطعاً لطريق واسقاطاً واسكاتاً لأي معارض منتهجة العصا من دون الجزرة وسيلة غير مشروعة لانجاح مرشح الحزب.
هذا ما امتلأت به صفحات الممانعة الصفراء وانتشرت على شاشاتها مفترية على المرشحين المعلنين ميشال معوض وجهاد ازعور وتمتلئ به اليوم مستهدفة قائد الجيش العماد جوزاف عون والدكتور سمير جعجع والذي لم يعلن ترشيحه مخترعة نوايا لم يضمرها هذا الأخير ولم يعلنها الأول ومؤلفة وكاتبة لحوارات وسيناريوهات عن التآمر مع الاميركي والصهيوني وخططاً تدميرية فتنوية تدحضها شهادات ابناء بيئة الحزب نفسه والذين تمتعوا بحسن ضيافة بيئة حزب سمير جعجع وحماية الجيش الذي استشهد له ضباط وجنود اثناء انقاذهم وانتشالهم لعناصر ومسؤولي الحزب “الآثم بالظن” الذي تكلم عنه القرآن الكريم.
لقد وصلت الأمور بالمفبركين الحاكمين على النوايا ان تصوروا او تخيلوا سعادة واغتباطاً واحتفاء بموت زعيم او تضرر طائفة وتمنياً بموت آخر وفي هذا قمة الافتراء والتجريح والتحريض وهدر الدماء تماما كما سبق ان حصل مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري وبقية شهداء ثورة الارز الاحياء منهم والاموات والاتهامات التي سبقت اغتيالهم او استهدافهم …
قد تكون قضية صاحب الراي والناشط السياسي والثقافي الشهيد لقمان سليم وما سبق خطفه واغتياله خير دليل على التمهيد والتحريض وهدر الدم اذ كتب الصحافي الممانع في صحيفة الاخبار الممانعة ابراهيم الأمين في 17 أيلول من العام 2012، متوجهاً الى سليم متوعّداً إياه ومن معه مِمَن أسماهم “شيعة السفارة”: “ألا يتحسّس هؤلاء رقابهم وهم يخرجون يومياً من منازلهم النجسة؟ ألا يرَوْن وصمات العار وهي ترتسم فوق جباههم، فيما الناس يرمقونهم بنظرة الحقارة؟ أم هم يعتقدون بأنهم سينجون بفعلتهم إن هم قرروا أنّ عمالتهم هي مجرد وجهة نظر، أو مجرد رأي، يمكن، بل يجوز منطقياً ووطنياً وأخلاقياً إشهاره في وجه المقاومة”؟… كما طالب ابراهيم الأمين هؤلاء “بالابتعاد عن غضب الناس الآتي إليهم في أيّ لحظة، (…) وربما وجَب عليهم معرفة أنهم تحت النظر، وتحت المتابعة لكل الموبقات التي يقومون بها”، متوعدًا إيّاهم بـ”محاصرتهم حتى إفقادهم كل قدرة على النطق بالكفر”.
وبعد اغتيال سليم المسالم كتب “الأمين” على توجيهات الحزب شامتاً في “أول الكلام” في 15 شباط من العام 2021، “انّ من قُتل، قُتل بصفته ممّن ينتمون إلى المحور الذي تقوده أميركا والسعودية والإمارات و”إسرائيل”، وهدفه واضح ومحدّد، أن يكونوا ضمن فلك الغرب وربيبته اسرائيل وأتباعهم”.
ويؤكد الأمين أنه “لن نتوقف عن التشهير بكم حيث تعملون، وحيث تخدمون فرقة التحالف الشرير مع “إسرائيل”، بقصد تدمير بقية الذات العربية في فلسطين ومحيطها”.
في نفس الصحيفة تاريخ 6 كانون الثاني 2025 نقع على مقال تأسس على محاكمة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع على “نوايا” وعلى “إثم سوء الظن” الذي حذّر منه القرآن الكريم اذ يسرد كاتب المقال تخيلات عن مؤامرات وتنبؤات بافكار واحاسيس وشعور داخلي باطني عدائي لجعجع تجاه شركائه في الوطن لا تؤكدها الوقائع لا بل تدحضها وتكذبها وتردها على مطلقيها.
لم يكتف الحزب الديني بمخالفته تعاليم واوامر ونواهي الكتاب -القرآن الكريم المصدر الأول والأصل في الدين الاسلامي على ما تبيّن بالوقائع والشواهد بل خالف واختلف مع المصدر الثاني السنّة-الحديث النبوي الشريف الذي أكد على “البينة على من ادّعى وعلى اليمين على من أنكر”.